ما نتوقعه " كمواطنين " هو ان تعمد دولنا العربية الى ادراك ان الجاسوسية المضادة لا تكون في حالة الحرب فقط . انما عليها كدول ذات نظام رعاية و حماية , ان تعلم و ان تبقى يقظة , على ان العدو - اي عدو- لا يتوقف عن الاستفادة من جمع المعلومات و تبويبها للاستفادة منها عند الضرورة . و ان تكون مصادر معلوماتها خبيرة و كفؤة , لتزودها دوما بمعلومات جديدة و متتابعة و متدفقة باستمرار . ليس خوفا من العدو بل هي الجهوزية التامة للدفاع عن الحدود و الامن العام و سلامة الاوطان من اي اعتداءات خارجية مهما كان مصدرها .
لكن الواقع العربي لا يسمح و لا يجيز لاجهزته ان تعمل في دائرة خارج نطاق حدوده , الا ضمن تنسيق امني ثنائي او اكثر في اغلبه مكشوف و في العلن , لانه لا يخرج عن كونه ضمن اطار تعاون دولي ضد اخطار - عالمية عامة ( كما هو الان في محاربة الارهاب ) . او في مواجهات ليست من صالح اوطاننا في معظمها ( محاربة قوى تطرف انفصالي او مناهض لنظام سياسي صديق ) . ان مثل تلك الاعمال الجاسوسية التي تشارك فيها الاجهزة الامنية الرسمية العربية و ان كانت تغلف اعلاميا بانها حيطة و حذر او انها اعمال امنية استباقية . فهي تعاون استخباري مع دول اخرى " حليفة " ضد معاقل اعداء - متوهمين - في عمليات تنم عن تبعية القرار السيادي الرسمي او بمقابل دعم مادي " مرتزقة " او دعم سياسي كغطاء لتثبيت النظام الرسمي او الرضى عن سلوكه و لو كان استبداديا .
هذه الحسناء الفاتنة و التي ظهرت صورها ايضا على صفحات تعارف روسية .. لها مع اصدقائها رسالة الى العالم كله ( خدمة المصالح الروسية بكل الطرق ) . مستغلة طاقاتها في انجاح مهمتها .. مما اوجب على الرئيس الروسي ان يمنحها تقديرا رئاسيا على اعلى المستويات , لانها و زملائهايستحقونه لما قدموا من معلومات تخدم وطنهم عن جدارة .
كيف لنا نحن العرب خصوصا اذا كانت انظمة الحكم من الذين يؤمن - بالمؤامرة - ان نكون على قدم المساواة في ردع الطامعين من الاعداء و حماية دولنا - حكومة و شعبا و ارضا - من اي خطر داهم او متوقع ؟؟ .
ان اهم وظائف اجهزتنا الاستخبارية هي جمع و رصد و تدقيق البيانات و المعلومات و الحصول على احدث التقنيات و الاجهزة الرقابية و التفتيشية في المعابر البرية و البحرية و الجوية و توظيف كوادر على قدر كبير من التدريب و التاهيل .. لكن ذلك كله موجه داخليا ضد مواطني الدولة نفسها . سعيا لحماية كرسي النظام و مكاسبه .. و ضد من تسول له نفسه الكلام او التعبير عن الظلم الذي يعانيه و عن الحرمان و الفقر و الجهل و المرض , لان عتاب النظام او التعليق على افعاله انما هو اعتداء على الصالح العام و هو خروج على القانون و تعد على الانجازات العظيمة . فيجب ان تكون اجهزة الامن متأهبة لقمع مثل هذا المواطن و اخراسه او تصفيته ان لزم الامر .
ان اغلب مواطني الدول العربية صاروا من الذين اكبر همهم نسج بيوتهم من خيوط الوهم و الاحلام و الاكتفاء بحلم الوقوف على طابور رغيف العيش مبكرا عسى ان يعود الى اطفاله بوجبة يشكرونه عليها .
انه لا خوف عليكم انتم ايها السادة اصحاب الالقاب السامية العليا . من انفلات الجياع الحفاة باسمالهم البالية , فلقد وصلوا الى الدرك الاسفل من ذل الحاجة و التبعية للآله الصنم .
التعليقات (0)