الجاسوسية والجاسوسية المضادة
بنكهة مغربية
إدريس ولد القابلة
ليس ضرورياً أن يكون الجاسوس ملماً بالنواحي العسكرية ، أو يملك خبرة فنية في تخصص ما، أو ذو علم غزير يستفيد من ورائه العدو. فالجاسوسية الحديثة لا تشترط وجود أي من هذه الصفات لدى الجاسوس. كل ما في الأمر، أن يكون منزوع الانتماء . فقيد الضمير، يسعى بين أهله ومواطنيه كالحية الرقطاء تتربص بالفريسة. لكن لكل مخابرات في العالم دورها وعملها السرّي الكثيف من أجل تأمين استقرار النظام ومصالح البلاد،و لهذه المخابرات وسائلها المشروعة وغير المشروعة لبلوغ غاياتها.
لقد ظل التجسس أو الجاسوسية تنعت بالمهنة القدرة عند عموم الناس، وأغلب ممتهنيها يتسكعون في الخمارات ومجامع اللهو والقمار والفساد. إن الجاسوسية هي في واقع الأمر حرب في الظل.
وهناك حقيقة "سرمدية" تقر أن الجاسوسية – برغم ما ينشر عنها من دراسات – إنما هي "أمر" سري يغلفه الصمت ويحيطه الكتمان . وما يكتنفها من غموض هو محاولة لإخفاء وجه الجاسوسية ونشاط العاملين فيها.
ولأن الجاسوسية هي "السلاح الرابع" كما يطلقون عليها – بعد سلاح الطيران والبحرية والقوات الجوية – فهي أولاً وأخيراً تعتمد على عقول ماهرة تكشف الحقائق وتحلل المعلومات وتستخلص النتائج وتضع الخطط، وتصنع ما لا يتخيله عقل أو منطق من خداع وحرب خفية أسلحتها الذكاء، والشفرة، والرموز، وأجهزة الإرسال ، وآلات التصوير والتسجيل واللجوء لشتى السبل من إغراء أو تهديد أو ترهيب وغيره لتجنيد الجواسيسواستقطاب العملاء . لقد أصبحت الجاسوسية في عصرنا الحالي تعد من الأدوات الأساسية في تحديد السياسات الدبلوماسية للدولة الحديثة، كما أنها "المستشار الخفي" للحكام والحكومات عند اتخاذ القرارات المصيرية.
وبالرغم من اختلاف جاسوس اليوم عن جاسوس الأمس بفعل تطوير التكنولوجيا الحديثة والتقاط الصور الجوية بواسطة أقمار وطائرات التجسس، إلا أن الموارد "البشرية" لا يمكن إهمالها أو الاستغناء عنها، وستظل الجاسوسية أبد الدهر تعتمد على العملاء والجواسيس، مهما قيل عن احتلال الأجهزة والوسائل التكتيكية التي تلاشت أمامها حجب الأسرار وخفاياها.
فهل يمكن الحديث عن جاسوسية وجاسوسية مضادة مغربية خالصة ؟
هذا الملف يسلط النزر من إضاءات على هذه الإشكالية بالأمس واليوم. يحوي هذا الملف شذرات من ممارسات ووقائع وأحداث وتداعيات أبطالها محسوبين على المخابرات أو من كانوا على علاقة وطيدة بها أو مجرد متهمين بالتعامل معها. إنها معلومات وحقائق ووقائع وقرائن نسجها جواسيس يعلمون بصفتهم هذه وآخرون لا يعلمون أنهم جواسيس.
بصمات المخابرات الغربية
من العرف لدى مختلف مخابرات العالم أن "الغسيل الداخلي" لا يجب نشره خارج مطابخ "الأسر المخابراتية". إلا أنه أحيانا تنكسف الأمور ويتم التخطيط لنشر هذا الغسيل في واضحة النهار. وحتى إن لم يتم نشر الغسيل لا محالة أن المخابرات الغربية تترك بصماتها بالمغرب.
لقد اهتمت المخابرات الإسبانية ( CNI ) اهتماما خاصا ببلادنا. ومنذ سنوات حاولت هذه المخابرات جاهدة لتجنيد مغاربة من أوساط رجال الأعمال وفعاليات المجتمع المدني وجمعياته أو بين المتزوجين زواجا مختلطا.
اعتبارا للروابط التاريخية والثقافية، ظلت بصمات المخابرات الفرنسية ببلادنا واضحة للعيان وقائمة باستمرار. إن وجوها بارزة من المخابرات الفرنسية (DGSE) اضطلعت بمهام سامية رسمية بالمغرب. ولعل أبرزها "برونو جوبير" القائم الأسبق على مديرية الاستراتيجية بالمخابرات الفرنسية والذي سبق وأن حل سفيرا بين ظهرانينا.
ومنذ 2001 تأكد بالملموس وجود فرع المخابرات الأمريكية "سي.إي.يا" بالمغرب. وهذا ما ظلت تشي به البعثات الأمريكية التي ضمت ممثلي الأمن الفيدرالي "إب.بي.آي" والمخابرات المركزية و"نازا" الوافدة إلى بلادنا تحت تغطية التعاون للتصدي للإرهاب.
فضاءات الجاسوسية المغربية
حسب أكثر من مصدر،إن محاولات الاستقطاب غالبا ما تبدأ لحضور حفلات رسمية،ثم تتبعها دعوات لزيارات المغرب، علما أن أغلب المستقطبين بهذه الطريقة ليسوا بالضرورة جواسيس يعملون مباشرة وعن علم ودراية لحساب المخابرات المغربية وإنما يجندون من أجل الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى.
وقد دأبت المخابرات المغربية على تجنيد الناجحين والمتألقين من أفراد الجالية المغربية في الخارج في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية والتجارية والرياضة والثقافية.
إن أغلب الجواسيس المغاربة النشيطين خارج الحدود ينتمون إلى المديرية العامة للدراسات والثوثيق (لادجيد)، إلا أن عددا منهم ينتمي إلى مديرية مراقبة التراب الوطني (ديسطي). والغالبية الساحقة من هؤلاء يتحركون بأوروبا وأمريكا الشمالية،سيما في الفضاءات التي يقطن بها أفراد الجالية المغربية،وعدد كثير منهم يتخذون كتغطية،وظائف عادية بجملة من التمثيليات الدبلوماسية. حاليا تكاد مهمتهم تنحصر في مراقبة الانفصاليين والإسلاميين والمعارضين المتطرفين وبعض رجال الأعمال. ولازالت فرنسا، خلافا لباقي العالم، تشكل فضاء يوفر أدواء عمل مساعدة جراء تعاون ومساعدة زملائهم من عناصر المخابرات الفرنسية.
وتعتقد أكثر من جهة أن أفراد وكالة المغرب العربي للأنباء "لاماب" العاملين خارج الحدود المغربية مطالبون - بشكل إلزامي وشبه رسمي- على إعداد "مذكرات خبرية" تسلم للرؤساء المباشرين تتضمن ما يعاينون وكل ما يبلغ إلى علمهم من معلومات وقرائن. ومن الغريب في هذا المضمار، سبق لإحدى المحاكم الإسبانية أن أشارت في مثن أحكامها إلى العلاقة العضوية والمفصلية بين "لاماب" و"لادجيد". ولا تخلو إل سفارة أو قنصلية في العالم من جواسيس يعملون تحت غطاء الصفة الدبلوماسية.
جواسيس مغاربة هنا وهناك
برزت أسماء مغاربة هنا وهناك عبر العالم أتّهموا بالجاسوسية.
حالة"أمين . ب":
كشفت صحيفة "آ.بي.سي" الإسبانية في غضون سنة 2004 أن المخابرات الإسبانية استقطبت الإمام "أمين. ب" بعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت مدريد في 11 مارس 2004 . وقد تكلف الإمام المجند بإعداد تقارير عن المغاربة والإسلاميين لتسليمها بانتظام لمخابرات الإسبانية.
انكشف أمر إمام مسجد "ألكار" بإحدى ضواحي مدينة "فلانسيا" ،المغربي الأصل، خلال مسار اتهامه بالتحرش الجنسي ومحاولة اغتصاب فتيات مغربيات تتراوح أعمارهن بين 6 و 11 سنة. وقد أشارت إحدى الجرائد المحلية "لافرداد" أن المخابرات الإسبانية حرصت على إقبار القصة والتستر عليها عندما أقدمت بعض الأسر على إيداع شكايات ضد الظنين.
استقر "أمين" لمدة 18 سنة ، وبعد اتهامه حين كان يسافر إلى طنجة كانت عناصر المخابرات الإسبانية النشيطة والعاملة بالمغرب لمراقبته عن قرب خوفا من قدومه على كشف تجنيده من طرف المخابرات الإسبانية للمسؤولين المغاربة. وقد تمكنت عناصر المخابرات بإقناعه للعودة إلى إسبانيا بعد أن وعدوه بإطلاق سراحه فورا في حالة إلقاء القبض عليه وسجنه.
جاسوس ألمانيا:
تعرف الجمهور لأول مرة على من سمي بـ "جاسوس ألمانيا" بفضل جدادة وكالة الأخبار الفنسية "أ.إف.بي" التي أشارت أن جاسوسا تحمل جنسية مزدوجة ، مغربية - ألمانية، تم اعتقاله بالديار الألمانية.
ووجه "محمد. ب" - 56 سنة – بتهمة التجسس لفائدة المخابرات المغربية بخصوص الانفصاليين الصحراويين المقيمين بألمانيا.
نور الدين مالكي:
أتهم نور الدين مالكي، الأمريكي من أصل مغربي، بالجاسوسية. وأقرت وسائل الإعلام الأمريكية بأنه اعترف بذلك أمام هيأة المحكمة التي تابعته في النازلة. ومن المحتمل جدا أن لكون اسم "نور الدين مالكي" مجرد اسم مستعار وليس اسمه الحقيقي ، ويبلغ سنه 46 سنة وكان يعمل ضمن القوات العسكرية الأمريكية كمترجم.
لقد توبع جراء كشفه على فحوى جملة من الوثائق ذات طابع سري مرتبطة بالدفاع الأمريكي وتهم مواقع قواعد الثوار العراقيين المستهدفة من القوات المسلحة الأمريكية.
جاسوس البلاد المنبسطة:
في عضون سنة 2008 تفجرت فضيحة "الكوميسير" الهولندي من أصل مغربي. وهي القضية التي أقلقت كثيرا أفراد الجالية المغربية بالديار الهولندية. إنها نازلة رضوان لمحاولي (38 سنة حين وقوع النازلة)، عمل ما يناهز عقدين بالجهاز الأمني الهولندي قبل انكشاف أمره. وكان معروفا بلقب "ري" (بداية اسمه الشخصي:رضوان).
وقد أقرت المخابرات الهولندية (AIVD ) أن رضوان زود المخابرات المغربية بمعلومات مستقات من ملفات أمنية بين سنتي 2006 و2008. وحسب تقرير أعدته المخابرات الهولندية عملت المخابرات المغربية على استقطاب وتجنيد موظفين بالشرطة الهولندية من أصول مغربية سنة 2008، وذلك في نطاق مراقبة المتطرفين لاستباق أي عملية إرهابية محتملة بالمغرب قصد إفشالها. كما أشار التقرير إلى عناصر عاملة بالسفارة المغربية بلاهاي غادروا هولندة وعادوا إلى الوطن.
وحسب الرواية الهولندية الرسمية، بدأت القصة يوم 15 شتنبر 2008 عندما كشف البرنامج التلفزي "نوفا" فحوى ما عزمت السلطات الهولندية على إقباره والتستر عليه. وتعلق الأمر بطرد كوميسير روتيردام بسبب تسريب معلومات سرية إلى المخابرات المغربية. بعد ذلك صرح بعض الأشخاص الذين يشغلون مواقع ووظائف بالديار الهولندية أنهم دعوا من طرف عناصر المخابرات المغربية للتعامل معها، ومن هؤلاء فؤاد حاجي –هولندي من أصول مغربية- يعمل كمستشار بلدي (منتخب محلي) بمدينة روتيردام باسم الحزب العمالي.
وكانت من تداعيات هذه النازلة أن الأحزاب السياسية الهولندية اقترحت مشروع قانون يمنع ازدواجية الجنسية. وقد تألق اليمين المتطرف في هذا المضمار. كما أحدثت النازلة زوبعة فرضت على وزير الخارجية الهولندي وقتئذ للإعراب عن استيائه من محاولة المخابرات المغربية التجسس على أنشطة شرطة بلاده.
أنور مالك
أراد أن يكون جاسوسا مزدوجا
تظاهر في البداية بعدائه للمخابرات الجزائرية وسعى جاهدا إلى ربط علاقة بالمخابرات المغربية لكن انكشف أمره "بكلاكل" كما يقول الإخوان المصريين.
عندما فشلت مساعيه مع المخابرات المغربية عمل على تحويل فرص مجيئه إلى المغرب لأوراق تستثمرها مع المخابرات الجزائرية. حيث عمل على إيهامها أنه تظاهر بالتقرب والود للمغاربة ليستطيع الوصول إلى عمق الأراضي الصحراوية في مدينة الداخلة ، تقديم الوجه الآخر من الحقيقة المغيّبة والمشوّهة حسب زعمه، خاصة في قضايا حساسة بحجم الصحراء لطالما وجد الإعلام الحر والمحايد صعوبات كبيرة في التحرك بحرية ونقل المعلومة الدقيقة والصحيحة عن الوضع في هذه المناطق الخاضعة لقبضة أمنية وعسكرية حديدية. كما يدعي رغبة في تضخيم ما تم إنجازه.
ومحاولة منه لإتقان "الغرزة" اختار جريدة موالية للمخابرات العسكرية الجزائرية "الشروق" لنشر ما أسماه بالتحقيقات "غير المسبقة". وللمزيد من الإثارة في إخراج المشهد وسعيا لنيل نزر من المصداقية روج أنور مالك أن المخابرات المغربية حاولت استغلاله بصفته ضابطا سابقا في الجيش الجزائري لتوجيه ضربة سياسية وإعلامية في خاصرة الجزائر تحقيقاته حول الصحراء كانت علقما صعب على المغرب بلعه، كما أوهم نفسه محاولا بذلك كسب المزيد من ود المخابرات الجزائرية. علما أن أنور مالك هو الذي اقترح على محمد رضا الطاوجني أكثر من مرة التوسط له لتمكين المخابرات المغربية من وثائق ومعلومات عسكرية جرائرية عبر ضباط مستعدين للتعامل بمقابل، وهذا ما أدلى به بوضوح في لقاء مباشر بمدينة "تولوز" الفرنسية حيث ساوم على كل شيء المبالغ المالية وتذاكر الطائرة وفاتورات المأكل والمشرب والإقامة و"نقود الجيب" والهدايا لتوهيم أن السفر كان للمتعة والاستجمام بالنسبة للضابط الذي بحوزته الوثائق والمعلومات والذي سيحل بإحدى المدن الأوروبية غير الفرنسية سيتم اختيارها لاحقا، وقد اجتهد أنور مالك في أقناع الطاوجني بتسريع التنفيذ لأن الضابط المزعوم لن تتوفر له أمكانية الانتظار. وكل هذه المعلومات مسجلة في شريط تسجيلا حيا وهو بحوزة الطاوجني، ويبدو أن ياسين المنصوري قد علم به وسمعه.
نعم لقد التقى أنور مالك برئيس "لادجيد" بمدينة أكادير في ربيع 2010، لكنه تأكد بعد هذا اللقاء أنه لن يتمكن من تحقيق ما حلم به، لذلك استدار بقدار 180 درجة لأنه يئس إلا الحرص الشديد على عدم خسران ود المخابرات الجزائرية، وهذا ما يفسر هجومه المستطير على المغرب.
رضا الطاوجني أكثر المغاربة اتهاما بقربه من المخابرات
يعتبر محمد رضا الطاوجني أكثر اتهاما بالقرب من المخابرات المغربية رغم أنه ظل ينفي ذلك بقوة جملة وتفصيلا، علما أنه يعتبر ليس من العار أن يكون المواطن المخلص قريبا من مخابرات بلده إذا كانت الغاية هي الدفاع عن مصالح الوطن ومستقبله.
وفي جعبة الطاوجني حكايات كثيرة مع المخابرات الجزائرية بفعل تشبثه المستميت للدفاع عن مغربية الصحراء كرئيس لجمعية "الصحراء المغربية. وقد تعرض أكثر من مرة لاعتداءات سافرة خارج الوطن، منها اعتداء بمدينة مالقة سنة 2005 ةالذي على إثره قاضى المخابرات الجزائرية أمام القضاء الإسباني. واعتبر الطاوجني الجهات الجزائرية المسؤولة عن الاعتداء، علاوة على التهديد والابتزاز اللذين اقترفته في حقه. وقد أقر وقتئذ أن عناصر استخباراتية جزائرية وأطرافا في السفارة الجزائرية بإسبانيا أجرت معه اتصالات عدة مرات، محاولة إغراءه وإسكات صوت جمعيته في إسبانيا. كما قدم شخص مجهول على إيداع في حساب الجمعية بأحد الأبناك الإسبانية مبلغا ماليا قدره 3 ملايين درهم قبل سنتين (2003)،إلا أن رئيس الجمعية رفض كل محاولات الإغراء.
" التامك" كان محميا من طرف المخابرات المغربية
سبق لمحمد رضا الطاوجني - رئيس "جمعية الصحراء المغربية" المنحلة ومدير جريدة "الصحراء الأسبوعية" المتوقفة عن النشر- أن اتهم علي سالم التامك بتعامله مع المخابرات المغربية، قبل ارتمائه في أحضان المخابرات الجزائرية، استنادا إلى معلومات ومعطيات جمعها من مصادر وصفها بالموثوقة وجيدة الاطلاع من "قلب الدار"، كما عاين أكثر من مرة تردد عناصر "الديستي" على سجن سلا، حيث كان التامك معتقلا قصد الالتقاء به، وأسرت له جهات ذات صلة بـ "لادجيد" بطريقة حبية أن يترك التامك يقوم بمهمته دون شوشرة.
ومن المعلوم أن علي سالم التامك ومن معه لا يسترون تعاونهم مع الجزائر ولا يخفونه، ومن الطبيعي أن تكون هذه الأخيرة سخية معهم ماداموا يخدمون مخططاتها.
ويرى الكثيرون ، غير رضا الطاوجني، أن التامك ومن معه أضحوا يمثلون بالنسبة للجزائر وجبهة البوليساريو، "بوليساريو الداخل" وعموما هي ورقة مرحلية ضد المغرب، وعندما ستصبح هذه الورقة بدون فائدة وجدوى ضمن قواعد اللعبة سيتم التخلي عنها. أما بالنسبة للمغرب، فإن علي سالم التامك، كان بالأمس القريب، متعاونا نجيبا ومجتهدا مع الاستخبارات المغربية قبل أن تتوتر العلاقة بين الطرفين، لأن المتعاون النجيب أصبح جشعا ومصدر إزعاج كبير، فتم التخلي عن تعاونه وخدماته، وهذا أمر انفضح منذ مدة. سيما سنة 2002 عندما كان معتقلا بالمركب السجني -الزكي- بسلا، حيث دأبت مصالح "الديستي" في عهد العنيكري على جلبه واستقطابه، وقد صنعت منه نموذجا لانفصاليي الداخل. آنذاك كان التامك هو الوحيد الذي يدلي بتصريحات ويجري حوارات عبر وسائل الإعلام المغربية. وقد أُريد من وراء هذا التصرف إظهار مساحة حرية والتعبير والرأي المتاحة بالمغرب، لدرجة السماح للانفصاليين بالتحرك بكل حرية كما يحلو لهم. لكن التامك شكل شركا وفخا بالنسبة للكثير من الشباب "الانفصاليين" أو الموالين لهم، وبذلك تمكّن التامك من التعرف على مخططاتهم ومشاريعهم، وكل هذا كان يصل، بشكل أو بآخر إلى رجال الجنرال حميدو لعنيكري عندما كان قائما على "الديستي" ثم الأمن الوطني. لكن لا يجب نسيان، أن علي سالم التامك كان يدلي أيضا بمعلومات خاطئة أو مغلوطة لإظهار أنه عميل نجيب ومجتهد، الشيء الذي أدى إلى قذف العديد من الشباب الأبرياء في جحيم الاستنطاقات بمخافر الشرطة، في ظروف قاسية وهمجية أحيانا. وربما يكون بعضهم قد قذف به إلى السجن ظلما وعدوانا، ارتكازا على معلومات مغلوطة كان وراءها علي سالم التامك.
قبل فك الارتباط نهائيا تعاون مع "لادجيد" إلى حدود شهر مارس من سنة 2009 حسب محمد رضا الطاوجني، إذ قُطعت العلاقة به نظرا لجشعه ووفرة طلباته، فاختار الارتماء، روحا وجسدا، في أحضان المخابرات الجزائرية دون شرط ولا قيد.كما أكد الطاوجني، استنادا على مصدر موثوق من قلب الدار، أن التامك استفاد من راتب شهري يبلغ 4500 درهم إضافة إلى امتيازات أخرى، مضيفا أنه في سنة 2008، عندما كانت جمعية "الصحراء المغربية" تتصدى لهذا لعلي سالم التامك الذي اعتبره خائنا، كانت مفاجأتها كبيرة عندما أسرّ لها بعض عناصر "لادجيد" بتركه يقوم بمهمته دون إزعاج. وقد علم الطاوجني في لقاءات عابرة وحبية مع بعض عناصر "لادجيد" أن التامك قدم خدمات "جليلة"، مكنت المخابرات المغربية من اختراق بعض الأوساط الانفصالية. وقتئذ كان التامك محميا من طرف "الديستي" وبعدها من طرف "لادجيد".
"عبد الإله عيسو"
جاسوس مغربي استعملته المخابرات العسكرية الاسبانية
كشف "عبد الإله عيسو" بنفسه، الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هروبه خارج المغرب. إذ اعترف عيسو بأنه كان يتجسس ضد المغرب لصالح الاستخبارات الإسبانية وكان يزودها بمعلومات حساسة عن القوات المسلحة الملكية من سنة 1997 إلى سنة 2000 ، وبعد الايقاع به من قبل الاستخبارات المغربية، فر خارج المغرب وطلب اللجوء السياسي من إسبانيا بدعوى الخوف على سلامته. لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل نشر حوارات ومقالات يقدم فيها المغرب بصورة سوداوية مغرقة في الافتراء والقصص المختلقة، ومنها حوار نشرته صحيفة الشروق الجزائرية واعتبرت أنها أجرته مع من الضابط المغربي الفار من الجيش وهاجم فيه وطنه وقدم مجموعة من الافتراءات التي تصور المغرب على غير حقيقته.
إلا أنه بعد انقضاء "15 اليوم ديال الباكور" كما يقال تم تهميشه بعد أن نفضت المخابرات الإسبانية يدها منه.
لكن لم يحصد عيسو إلا الريح لأنه زرع العاصفة، تنكرت له إسبانيا رغم الخدمات والتضحيات التي قدمها لمخابرتهاعلى مدى سنوات وتكبد التهميش بين ظهرانيها.
وكان من الطبيعي أن تنقض الصحافة الجزائرية الموالية للمخابرات العسكرية الجزائرية كعادتها على الفرصة لاستعمال "عيسو" للتهجم على المغرب.
هشام البوشتي
الجاسوس (بصيغة التصغير) الذي خسر كل شيء
بدأ هشام البوشتي مشواره في صفوف القوات المساعدة فيما بين 2000 و2001،ثم التحق بما يسمى المكتب الثاني (المخابرات العسكرية) فيما بين 2001 و2003 مكلفا باختراق أوساط الإسلام السياسي. تعرض البوشتي سنة 2003 للمحاكمة عسكرية وأدين بسنة سجنا نافذا على خلفية تهمة النصب والاحتيال والكشف عن أسرار عسكرية. وبعد خروجه من السجن تمكن من العبور إلى إسبانيا وطلب اللجوء السياسي هناك في عضون شهر غشت 2005.
رغم أن طلبه هذا لم يحظى بالقبول لم يتم ترحيله وظل يدعي أن المخابرات الإسبانية استقطبته للتعامل معها.
بعد رجوعه إلى المغرب،إدعى البوشتي في حوار صحفي أن عائشة رضوان (زوجة التامك) وعلي المرابط يتعاملان عن قرب مع المخابرات الإسبانية، وأنه تم استدراجه من تلك المخابرات ليضطلع بمهمة الناطق الرسمي لما سمي بـ " الضباط الأحرار"، كما تم استدراجه في مخطط يرمي إلى تصفية علي المرابط .
وفي غضون شهر نونبر 2007،كشف في حوار مع جريدة "المشعل" أن فؤاد عالي الهمة فرض عليه إجراء مقابلة صحفية مع جريدتين مغربيتين لتكذيب ما صرح به بإسبانيا. وكان قد أجرى هذا الحوار عندما كان معتقلا في مركز تمارة. لكنه بعد ذلك أدين ووضع بالسجن وقد أجرى حواره مع "المشعل" عندما كان بسجن الناظور.
بعد الخروج من السجن حاول التسلل في ربيع 2009 إلى الجزائر لكنه سقط بيد الأمن الجزائري وقدم للمحاكمة. وأصدرت محكمة الجنايات ببشار وأدانته بتهمة التجسس لفائدة بلد أجنبي وذلك بعد أن تسلل الحدود إلى مدينة مغنية. في حين أنه يعتقد أن البوشتي توجه بنية طلب اللجوء السياسي مدعيا توفره على معلومات تهم تورط كبار الضباط وموظفين سامين بوزارة الداخلية وبعض المقربين بالبلاط، لكن مخططه هذا سقط في الماء.
مصدق ميمون
الجاسوس الذي تخطى الخطوط الحمراء
مصدق ميمون (65 سنة)،دبلوماسي سابق،نشط بأوروبا وكان رمزه السري MD 17347 . يقرّ أنه أبعد بفعل مكيدة من تخطيط جنرالات قريبين من البلاط في عهد الملك الراحل الحسن الثاني . ويعيش بضواحي باريس رفقة زوجته وبناته الثلاثة. كان على صلة بهشام المندري.
كان ميمون ينشط تحت إمرة جهاز "ديسطي"،من إنجازته البارزة كشف معلومات حول تخطيط بعض العناصر لتهريب أسلحة إلى المغرب،والحصول على معلومات متعلقة بالتخطيط لعمليات إرهابية بالبلاد. وقد أبلغ عبد العزيز علابوش،القائم على "ديسطي" سنة 1993. وهمّت هذه المعلومات بأشخاص يقطنون بحي "أوبيرفيل" بضواحي باريس، وهو ذات الحي الذي انحدر منه المتورطون في العمليات الإرهابية التي استهدفت فندق "أسبي" بمراكش يوم 24 غشت 1994.
من ا لمهام المخابراتية التي اضطلع بها ميمون تمكنه من اختراق جبهة البوليساريو سنة 1981،عندما كان ينشط بروما.وقتئذ كان البوليساريو ينشط هناك مع الحزب الشيوعي الإيطالي اذي كان ينظم لقاءات جماهير لفائدة الانفصاليين.ومن هذه اللقاءات تظاهرة أقيمت بفندق "ليونار دي فانشي" بالعاصمة روما.وقد توصل عناصر المخابرات المغربية بإيطاليا بأمر من الجنرال الدليمي الرامي إلى ضرورة اختراق هذه التظاهرة. في هذا اللقاء قدم ميمون نفسه كمعارض للنظام المغربي قصد التقرب من قيادة الانفصاليين.وكان الهدف من المهمة هو التعرف على نوايا البوليساريو تجاه المغرب.
وفي سنة 1989 تقصى معلومات بخصوص مغاربة وجزائريين ومصريين ألقى الأمن الفرنسي القبض عليهم، حيث تمكن من اكتشاف أن بعضهم على علاقة ببعض المساجد بالديار الفرنسية. وبعد إيصال المعلومات إلى "ديسطي"،وقام رئيسها (علابوش) بمقبالته لشكره على هذا الإنجاز.
ومن المعلومات التي نقلها تلك الخاصة بمغاربة كانوا يخططون لإدخال أسلحة إلى المغرب.وأيضا معلومات تهم 5 مغاربة خططوا لهجمات إرهابية بالداخل،وسلّم أسماءهم يعلابوش سنة 1993.
كما اقترب ميمون من هشام المندري بإيحاء من "ديسطي". وقد تمكن فعلا من لقائه في غضون مارس 2003 بباريس حيث قرّر ميمون الاستقراربمدينة "ديجون"ليكون قريبا منه.
ومن أهم إنجازاته – وكان هذا بمثابة التوقيع على نهايته- كشفه سنة 1993 لمجموعة من الشخصيات المغربية الوازنة (وزراء،ضباط سامون،مسؤولون كبارودبلوماسيون) قاموا بتهريب أموال طائلة وتبييضها بالديار الفرنسية.
كما تمكن مصدق ميمون من إقناع أبو نجم - ضابط إلى الوطن، وهي مهمة قال إنه كلّف بها من طرف الملك الراحل الحسن الثاني بعد أن فشلت أكثر من جهة رسمية من بلوغ هذا الهدف.
عبد القادر بلعيرج تجسس لصالح أكثر من جهة
تعامل عبد القادر بلعيرج - الحامل للجنسية المزدوجة (مغربية – بلجيكية) المحكوم عليه بالمؤبد سنة 2009 في نطاق قانون الإرهاب - مع أكثر من جهة مخابراتية.
لقد أشار أكثر من مصدربلجيكي أنه كان على صلة وطيدة بالمخابرات البلجيكية. بعد اعتقاله في سنة 2008 كشفت الصحيفة الفلامانية "تي تيجت" أنه زود الأجهزة السرية البلجيكية بمعلومات غاية في الأهمية مكنّتها من إفشال مخططات إرهابية في أحد البلدان الأوروبية. وكان بلعيرج يتقاضى على خدماته ما قدره 40 ألف فرنك بلجيكي آنذاك.
كما تعامل بلعيرج مع المخابرات المغربية في قضية فريد ملوك في غضون التسعينات وهو الذي كان ينتمي لمجموعة "قلقال" المتورط في أحداث إرهابية،وكان يختبئ بالديار البلجيكية.
جاسوس الناظور
في غضون شهر مارس 2009 غادر جاسوس إسباني الناظور كان ينشط تحت غطاء عمله بالقنصلية الإسبانية. وبعد التقصي والتحري تبين أن هذا الجاسوس تورط في تمويل أنشطة مناوئة للمملكة.
ومن المعلوم أنه رغم صيرورة تحسن تحسن العلاقات المغربية الإسبانية ظلت حرب مخابراتية جارية في الظل بين جهازي البلدين،سيما وأن المخابرات الإسبانية حشرت أنفها أكثر من مرة في مياه كرهة استهدفت المغرب.وهناك قرائن عديدة تشي بذلك،ومنها إقدام المخابرات الإسبانية (CNI ) على إمداد نائب مدير صحيفة "إلنوندو" - " كازيميرو كارسيا أباديو"- بمعلومات مختلقة أوردها في كتابه بخصوص هجومات 11 مارس "الانتقام" الصادر في خريف 2004،حيث اتهم فيه مباشرة المخابرات المغرب واعتبر أن لها يد في تلك الأحداث الدامية بمدريد التي أسفرت على كثر من 190 قتيل و1800 جريح.
ومن تلك القرائن، المسرحية التي ساهمت في إخراجها صحيفة "إلبايس"، إنها مسرحية "تنظيم الضباط الأحرارالمغاربة" رديئة الإخراج والذي كان أحد "الكومبارس" فيها عبد إله عيسو الفار من الجندية،والذي انتهى به المطاف بالارتماء في أحضان المخابرات الإسبانية.
ومنها أيضا كذبة اللقاء السري المروج سنة 2002 بين عبد الرحمان اليوسفي –الوزير الأول وقتئذ- بـ "فيسبي كونزاليس" يكن سرعان ما انكشفت الكذبة.
وقد تأكد بالملموس تكثيف حضور المخابرات الإسبانية بالمغرب منذ سنة 2005.وقد صرح وزير الداخلية السابق "روبالكابا" في سنة 2006 لإحدى الصحف مؤكدا أن المغرب يشكل هدفا ذي أولوية بالغة في عيون المصالح الاستعلاماتية الإسبانية. حينذاك تأكد أن المخابرات الإسبانية عملت على تجنيد مغاربة من جميع الفئات الاجتماعية مقابل مبالغ مالية وتسهيلات الحصول على التأشيرة أو الوعد بالجنسية الإسبانية.
وقد تزامن تصاعد النشاط المخابراتي الإسباني بالمغرب،بشكل لم يسبق له نظير،مع نازلة إعفاء أحمد لخريف –كاتب الدولة في الشؤون الخارجية- يوم 22 دجنبر2008 لحمله للجنسية الإسبانية.
ومهما يكن من أمر،إن مخابرات المغرب وإسبانيا محكوم عليهما التعاون اعتبارا للتحديات التي تفرزها المنطقة،إلا أن قدر هذا التعاون لا ينفي الحرب السرية "المستدامة" بين الجهازين الشيء الذي يكرس ويرسخ المراقبة المتبادلة اللصيقة.
السفير طوماس رايلي: جاسوس المخابرات الأمريكية بالمغرب
لم يكن يكف عن توزيع ابتساماته كما يوزع تبرعات بلاده، ودأب على حضور الأنشطة الإحسانية والخيرية التي تقوم بها بعض الجمعيات الأمريكية.
لقد أحصى أنفاس الجنود والعسكريين والسياسيين المغاربة، من أدناهم مرتبة إلى رتبة جنرال؛ وأعد تقارير مفصلة عن الصحراء والقدرات العسكرية وحالة السجون وعلاقات المغرب الخارجية. كشفتها "تسريبات" موقع وكيليكس ،تسريبات حاول خليفة ريلي، صامويل كابلان، التقليل من أثرها البليغ قائلا إنها جزء من الماضي الذي يجب نسيانه.
عمل رايلي على توثيق وتسجيل كل كبيرة وصغيرة، من كبريات الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، إلى أحاديث الممرات والسهرات وحفلات الاستقبال، وكل ما كان يستخلصه من لقاءاته مع يلتقي سفير أو قنصل أو موظف في سفارة أجنبية أو مسؤول سياسي أو إعلامي أو رجل الأعمال أو مثقف.
على مدى السنوات الأربع التي قضاها رايلي في المغرب، راكم آلاف المعلومات والوثائق حول مؤسسات الدولة المغربية، من حكومة بمختلف وزاراتها والجيش ومكوناته وأسلحته وقياداته، والاقتصاد وثوابته ومتغيراته، وحتى المجتمع المغربي وطريقة تفكيره تجاه الدين والسياسة والعلاقات الخارجية.
المخابرات الجزائرية
حرب سرية "مستدامة"
إذا كان من الصعب بمكان على المخابرات الجزائرية النشاط بالتراب الوطني اعتبارا لليقظة المغربية بهذا الخصوص،إلا أن جواسيسها نشيطين جدا بإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية،وذلك منذ ترأس الجنرال محمد مدين (توفيق) المخابرات الجزائرية في ماضي القرن افجر تسعينات . وقد حرص الجواسيس الجزائريين على كل حركات وسكنات المغرب الدبلوماسية للانقضاض علة هفوة أو فرصة تتاح لهم. كما عملت المخابرات الجزائرية على افتعال وتمويل ونشر أكثر من 70 مؤلف بالإسبانية لصالح الانفصاليين بالديار الإسبانية وشجعت على ترجمة بعضها إلى لغات أخرى.
كما أنه انكشف بوضوح تضلع مخابرات الجارة الشرقية في قضية أمينتو حيدر والكثير غيرها من الأحداث كانت الأقاليم الجنوبية مسرحا لها. ناهيك عن دورها الأكيد في جملة الوقائع المؤسفة همّت الطلبة المغاربة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية.
يبدو أن المخابرات الجزائرية اعتمدت القاعدة المعروفة لدى مخابرات العالم بخصوص استقطاب العملاء والمتعاونين، وهي القاعدة القائلة إن لدى كل إنسان نقطة ضعف، ولكل شخص ثمن. هذا كان منطلقها دائما لتجنيد العملاء. والعميل في الغالب لا يخبر أنه أصبح عميلا في بداية تجنيده، بل يكشف ذلك بنفسه بعد انغماسه في التجسس والإساءة لوطنه.
لا يتناطح كبشان بخصوص الحرب السرية "المستدامة" بين مخابرات المغرب والجزائر. إن المخابرات الجزائرية تعتبر المغرب أولوية أولوياتها - بل الجنرالات الجزائر يرون في استمرار افتعال العداء بين الجارين ضمانة لاستمرارهم في المسك بدواليب الحكم وهذا أمر وجب أن ينتبه إليه الشعب الجزائري في عصر الربيع العربي- لذلك لا تلقي أي بال فيما تكلفها هذه الأولوية المختلقة ماديا.وعلى سبيل المثال لا الحصر في نهاية سنة 2004 عمل القائمون على الأمور في الجزائر على الاتصال بجميع الوكالات الفضائية عبر العالم- في أمريكا وأوروبا وروسيا والصين- لوضع قمر صناعي جديد للتجسس على المغرب تعويضا لقمرها "ألسات1" الذي تم وضعه بالمدار يوم 28 نونبر 2002 من طرف الروس. وفي قدرة القمر المذكور أن يراقب بدقة أهدافا مقاسها متر ونصف.
الفرقة 192
خلية استخباراتية الجزائرية ملعبها المغرب وصحراؤه
سبق للدكتور عبد الرحمن مكاوي، الخبير في الشؤون العسكرية و الإستراتيجية، أن أكد أن هناك خلية جزائرية مكونة من ضباط مختصين في التشويش على المغرب في المحافل الدولية و المعروفة بالفرقة 192 و التي مقرها بن عكنون بالجزائر العاصمة. وقد انكشف أمر هذه الوحدة المنحصرة مهمتها في التجسس على بلادنا في مناسبات عديدة، سيما عندما كانت تستغل أخطاء القييمين على الدبلوماسية المغربية في تعاطيهم مع ملف الوحدة الترابية، بدءا من الصراع حول جزيرة ليلى و الأزمة الدبلوماسية مع السنغال و قطع العلاقة مع فينزولا و طرد السفير الإيراني و نهج التعاطي مع نازلة الانفصالية أمينتو حيدر ونازلة ولد سلمى وأحداث العيون وغيرها.
لقد رمت الفرقة 192 بكل ثقلها في نازلة أمينتو حيدر وسعت إلى توجيه ضربة قاضية للمغرب، إلا أن التدخل الفرنسي سحب البساط عن المشروع المخابراتي الجزائري الرامي إلى إقحام المغرب في حرب حقوقية اعلامية عالمية، وهو مخطط كان يهدف الى مطالبة الدول العظمى الدائمة في مجلس الأمن منح اختصاصات وصلاحيات الشرطة لقوات الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لحماية السكان الصحراويين و تقديم المغرب كدولة مارقة الى الرأي العام العالمي. وهذا مخطط ممول من صندوق محاصيل شركة صونتراك للمحروقات منذ اتضح فشل الجزائر و البوليساريو في الحرب العسكرية ضد المغرب، دامتوالتي 15 سنة متواصلة. فمنذ وقف اطلاق النار سنة 1991 قررت المؤسسة العسكرية الجزائرية – عبر أجهزتها المخابراتية - تغيير منهجية وأدوات المواجهة و اطلقت الحرب الإعلامية و الحقوقية و الدبلوماسية و المخابراتية لمحاصرة المغرب و تصدير العنف الى الداخل، وهي استراتيجية كانت مدعومة من اليسار الأوربي و الأمريكي و الإفريقي، في هذا السياق أوتي بالرئيس بوتفليقة سنة 1999 من امارة ظبي لتطبيق هاته السياسة و هذه الحرب الجديدة على المغرب.
في هذا السياق، كان الدكتور عبد الرحمن مكاوي قد دعا، وبإلحاح كبير، إلى تكوين مجلس ملكي للدبلوماسية، يحدد السياسة الخارجية للمغرب و يخطط تدبير نزاع الصحراء على المدى القصير و البعيد. مجلس ملكي يضم وزراء خارجية سابقين وأمناء الأحزاب السياسية و اعلاميين ورجال اعمال و حقوقيين و مختصين في العلاقات الدولية و المنازعات الإقليمية. ومع المستجدات الأخيرة يبدو انها خطوة أضحت ضرورية حتى يتفادى المغرب في المستقبل كل الأخطاء المجانية التي تخدم المخططات العدائية ةالمنوائة.
بصمات الموساد بالمغرب
لم يخلو الفضاء المغربي من نشاط الموساد. وقد انكشفت على مدى التاريخ نوازل وأحداث ووقائع أزاحت الستار عن نشاط جواسيس الموساد ببلادنا. وحسب أهل المجال يعتبر "دافيد قمش" – المتوفى بإسرائيل يوم 9 مارس 2010 – أحد الجواسيس الذي ترك بصماته بالمغرب. وقد ربط هذا الجاسوس علاقات وطيدة مع الجالية اليهودية، كما أنه على دراية تامة لأكثر من جانب في قضية المهدي بنبركة. وقد كشف كتاب "الحروب السرية" لمؤلفيه "يان بلاك" و"بيني موريس" أن "دافيد قمش" هو الذي سهل وثمّن ارتباط الجنرال أفقير بالموساد ومساعدته لوجيستيكيا لاختطاف بنبركة بباريس . كما كشف هذا الكتاب أن الجنرالين أوفقير والدليمي سافرا أكثر من مرة إلى إسرائيل بجوازات سفر إسرائيلية سلّمت لهما بباريس. إلا أن رابطة الموساد بالمغرب عرفت تحولا معاكسا في يناير 1974 المغربي أحمد بوشيخي بالديار النرويجية من طرف الموساد اعتقادا منه أنه علي حسن سلامة العقل المدبر لعملية القرية الأولمبية بمدينة ميونيخ. وبعد مرور أكثر من عقدين اعترفت إسرائيل بهذا الخطأ الجسيم سنة 1996 وسلمت تعويضات مالية سخية لعائلة بوشيخي.
لقد دأبت الموساد على اختراقه دول المغرب العربي بالجواسيس من الداخل والخارج وعبر المندوبين والعملاء الأجانب،وذلك في إطار يحكم سياسة الموساد التي تتخذ من جمع المعلومات مهمة رئيسية ودائمة،ولا تفرق المخابرات الإسرائيلية في هذا المضمار بين الدول الحدودية أو غير الحدودية،لأن الأساس بالنسبة إليها هو جمع المعلومات عملا بمقولة "يوجد في البركة ما لا يوجد في النهر أو المحيط". فما يهمها هي المعلومة حسب اختلاف التوقيت ومجريات الأحداث سواء كانت تلك المعلومات عسكرية أواقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.
وأشارأكثر من تقرير استخباراتي أن رجال "دكان" دأبوا في السنوات الأخيرة على تجسيد مغربيات لمراقبة والإيقاع بشخصيات عربية وازنة في لبنان وغيرها. كما أكدت أكثر من واقعة أن الموساد استطاع أن ينتشر في منطقة المغرب العربي بسهولة من الصعب تصديقها. وهذا يوحي أن بلدان المغرب العربي شكلت سوقا مفتوحة لجواسيسه وعملائه،مما مكنه من بناء شبكة الموساد المغاربية.
لقد فتح الموساد مكتبا بالمغرب في غضون ستينات القرن الماضي وساهم في تدريب عناصر المخابرات المغربية (الكاب1 زمنئذ) على التقنيات الجديدة ومنحها الدعم اللوجستيكي للكشف عن المعارضين المغاربة المقيمين بالديار الفرنسية.
ويدخل التواجد الكثيف للموساد في المغرب العربي في نطاق استراتيجية الاختراق الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي للدول العربية،والتي كشف عنها إسحاق رابين في نهاية ثمانينات القرن الماضي.
مجندات الموساد:
أكد أكثر من مصدر أن الموساد جنّد مغربيات لتزويده بمعلومات مستقاة من شخصيات عربية وازنه. ولعل أشهر مجموعة للجاسوسات المغربيات تم كشفها مجموعة "نبيلة ف" المجندة في معمعة ليلة حمراء بالدار البيضاء وهي شابة مجازة في العلوم السياسية. وقد قام الجاسوس "ألبير م." باستقطابها وهو عميل نائم بالمغرب، قبل تقديمها بباريس لمجنّد عملاء الموساد المدعو "جوزيف ب." مقابل راتب سنوي قدره 700 ألف دولار (ما يناهز 7 ملايين درهم) علاوة على الإقامة وامتيازات أخرى وحساب بنكي بسويسرا.
تلقت "نبيلة" تداريب خاصة مكثفة وشاملة بما في ذلك استعمال السلاح وتحمل التعذيب وتقنيات الدفاع عن النفس والمطاردة ،تم كل هذا بحيفا بفلسطين المحتلة.
في مسار قيامها بمهمتها تقمّصت "نبيلة" أكثر من "بروفايل" (صحفية مغربية،مكلفة بمهمة إنسانية،أستاذة تونسية،ممثلة،سكرتيرة...). وبعد أن حظيت بثقة الموساد تكلفت بتجنيد عميلات مغربيات وتمكنت من تكوين وإعداد 12 جاسوسة مغربية.
جواسيس الموساد بالمغرب
من نجاحات جواسيس الموساد الأولى بالمغرب أنهم استغلوا مناسبة صلاة "بيصاح" (أي السنة القادمة في القدس) بدرجة كبيرة للترويج للكذبة الصهيونية. وآنذاك بالضبط نشط أحد رسل الصهيونية و أبرز مؤ طيرها بالمغرب "بروسبير كوهن" الذي دعا اليهود للتخلي عن الأمل في المسيح و البشرية. ومنذئد بدأت تقوية قاعدة اللوبي الصهيوني بالمغرب للحرص على تحقيق كل ما من شأنه خدمة الصهيونية آنيا و مستقبلا. هكذا و بتمويل سخي من طرف ادموند دو رولتشيلد تأسست أولى المؤسسات التعليمية العصرية الخاصة باليهود في المغرب, وذلك لتوفير الشروط "لإنتاج" نخبة يهودية مثقفة بالمغرب تخدم القضية الصهيونية. ومنذ البداية تم استئصال جذور هذه النخبة عن واقعها المغربي عبر إدماجها و دمجها في نمط عيش غربي وعبرربط مصالحها بالثقافة الغربية حتى وجدت نفسها غير قادرة على بلورة "تصور وطني" فعلي لجماهير اليهود المغاربة. وبدلك عملت على توجيه هؤلاء في اتجاه واحد لا ثاني له وبدون أي خيار آخر, الصهيونية و لا شيء آخر إلا الصهيونية, لاسيما وأن النخبة إياها استفردت بكافة اليهود المغاربة في ظل بنية و منظومة اجتماعيتين مطبوعتين بالانعزال الثقافي. وهكذا لم يتمكن حتى أولئك اليهود المغاربة الدين ساهموا فعلا و فعليا في حركة الكفاح الوطني المغربي، فكرا و سلاحا، من مواجهة سواء النخبة أو اللوبي الصهيوني فتركوا جماهير اليهود المغاربة في قبضة الصهيونية تفعل بهم ما تريد إلى أن تم ترحيلهم إلى الكيان الإسرائيلي في بداية ستينات القرن الماضي.
و لا يخفى على أحد الآن الدور الذي لعبه هؤلاء الجواسيس في مفاوضات "ايكس ليبان" المتعلقة بالاستقلال السياسي للمغرب. حيث تمت إثارة قضية اليهود تمت إثارتها في تلك المفاوضات وحصل الاتفاق على اعتماد ترتيبات وفق جدول زمني لتسهيل سفر أعداد كبيرة من يهود المغرب إلى إسرائيل في هدوء و دون دعاية و"شوشرة". هكذا و على امتداد أقل من عشر سنوات وصل عدد اليهود المغاربة المهاجرين إلى إسرائيل ما يناهز ثلاثمائة ألف مهاجر في صمت تام و دون "هرج"، كما سمح لليهود الباقين بالبلاد بربط صلات غير مقيدة مع أهاليهم و دويهم الدين فضلوا الهجرة. ولولا هذا الدور، يقول بعض المحللين ومن ضمنهم الراحل أبراهام السرفاتي لما نجحت صفقة فتح الباب لهجرة يهود المغرب إلى الكيان الإسرائيلي،لاسيما ادا علمنا طبيعة صلات الصهاينة آنذاك بفرنسا.
المغاربة اخترقوا الموساد
لقد عمل المغرب مبكرا على تأسيس منظومة من العلاقات بباريس اخترقت حتى أجهزة الأمن و المخابرات الفرنسية, و كانت هي الانطلاقة للوصول إلى اختراق الموساد. ومن المؤشرات التي تفيد بدلك مشاركة الموساد بدور نشيط في تتبع تحركات المهدي بنبركة و خطة إيقاعه ثم اختطافه, و هذا ما أوضحته وثائق ملف التحقيق في قضية اغتيال المهدي بنبركة بعد سقوط طابع سر الدولة عنها.
"فكرة – حلم":
في هذا النطاق قد تبرز "فكرة- حلم" مفادها أن اليهود من أصل مغربي يشكلون اكبر جالية يهودية وفدت على إسرائيل. وقد ساهموا في مختلف مجالات حياة المجتمع الإسرائيلي و ولجوا الوظائف الحكومية و السياسية و منهم نواب في الكنيست أو مناصب حساسة و استراتيجية. فهل هناك من احتمال لإمكانية وجود لوبي مغربي بإسرائيل, ما دام أنه يبدو البلد العربي الوحيد الذي يتوفر على مثل هكذا وضعية؟ وهل في امكان هدا اللوبي الفعل في اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة الأمريكية في اتجاه يخدم القضية العربية أم لا ؟ أم أن هذه الوضعية تعتبر في واقع الأمر نقمة لأن العم سام و معه أوروبا لن يسمحا لأي بلد من الجنوب أن يتوفر على مثل هذا اللوبي الذي من شأنه الفعل على الصعيد الدولي سواء مباشرة أو بطريقة غير مباشرة؟ و هذه مجرد "فكرة – حلم" تساؤل الداعي إليه هو الآتي : إن اللوبي الإسرائيلي يلعب دورا مهما على الصعيد العالمي و هذا أكيد و لا نقاش بصدده. كما أن هذا اللوبي مرتبط ارتباطا عضويا بإسرائيل التي فيها لوبي مغربي لديه من الشروط للتوفر على قدرة الفعل.
شبكة " ميسكيري"
"ميسكيري" هو الاسم الذي أُطلق على شعبة أو شبكة الموساد المكلفة بالسهر على ترحيل اليهود المغربة سرا إلى أرص الميعاد. لقد جندت الموساد عدة أشخاص للقيام بهذه المهمة بالمغرب و بفرنسا. و من بين هؤلاء "شاهي" و هو من موليد المغرب في ثلاثينات القرن الماضي و ضابط في الجيش الفرنسي. بعد استقطابه سنة 1955 تم إرساله إلى إسرائيل للخضوع لتدريب في معسكر سري. و شارك معه في ذلك التدريب 50 شخصا تلقوا تكوينا في المواجهة و القتال و الدفاع عن النفس و تدبير العمليات السرية و طرق اتخاذ الاحتياطات و العمل في السرية . و رغم أن التدريب كان جماعيا فلم يتمكن أحد المتدربين على التعرف على الآخرين. و في نهاية التدريب زارهم كل من موشي دايان و رئيس الموساد آنذاك "إيسير آريل". و بعد نهاية التدريب ألتحق "شاهي" بمدينة الدار البيضاء و شرع في حضور اجتماعات بإحدى الشقق كائنة بعمارة الحرية. و قد تكلف بالإشراف على عمليات تهريب اليهود المغاربة عبر البحر انطلاقا من أحد الشواطئ بضواحي المدينة.
كانت بواخر تأتي إلى عين المكان و ترسل مراكب لنقل المهاجرين إليها لتنطلق بهم في اتجاه فرنسا أو جبل طارق. و إحدى الليالي كشف بعض المغاربة العملية ، و كان تلك الليلية رئيس الموساد "آريل"حاضرا بنفسه بعين المكان لمعاينة العملية و بفضل " شاهي " تمكن من الفرار و الالتحاق بالمطار ثم توجه إلى فرنسا و منها إلى إسرائيل. و بعد أن انكشف أمر شبكة "ميسكيري" تلك الليلة التحق "شاهي" بإسرائيل.
نشأة العلاقة بين المغرب و الموساد حسب مصادر إسرائيلية
حسب المصادر الاسرائيلية كانت البداية بالاتصال بأحد أصدقاء الجنرال محمد أوفقير و هو إميل بنحمو الذي كلفته الموساد بتنظيم لقاء مع الجنرال. و كان أول لقاء في غضون شهر فبراير 1963 بمقر إقامة إميل بنحمو بالعاصمة الفرنسية باريس ، و جمع بين صاحب الدار و الجنرال محمد أوفقير و يعقوب كاروز. و من هنا كانت الانطلاقة.
و قد ذكرت عدة جهات إسرائيليى أن رئيس الموساد آنذاك "ايسيل آريل" دأب على زيارة المغرب بكثرة فيما بين 1958 و 1960 . و كانت زيارته الأولى خلال هذه الفترة في بداية شهر سبتمبر1958. و بعد ذلك قام كل من الجنرال محمد أوفقير و أحمد الدليمي بزيارة أولى إلى تل أبيب كما أن سياسيين و ضباط سامين إسرائيليين قدموا إلى المغرب في تلك الفترة بالذات.
و حسب المصادر الاسرائيلية، ما كان يهم المغاربة بالأساس آنذاك من علا قاتهم مع الموساد ، هي معلومات بخصوص دول و جهات عربية تكن العداء للملكية و تسعى لتنحيتها من المغرب بجميع الوسائل الممكنة.
المخابرات في سنوات الجمر
مرّ المغرب بسنوات تنعث اليوم من مراحله ، ومن الأسباب المباشرة التي أفضت إلى تردّي الوضع الحقوقي على امتداد سنوات الجمر أو السنوات الرصاصية هو التداخل الخطير في الصلاحيات والمهام والتعارض الكلي بين الظاهر والباطن ، ويخطئ بعض الناس عندما يحملّون شخصيات الظاهر الرسمي الموجودة على خشبة المسرح السياسي الرسمي كل مسؤولية الإنكسار في كل تفاصيل حياتنا و التراجع المستمّر في مساراتنا السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية وحتى العسكريّة , و لاعبو الظاهر وإن كانوا يتحملون الجزء الأكبر من مسؤوليّة التردي العام إلاّ أنّ لاعبي الباطن أو أعضاء الحكومات الخفيّة الفعلية – رجال المخابرات – هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن معظم نكساتنا الداخلية والخارجية للأسباب الكثيرة و الأمثلة بالنسبة للمغرب متعددة و متنوعة.
فرجال المخابرات هم الذين كانوا وراء تعيين جملة من المسؤولين الكبار وفي أحيان كثيرة يكون القائمون على الأمور و أصحاب مواقع القرار منهم هم نتاجا لتربية مخابراتية،و هم الذين كانوا يحمونهم ويبدون بأسنان مفترسة كل الذين يقفون في طريقهم، وهم الذين كانوا ينتجون كريزما المسؤولين و القائمين على الأمور في مختلف المجالات حتى في المجالات التي لا تفقه فيها المخابرات شيئا ، وراقبوا كل وسائل الإعلام لتكون في خدمة منحى واحد لا ثاني له و الذي لا يأتيه الخطأ من بين يديه و لا من خلفه , و هم الذين كانوا يطهرون المجتمع من أصحاب الأفكار والرؤى و الإستراتيجيات الذين لا يتفقون مع ذلك المنحى الذي لا ثاني له, وهم الذين كانوا يصيغون خارطة سياسية على مقاس ذلك المنحى. وهم الذين كانوا يصدرون التزكية لهذا وذاك حتى يتبوأ هذا المنصب أو ذاك. وهم الذين كانوا يشرفون على علب الليل و الحانات و أوكار الفساد ومراقبة النصوص المسرحية والفكرية والأدبية و دروس الأساتذة وسط الأقسام و
وبصماتهم كانت واضحة للعيان في مجال السياسة والإقتصاد و الثقافة والإجتماع مع العلم أنّ بعض المشرفين على الأجهزة الأمنية والإستخباراتية لا توجد لديهم صور وهم غير معروفين على الإطلاق للناس لكنهم أصحاب كل الصلاحيات فقد ملكوا كل شيء وتاجروا في كل شيء حتى في مجال العهر والدعارة ، وأقاموا أوشج العلائق مع رجال المال والأعمال الذين حفظوا القاعدة جيدا لا يمكن أن يطعموا إلاّ إذا أطعموا رجال الحديقة الخلفية أو بتعبير العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني الذي قال لكل دولة حديقة خلفية و يقصد رجال المخابرات الذين ألغوا من ثقافتهم مسألة منكر ونكير و قاموسهم اللغوي النزاهة و الأخلاق و الصفة الآدمية و المروءة و العفة و الضمير و... أي كل ما هو جميل انسانيا، فتصرفوا بدون رقيب وبدون محاسب , وعندما يكاد أي جهاز أن يفضح ويتعرى يقدمون أحد الذين إنتهت صلاحياتهم من رجالهم بحجّة إختلاسه لدريهمات ثمّ يطلق سراحه بعد حين بعفو أو بتماطل البث في ملفه إلى أن يطاله النسيان.
اتهام المهدي بنبركة بالجاسوسية لفائدة المعسكر الشرقي
سبق لمجلة "ليكسبريس الفرنسية" في يوليوز 2007 أن نشرت أن "المهدي بنبركة"، الذي تعرض يوم 29 أكتوبر من عام 1965 للاختطاف في وضح النهار وسط العاصمة الفرنسية ، عمل جاسوسا للمخابرات التشيكوسلوفاكية ابتداءا من أبريل 1960 حيث تم تجنيده من قبل عميل للمخابرات التشيكوسلوفاكية بالعاصمة الفرنسية باريس والتي لجأ إليها المعارض المغربي بعد توثر علاقاته مع الملك الحسن الثاني. وذلك استنادا على الوثائق التي حصل عليها "بيتر زيديك" - صحافي ومؤرخ تشيكي – مؤلفة من أكثر من 1550 صفحة نشرت بعضها المجلة الفرنسية في تحقيق خاص 2007.
وقال "بيتر زيديك" للمجلة الفرنسية أن "بنبركة" اشتغل لحساب المخابرات التشيكوسلوفاكية تحت اسم "الشيخ" وكان يمدها بالكثير من التقارير والمعلومات والتي كانت بدورها ترسل للمخابرات السوفيتية الشهيرة "كا جي بي". وكشفت الوثائق المنشورة أن بن بركة كان يتقاضى راتبا شهريا من المخابرات التشيكوسلوفاكية وقدره 1500فرنك فرنسي في الشهر ابتداءا من ربيع 1961، وكان يقدم إلى المخابرات التشيكوسلوفاكية وعلى فترات متباعدة تقارير ووثائق حصل عليها من مكتب التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس الفرنسي والذي تحول في 1982 إلى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي.
وحسب الوثائق ذاتها ، فقد تلقى بنبركة إبان زياراته المتكررة للعاصمة براغ دورات تدريبية على يد المخابرات التشيكوسلوفاكية ، كان آخرها في مارس 1965 أي قبل سبعة أشهر من اختطافه بباريس حيث لم يعد بعد ذلك أي أثر لجسد بنبركة.
الأمير الخطابي يتجسس على عباس المسعدي
الجاسوس الصديق
التقى عباس المسعدي مع محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي كان جيش التحرير يكن له التقدير ويستنير به في كل تحركاته أكثر من مرة، وكان آخرها في عضون شهر فبراير من سنة 1956 . علما أن الأمير عبد الكريم كان يعارض بشدة مسألة خضوع جيش التحرير المغربي لتوجهات الأحزاب السياسية، ويدعو إلى استمرار الكفاح المسلح حتى يتحقق الجلاء التام للمحتل الغاشم من أ ي شبر من الوطن.
وقد أكد الكاتب محمد لخواجة أن أن عباس المسعدي حل بمدينة الناظور بعد أن وُضعت جميع الأسس لبناء حركة مسلحة في الريف، أي بعد أن مر على ميلادها حوالي أربع سنوات. وقد وجد في الريف منفذا لإبراز طموحاته العسكرية التي لم تتبلور في الدار البيضاء وغيره. ومباشرة بدأ الاتصالات والتنقلات في الريف بسرعة مع حرصه الشديد على عدم تسرب أي منافس له إلى هذه الجهة. كما حرص على إبعاد كل من يحاول التشويش على هذه الحركة الفتية والواعدة. وقد عمل كل ما في وسعه على تحصين جيش التحرير المغربي من الوقوع تحت نفوذ الأحزاب السياسية وبخاصة حزب الاستقلال، أكبر الأحزاب آنذاك. ولعل هذا ما جر عليه "غضب" الزعامات السياسية المغربية، لاسيما بعدما اشتد عوده وأصبح زعيما بلا منازع، يأتمر كل القادة بأوامره ويفاوض باسمهم كل الجهات، سيما بعد عودته من القاهرة فيأواخر فبراير 1956.
وكشف محمد لخواجة بعثها عبد الله الصنهاجي إلى عبد العزيز أقضاض (أحد منافسي عباس المسيعدي) يحذره فيها من "جاسوس" يتجول في منطقة الريف . ولم يكن ذلك الجاسوس إلا مبعوثا أرسله الأمير عبد الكريم الخطابي ليتفقد أحوال المجاهدين وسير حرب التحرير. وحسب شهادة عبد العزيز أقضاض نفسه أنه استقبل الجاسوس المزعوم من في مركز جيش التحريربكل ترحاب، وتحدث معه طويلا وعرف حقيقة مهمته ،وتبين له أنه كان جاسوسا صديقا مرحبا به ولم يكن جاسوسا من جواسيس العدو كما زعم الصنهاجي في رسالته.
نبيل النحاس المصري
عميل الموساد الذي تجسس على المغرب
وكانت أولى المهام التي أوكلت إليه السفر إلى منطقة الصحراء المغربية "ريو دي أورو" ومن "فيلا سيسنيروس" (الداخلة) و "العيون" يستطيع أن ينقل أخبار الصراع السري الدائر وقتئذ بين المملكة المغربية وموريتانيا ، صراع النفوذ على المنطقة المحصورة بينهما.
كانت سعادته بالمهمة الجديدة عظيمة، حيث ستتاح له فرصة اللحاق بساحرته الإفريقية جونايدا - التي سبقته إلى كوناكري. . وطار النحاس إلى الدار البيضاء تحفه أحلام المغامرة والغد الوردي.
في الدار البيضاء كانت بانتظاره مفاجأة بدلت مجرى حياته كلها ، إذ تعرف إليه في بهو الفندق رجل مغربي يهودي . عرف منه وجهته، فعرض عليه مساعدته لدخول "ريو دي أورو" عن طريق أعوان له في "سيدي أفني" وكيفية اجتياز "وادي درعة" للوصول إلى الحدود. سر نبيل النحاس للصدفة الجميلة التي لم يكن لتخطر على باله. واحتفاء بالمراسل الصحفي الوسيم، أعد له المضيف وليمة غداء بمنزله في "أزمور" الساحرة الواقعة على نهر "أم الربيع" . وفي منزل تحيطه الحدائق والزهور كانت تنتظره مفاجأة أخرى. إنها "مليكة" الشابة اليهودية المغربية ذات جمال فتان . كانت في الواحدة والعشرين من عمرها، إذا خطت تحركت الفتنة وترجرجت تحت ثيابها ،وإذا تأودت أغرقت الدنيا بهاء وحسناً، وإذا تحدثت أربكت حدود العقل وأركانه. أذهل جمالها نبيل فنسي مهمته ، فقد أفقدته حسناء أزمور الوعي والرشاد ، وطيرت عقله إلى سفوح المتعة. . فأقبل يلعق عناقيد الفتنة بين يديها . . ويتعبد منتشياً في محرابها مسلوب القرار. الأيام تمر ونبيل نسي مهمته ،قابع بين أحضان مليكة التي أحكمت شباكها حوله وسيطرت على كل حواسه وحولته إلى خادم يلبي طائعاً رغباتها وينقاد لرأيها ..دون أن يشك ولو لحظة في كونها تسعى لاصطياده في خطة محبوكة ماهرة أعدتها "جونايدا" سلفاً في القاهرة. وبعدما فرغت جيوبه ،أفاق نبيل على موقف محرج، بلا نقود في بلاد الغربة
عرضت عليه "مليكة" السفر معها إلى باريس حيث الحرية والثراء .. وبلا وعي وافقها .. ورافقها إلى عاصمة النور ومأوى الجواسيس .. وهناك لم ينتبه إلى حقيقة وجوده بين فكي كماشة . ولما أيقنت أنه سقط، نبهته "مليكة" بالتلميح إلى ضرورة إدراك حقيقة لا بد أن يعيها، وهي أنها يهودية تدين بالولاء لإسرائيل حتى وإن كانت مغربية المولد. وعندما استقرأ نبيل مستقبله معها . . كانت الصورة أمامه مهتزة .. إذ خلقت منه مليكة الناعمة أعمى لا يرى تحت قدميه. هكذا ومن حيث لا يدري أصبح جاسوسا.
تم ترتيب سفر نبيل إلى إسرائيل، وفي الفيلا التي نزل بها كانت تنتظره مفاجأة مدهشة، إنها مليكة ، العميلة المحترفة التي أوقعت به صيداً سهلاً في شرك الجاسوسية لصالح الموساد. فجددت معه ذكرى الأيام الخوالي ، وأغدقت عليه من نبع أنوثتها شلالات من المتعة منحتها له هذه المرة ليس بقصد تجنيده والتغرير به كما حدث في المغرب، ولكن لتكافئه على إخلاصه لإسرائيل.
جــاســوس جــزائـــري كان كثير الظهور بالقنيطرة
في فجر الاستقلال وعقد ستينات القرن الماضي دأب جاسوس جزائري على الظهور بمدينة القنيطرة، سيما في القاعدة الأمريكية. إنه مسعود زفار أحد أبرز رجال المخابرات الجزائرية زمنئذ. وأثناء ثورة التحرير الجزائرية كانت رؤيته مخالفة للجميع فقد أدرك قبل غيره بأن الكفاح لن ينجح إلا بالجمع بين المال والاستخبارات .سمي بألقاب مختلفة كرشيد كازا و"بحري" لكنه عرف بـ "الشلح" بين أهالي القنيطرة واشتهر بـ"ميستر هاري" وسط الضباط الأمريكان المعسكرين بالقاعدة الأمريكية بالقنيطرة، وهي القاعدة التي يتمكن من اختراقها بعد إتقانه للغة الإنجليزية وكثرة احتكاكه بضباطها. وقد بلغ به الأمر إلى حد توظيف أحد أصدقائه بها، ويتعلق وكان يمد مسعود بمختلف المعلومات الحربية، كما تمكن الاثنان من الحصول على أسلحة وأجهزة اتصال بالتواطؤ مع بعض الضباط. وبهذه الطريقة تمكن ذلك الصديق من الحصول على جهاز إرسال متطور يستعمل في تجهيز البواخر، وهو الجهاز الذي أدخلت عليه بعض التعديلات وأصبح يستعمل في البث الإذاعي لـ "صوت الجزائر" بالناظور، حيث شرعت هذه الإذاعة السرية في البث بتاريخ 16 ديسمبر1956. كما أن مسعود بالأمريكيين سمح له باكتساب خبرة واسعة في مجال السلاح وأجهزة الاتصال وبلغ به الأمر حد تكوين علاقات مع شخصيات أمريكية راقية وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، إذ كان يحضر أحيانا بعض الحفلات والنشاطات التي ينظمونها. وحسب أمين سره، صغير جيلاني، فقد أتيحت له الفرصة بأن يتعرف على حرم السيناتور جون كينيدي الذيأصبح بعد سنوات من ذلك، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. فكان يوظف كل هذه العلاقات لدعم القضية الجزائرية وعملياته الاستخباراتية كللت بنجاح باهر وبدأ مسعود يوسع دائرة استعلاماته في عدة أماكن، حيث تمكن من خلق علاقات في محيط الرئيس الفرنسي ديڤول، وكان بمثابة النواة لشبكة المخابرات التي لعبت دورا بارزا في الاستعلام الحربي. وبما أنه أصبح يتقن التعامل مع أجهزة الاتصال، فقد زود مقر "المصلحة الخاصة للسلاح بالإشارات" بمحطة للاتصال اللاسلكي يتصل بها مباشرة ببوصوف وبومدين. لم يسبق لأي شخص أن تكفّل بمفرده بإنجاز مصنع للسلاح، وقد اختار مسعود أن تكون هذه المغامرة بالمغرب، وكان ذلك في مكان ما بالقرب من منطقة الناظورفظاهريا المصنع يبدو مختصا في صنع الملاعق والشوكات ويعمل به أجانب من دولة المجر، لكن في المستودعات الخفية المكان مخصص لصنع "البازوكا". وبما أن مسعود كان حريصا على سرية النشاط فلم يوظف فيه إلا المقربين إليه، بعضهم من أفراد العائلة وكلهم تقريبا من أبناء منطقته الجزائرية الأصلية (مدينة العلمة). كان العمال بهذا المصنع السري يشرفون على عمليات التركيب لمختلف قطع الغيار التي كان يستقدمها زفار من أمريكا بطريقته الخاصة ، والتي ظلّت غامضة ومجهولة ، وحتى المقربين إليه لا يعلمون كيف كان يُدخِل مختلف القطع الى المغرب، خاصة تلك التي تبدو من خلال شكلها بأنها مخصصة لصنع القذائف، وأما بعض القطع فقد كانت تدخل علانية على أساس أنها موجّهة لصنع الملاعق والشوكات، وحتى العمال المغاربة الذين تم تشغيلهم لم يكونوا على دراية بطبيعة المصنع الذي يعملون به.
كان لمسعود نفوذا كبيرا بالولايات المتحدة الامريكية، حيث تعرف على أبرز الشخصيات كالرئيس السابق ريتشارد نيكسون الذي أقنعه باستقبال الرئيس هواري بومدين سنة 1974، كما كانت له علاقة مع "كاسي" المدير السابق لوكالة المخابرات الامريكية وكذا رائد الفضاء "فرونك بورمان" الذي زار الجزائر بدعوة من مسعود واستقبل من طرف الرئيس هواري بومدين. وامتدت علاقاته لجورج بوش الأب ، قبل أن يصبح فيما بعد نائبا للرئيس ريغن. كان هناك عملاء أمريكان كانوا يتجسسون لصالح زفار وساعدوه على تقديم معلومات مهمة للقيادة إبان الثورة.
دافيد ليتمان
الجاسوس الذي هرّب اليهود إلى فلسطين
حل "دافيد ليتمان" – عميل الموساد بالمغرب- سنة 1961 وكان عمره لا يتجاوز 27 سنة، لمساعدة أطفال اليهود المغاربة إلى فلسطين. وهي خطة اعتمدها الموساد لجبر الآباء والأسر على الرحيل إلى الأرض الموعودة.
إنها عملية "مورال" التي نسجت خيوطها في السر كل من الوكالة اليهودية وجمعية مساعدة الأطفال( Oeuvre de Secours aux enfants- OSE ) تحت إمرة الموساد وإشرافه .
كان "ليتمان" يعمل تحت إمرة "أليكس كاتتمون" القائم على جواسيس الموساد بالمغرب آنذاك، وكان أحد جواسيس الموساد الأكثر خبرة وتجربة. في حين كان يدير عملية "مورال" "سامويل طوليدانو" الخبير في العالم العربي والرجل الثاني في الموساد بعد رئيسها "إسير آريل" وقتئذ. لقد نشط "ليتمان" تحت غطاء محسن إنجليزي حل بالمغرب رفقة زوجته لاختيار أطفال للمشاركة في المخيمات الترفيهية. وفي إطار إنجاز مهمته كان "ليتمان" على اتصال بكل من "جاد شاهار" و"بيتحاس كاتسير". وقد تمكن من تهريب 530 طفل إلى إسرائيل بواسطة جوازات سفر جماعية. علما أن هذه الجوازات هي التي مكّنت الموساد من التفاوض مع المسؤولين المغاربة من أجل ترحيل 100 ألف يهودي مغربي فيما بين 1962 و1964 ،وهي العملية التي أطلقت عليها الموساد اسم عملية "ياخيم".
وقد سبق لأحد رؤساء الموساد، "روبن شيلوح" أن أكد أن المخابرات الإسرائيلية تتوفر على ما سماه بالشبكة اليهودية في الشمال الإفريقي، وهذا ما أقره كذلك الرئيس للموساد فيما بين 1963 و1968 ، "مايير عاميث" في كتابه "رأس برأس" الصادر سنة 1999.
طنجة وكر الجواسيس
اهتمت جميع القوى العالمية بمدينة طنجة اعتبارا لموقعها الجيوستراتيجية ولكونها ظلت تعتبر منذ 1890 بوابة وقفل البحر الأبيض المتوسط،لذا من تحكم فيها استطاع التحكم في هذا البحر.
احتضنت، طنجة مبكرا 12 تمثيلية دبلوماسية أوروبية إضافة لتمثيلية أمريكية وكانت متنافسة فيما بينها وكل واحدة تراقب الأخرى وتتجسس عليها. هذا ما جعل المدينة تحتضن جواسيس من كل الدول، الشيء الذي أكسبها نعت "وكر الجواسيس". آنذاك كانت تنطلق من طنجة 4 "كابلات" للتغراف عبر البحر اثنين منها نحو فرنسا وواحد نحو إنجلترا والرابع نحو إسبانيا.
من الغرائب
وزير أول فرنسي جاسوس مغربي خلال لحظات
في غضون شهرفبراير سنة 2011، منع رجال أمن فرنسيون "دومنيك دوفيلبان"، الوزير الأول الفرنسي الأسبق، من دخول مجمع المركز الفرنسي للأبحاث الذرية حين اعتقدوا أنه جاسوس مغربي.
وحسب جريدة "لوباريسيان" الفرنسية، فإن رجال الأمن اتخذوا قرارهم بمجرد مراجعتهم لجواز سفر "دوفيلبان" لحين احظوا أنه مولود بالمغرب.
وجاء في ملاحظة رجال الأمن "أنه رجل خطير وجاسوس لقوى خارجية"، غير أن تدخل مسؤولين في المركز، لإعلام رجال الأمن بأن "دوفيلبان" وزير أول سابق وشخصية فرنسية سياسية معروفة، مكنه من الدخول.
يشار إلى أن دوفيلبان ولد بالعاصمة الرباط يوم 14 نونبر 1953. وكان من أقرب المساعدين للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وشغل عدة مناصب، من بينها الكاتب العام لقصر الإليزيه منذ عام 1995، ووزير الشؤون الخارجية ما بين 2002-2004، ووزير الداخلية ما بين 2004-2005، قبل أن يحمل حقيبة الوزارة الأولى إلى حدود 15 ماي 2007 حين انفجرت فضحية مالية اتهم فيها بأنه ضالع فيها، ليعلن انسحابه من اتحاد من أجل حركة شعبية. وفي يونيو 2010 عاد للحياة السياسية بتأسيسه حزب "الجمهورية المتضامنة". ترشح للانتخابات الرئاسية لكنه فشل في الدور الأول.
"لادجيد" بسرعة
يعود إحداث المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) إلى سنة 1973 بعد تحويل الكاب 1 إلى إدارة للمستندات والوثائق والمحافظة على التراب الوطني.
وتظل مديرية الدراسات والمستندات (لادجيد) تحت إمرة القصر الملكي مباشرة. وتشغل حاليا 1600 مدني و 2400 عسكري (5 في المائة منهم نساء)، هذا إضافة لفرقة عمل وتدخل، أناس غير مرئيين، مدربون ليظلوا نكرة لا يتعرف عليهم أحد، ويبلغ عددهم ما بين 250 و 300 فرد ينشطون داخل المغرب وخارجه (في إفريقيا، العالم العربي، أوروبا وآسيا)، ويقال أن ميزانية "لادجيد" تناهز 10 ملايير من الدراهم (100 مليار سنتيما) والله أعلم.
وحسب أكثر من مصدر مطلع، سبق لـ "لادجيد" أن نبهت واشنطن قبل 11 سبتمر 2000 عن إمكانية حدوث أعمال إرهابية بالتراب الأمريكي إلا أن المخابرات الأمريكية لم تل أي اهتمام لهذا التنبيه.
إدريس ولد القابلة
التعليقات (0)