مواضيع اليوم

الجبروت فوق الآلام في دارفور

.زاهي رشيد علامة

2009-03-14 06:58:30

0

الجبروت فوق الآلام في  دارفور

 

اخر فصول مسلسل الدراما العربية – الكرامة- ما نراه اليوم في قضية الرئيس السوداني المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية. الكرامة بالمفهوم العربي هي معجم واسع من أعمال المقاومة والصمود في وجه الآخر أكان على حق أم لا، الحق ليس مهماً لأن الكرامة تقتضي بتحقيق الذات العربية بالصواب او الخطأ. المهم أن يحقق العربي ما في رأسه حتى لو على حساب الانسانية، ومن يعترض على ذلك متهم بمحاولة النيل من العرب وطبعاً الاسلام لاحقاً، ويبدأ عرض مسلسل الكرامة بالتظاهرات الرنانة وحرق الأعلام والصور وهي أكثر فنون العرب اجادة. عجيب أمر العرب أينما وجدوا، ينادون بالكرامة والكرامة بعكس ما يفهمونها جميعاً، أتساءل بنفسي عن أي معنى من معاني الكرامة ينادي الجمهور السوداني بها في حضرة رئيسهم الذي يختال بين الحشود شاهراً عصاه السحرية ملوحاً بها راقصاً على أنغام الهتافات فوق قبور الالف القتلى في دارفور. هل كرامة السودانيين هي في رئيسهم المتهم؟ أم في دولتهم الممزقة؟ الكرامة عند السودانيين كما عند مجمل العرب مصطلح مبطن لمصادرة الحقوق المدنية لأبناء الدولة برضاهم والهائهم عن الأساس، حبذا لو قام السودانيون بمظاهرات لتحسين وضعهم الاقتصادي وهم في أرض تزخر بالموارد الطبيعية وتفيض بالخيرات بدلاً من التسلل الى اسرائيل للعمل تحت أيدي الصهاينة. حبذا لو ان الشعب السوداني طالب باحلال السلام بين القبال المتنازعة بأكثر من أربعة وثلاثين حرباً  ضروساً  فقط بين عامي 1930 الى 1970. حبذا لو أن العرب الاقحاح في السودان وقفوا الى جانب حسن الترابي - سجين الرأي لا جرائم الحرب - عندما تم سجنه لأنه تمنى على الرئيس البشير أن يواجه المحكمة بالحق وعدم توريط السودان الجمهورية بنزاعات دولية. لم استغرب ابداً أن لا يقف هؤلاء الاشاوس الجنجويد الى جانب الترابي، لأن امتطاء الخيول وحمل السيوف في وجه اهالي دارفور عمل أهم وعقلاني أكثر، والجنجويد بحد ذاتهم قصة أخرى. الكرامة العربية عند عصابات الجنجويد هي اغتصاب النساء وذبح الاطفال وجرائم الابادة البشرية والغزو والنهب، الكرامة عند العرب هي مرض نفسي يداونه بهلك الضعفاء فاقدي القوة والحيلة بدلاً من مواجهة الانحطاط المرير. العرب كلهم على حق عندما يطالبون بمحاكمة الصهاينة على مجازرهم وأنا لا أؤيد ذلك بقوة فقط بل أصلي ليل نهار لنحقق هدا الحلم, لكن العالم كله على حق إذا طالب بمحاكمة عربي ، رئيساً أم مواطناً عاديا", إذا اشتبه بارتكابه جرائم‘ كما محاكمة ميلوسوفيتش وكرازاديتش، كما محكمة كمبوديا وروندا. الانسانية اكبر من الشخص بعينه‘ حقوق المواطنين بالعيش الكريم حق على اختلاف العرق والدين واللون وغيرهم‘ أما التطهير العرقي فهو جريمة فيها غضب الله قبل عبيده. المؤسف أكثر في قضية دارفور ان هذا الإقليم يتبع لدولة السوادن فلماذا هذا الصراع العرقي؟ الجواب في بلاد العرب معروف وبسيط هو عدم وجود مفهوم الدولة والمواطنية عن السكان، الدولة الحاضنة للجميع على تنوع مشاربهم ومعتقداتهم. مفهوم الدولة عند العرب هي شريعة الغاب دستورها الحكم بالقوة داخلياً وحماية اكذوبة الكرامة خارجياً والشعوب الضعيفة تصدق. في مواجهة الخارج، الرئيس في البلاد العربية يصبح الاب والرعية هم أبناؤه، إنها الأبوية المستحدثة كما يقول المفكر العلماني الكبير هشام شرابي، حيث لا احد يفهم الدولة بمفهومها الصحيح كعقد اجتماعي، بل تؤخذ بالعاطفة والشخصانية والعائلية تماماً كما حدث مع نجل الرئيس الليبي معمر القدافي في سويسرا، حيث أصبح الابن المخطئ في قانون الدولة الاوروبية رمزاً لصراع الكرامة المخترعة، أفضل بكثير لو ان ليبيا تكشف مصير الإمام المغيب موسى الصدر بدلاً من نزاع غير منطقي ولا داعي له مع سويسرا، وفيه من الانسانية الكثير عكس الاعتداء على النساء في فنادق جنيف.

هذه هي الكرامة العربية، تسمية لابن السفاح من اغتصاب الحقوق، والمغتصبة شاءت أم أبت ستربي هذا المولود.

هذه هي الكرامة العربية موضوع قلق عند محاكمة المخطئين ومدعاة فخر الجبروت طوال سنوات الآلام في دارفور.

 قبل ان ننسى، أين الكرامة من طرد منظمات الإغاثة الإنسانية الخيرية من السودان؟




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !