الجهل هو الاصل والعلم هو الطارئ..!
والتخلف هو الحالة الطبيعية أما الانعتاق منه فهو الحالة الطارئه ..!
والعقل يحتله الاسبق اليه... وليس بالضرورة ان يكون الحق..!
والانسان لا يولد بعقل ناجزمكتمل بل يولد بقابلية على التشكل والتشكيل و الانجاز ,وقابلية على العلم والتعلم والاصباغ بصبغة المحيط الثقافي وأجواء الافكار التي يتنفسها, وليس بالضرورة ان يتشكل هذا العقل بحقائق دامخة بل ربما يتهيكل بأسس من الاوهام حتى يظن الظان المتفيقه ان مالديه هو الحق المطلق وان ماعند غيرة هو الظلال المبين ..!
ان الحديث الموجود في الصحيحين بخاري ومسلم (رض) الذي يرويه ابي هريرة رضي الله عنه قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ (مامن مولود إلا يولد على الفطرة فابواه يهودانه أوينصرانه أويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ) ثم يقول ابو هريرة رضي الله عنه فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ,وكافة شراح الحديث القدامى يقولون على ان الاصل في كل مولود انه يولد مسلما وان التهود او التنصر او التمجس امر طاري على اصل الفطرة وان الفطرة هنا تعني الاسلام وان المولود يولد مسلما هكذا من الخلقة والمنشأ في حين انه مثلما المولود لايولد يهوديا ولا نصرانيا هو بالتاكيد لايولد مسلما وهذه الحقيقة سجلت في القران الكريم الذي يقول ( والله اخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئا) فالفطرة هنا تعني عدم العلم وهي قريبة من الجهل واقرب ما تكون الى الامية ,وتعني ايضا ذالك الاستعداد والقابليه للتعلم , او هي تلك الادوات التي بها تتبرمج ثقافتك ,والفطرة هنا قريبة من كونها الامية وليس الجهل, لأن الامي هو الانسان الذي ليس لديه اي ثقافة فهواشبة بالورقة البيضاء لم يكتب عليها شيئا بعدمن افكار وقيم الوسط الفكري كما تعني انه لم يتاثربعد بثقافة المحيط الثقافي الذي يعيش فيه, في حين ان الجهل والجاهل هو ذالك الانسان الذي امتلأ بثقافة لكنها خطأ واوهام مزيفه وهو مع ذالك يظن ان مالديه هو الحقائق الدامغة والعقائد الراسخة التي لاتقبل النقاش,الفطرة هنا هي اشبه ما تكون بذالك الابتوب الذي تشتريه من المنشأ الذي لم تدخل عليه اي معلومة,لكن لديه استعداد ان يملأ باي معلومات انت تدخلها بغض النظر أكانت حقا ام باطلا. الفطرة هي تلك النقطة الوسط التي لم تتميز بها بعد , هي تلك الساحة التي لاتكون فيها باطلا ولا تكون فيها حقا, لاتكون فيها خطأ كما لاتكون فيها صواب, هي قلق السؤال الذي يحثك حثا نحو البحث الدؤب عن الحقيقة, وهنا مربط فرسي الذي ابحث عنه, فنحن كمسلمين وعرب فقدنا فطرتنا التي فطر الناس عليها, فقدنا قلق السؤال.! ففقدنا الحقيقة..!
الناس يتشربون الثقافة التي يولدون منها وينشأؤن عليها ويذيبون فيها ثم تملأ هذه الثقافة شعورهم بالتميز والفخر والزهو بهذا الانتماء لأن كل ثقافة تملأ الناشئين عليها باوهام ذالك التميزفيعيشون مغتبطين فرحين معتزيين بهذا الانتماء , غافلين غفلة مطبقة بأنهم مبرمجين بهذا الوهم مع العلم ان الناس في كل الثقافات تعيش الوهم ذاته, وهذا مما يجعل الثقافات سجونا كبيرة للعقول , والتقهقرحصونا منيعه للانغلاق ,والتخلف عقاقير نتشافى بها..! مع فارق بسيط , ان هذه السجون ...محبوبة .!! وحصون التخلف ....ملجأ يلاذ بها..! والجهل....رمزا مقدسا حتى صار له عندنا جاذبية نتمغنط اليه .! والتخلف بركة نتقدس به ,ونتبارك به ,ونتمسح به.!!
الجهل ولـّلاد الخوف وافراخه الحيرة وديدانه التردد واحفاده التكلس والجمود,ومن الجهل تراكم الاخطاء وهي رأس كل معاناة وذروة كل تعاسه وهي عين الشقاء, والانسان متى جهل خضع ووقع قتيلا في براثن الاستبداد وشـَرك الاستعباد,الجهل هو شعورك انك عرفت الحقيقة واحتكرتها وانك وحيد زمانك وفريد مكانك تظرب اليك اكباد الابل, وهي دلاله واضحة على انك اعمى متعصب جاهل ,وهي صرخة قوية بأنك ماعرفت انك لاتعرف..؟؟ الجهل موت قبل الممات..!!فمتى تنتهي موائد التخلف فتكون العشاء الاخير.؟ أَ لا هل من مشمر بعزيمة للغداء الفكري ليتحرر.؟؟, أ لا هل من ظاغط على زناد الوعي فيقتل الجهل ليتقهقر.؟؟
الجاهل لايدرك التعدد ولايفهم سرالتناقض الجاهل يرى الارض مسطحة ! لأنه صدّق عينيه, الجاهل لايغيير آراءه ولا يعيد النظر بأفكاره لكي يبقى محافظا عل سلامة أمانه الوهمي الداخلي لكي لايصاب بدوار الفكر وفيروس التطور.! الكل يتغيير الا هو فهو متمسك بكل فخر بمبادئ الوهن وراسخ كالجبال بتقاليد الجهل ويقاتل بلا جبن عن قيم الضعف فيكون شهيد في سبيل الجهل ليعلي راية التخلف خفاقة..!
قد لاتبدوالمشكلة بالجهل وهي كذالك ولا بالجهل المركب وهو الطامة ولكن الاعمق من ذالك عندما يكون الجهل مزية يتم التفاخر بها..! مشكلتنا اننا نعيش حالة افضل ما نقول فيها واحسن وصف لها.... انها حالة غاية في الانحطاط ووضع بالغ في السوء.! واحسن المتفائلين هو تحت سقف التشائم..!
المشكلة عندما يمتلئ عقلك بأوهام ثم تعتبرها حقائق .!! ثم لاتستطيع بعد ذالك ان تصغي لأي حقائق اخرى.! فتظنها انها الحقيقة الاخيرة المفقودة .! وانك انت سعيد الحظ من عثر عليها فتختم على عقلك بختم الشمع الاحمر ثم ترميه في الجحيم.! وهي حالة اشبه ماتكون عندما تقتنع ان لقطة الكامرة التي صورت حدث لك قبل خمسين سنة هي ذاتها ما انت علية اليوم لم تتغيير منه ومنك شيئا وعبثا يحاول الاخرون ان يقتعوك ان رأسك اشتعل شيبا, فتقف على لقطة زمنية تأريخية قديمة ثم تعتبرها هي الحدث الاخير ..... اليوم ..!! هذا مايسمى الجمود الثقافي والتكلس الفكري وانغلاق انابيب المعرفة.! وهي حالة تذكرني بذالك الرجل العربي الثابت على مبادئه وعلى افعاله و اقواله حين سـُئل في مقابلة تلفزيونية عن عمره فقال 30 سنة ثم اجري له لقاء ثاني بعد اربعين سنة فسـُل ايضا عن عمره فقال 30 سنه ايضا ..؟؟ فقيل له قبل 30 سنه سألناك فقلت 30 واليوم بعد 40 سنة تقول 30..؟؟ فقال انا عربي اصيل وعيب علي تغييرافكاري وليس من الرجولة أن أغيركلامي..!!!
مشكلتنا في الانغلاق الثقافي والاستبداد السياسي..!!!
ليست مشكلتنا اننا نعرف اننا لانعرف ولكن الكارثة اننا لانعرف اننا لانعرف..!! وان عرفنا فلا تتغيير البنية العقلية ولا الخارطة الذهنية..!
مشكلتنا اننا نحتاج الى اعادة تأسيس ثقافتنا من جديد..!
مشكلتنا هي اننا نعتقد ان ثقافتنا هي ثقافة الكمال التي لايعتريها النقص بحيث لانحتاج الى أحد فننغلق على انفسنا ولا ننفتح على ثقافة الاخرين وان كانوا متحضريين ومتقدميين ,وننكفأ على ثقافتنا المحلية وان كانت ثقافة التخلف ونمسك بقبظة التقهقر بيد من حديد وكأننا نمسك بحبل نجاة.! ونحن نغرق في فياضانات الجهل..!
ولأنني أكرر كثيرا كلمة الثقافة وأعادة تأسيس هيكلة منظومة الثقافة من جديد أجدني ملزما بتعريف ماهية الثقافة التي ادندن حولها,علّ هذا السطور تخفف من هذا النزوع الغريب والملفت للهدم والعجزالحضاري والكساح الفكري والعوق العقلي وحتى نتخلص من هذا القحط العلمي والادبي والنهضوي ووصولا الى ان نتألق بالعقول ونتأنق بالافكار ولا نتنافس بنضارة الاجساد , وحتى نتخلص من جهالة الجهل التي تغتال العقل وحتى نفرح ولانشعر بالحزن اذا ما حرمنا من الجهل أو التخلف, وحتى لا تكون الاعراف والتاريخ عقل نفكر به ,وحتى اصل الى نهاية طبيعية يكون فيها العقل قيمة مركزية, حتى نجيد الربط بين الاسباب والنتائج فالعقل هو الرباط والرابط بين الشئ كنتيجة والشئ كسبب, لنكون مجتمع منفتح مبدع وليس مجتمع منغلق الكل فية نسخ مكررة فوتو كوبي.!
اعود فأعرف الثقافة :
الثقافة : هي ليست المعلومات التي تأخذها من القراءة الحرة اوالمعارف التي تدرسها في الجامة الاميركية ثم ترجع بها الى بلدك.!وليست هي منهج تعليمي في مدرسة أو جامعة, الثقافة هي ليست القراءه والكتابة .
الثقافة هي ليست العلم او التعلم او الدراسة الاكادميه, التعلم محكوم بالثقافة وليس العكس, لأن العلم هو ذالك الشئ الطارئ على عقل تم تشكيله سابقا بالثقافة السائدة التي فتح الطفل عينيه فوجد اباه يلقنه اياها, لعلم هو ذالك الطلاء الظاهر الخارجي من جدارالثقافة السميك..!!
البنية العقلية يصوغها الثقافة وليس التعليم, لابل أكثر من ذالك في المجتمعات المتخلفة التعليم والجامعات يكرسان ثقافة التخلف ويمنهجها فتزيد الليل عتمة والطين بله, على عكس ماهو شائع بأن الجامعات تشيع التعلم وتبدد ظلام الجهل.!
الاستعمال الشائع لكلمة الثقافة يشوه المعنى كثيرا ويبعده بعيدا عن مراده وعن المتلقي,
الثقافة هي ذالك الشئ الذي كان قبل التعليم واستمرمع التعليم وبقي ذاته بعد التعليم,
الثقافة هي ذالك الشي الذي لاتتذكره ولاتذكر مصدره لأنك معجون به ومخلوط به بذات الخلاط وممزوج ومتماسك به لدرجة انك اذا انفصلت عنه شعرت انك انفصلت عن ذاتك,
الثقافة: تعني اذا سئلك احد ما عن شئ تجيب بتلقائية شديدة ولا تحتاج ان تفكر فيه لتجيب,
الثقافة هي ذالك الشئ الذي سبق كل الاشياء فاحتل عقلك,وصاغ ظميرك ووجه عواطفك عندما صرخت باكيا من رحم أمك,الثقافة هو ذالك الجين العقلي الذي ينتقل من جدك المتخلف الى ابيك الجاهل ثم اليك انت ايها المتعلم ثم تعطيه لأبنك البرفيسور ويبقى على حاله دون تغيير..!!
الثقافة : هي هذا الوعاء الكبير الذي صاغ عقول المجتمع وصهرت فيه افكارهم وذابت فية عاداتهم وتقاليدهم وصيغت فيه قيمهم ثم جئت انت يابطل فشربته .!
الثقافة : هي تلك القابلية على امتصاص طريقة عمل العقل الجمعي للمجتمع, وأمتصصته امتصاصا منه.!
الثقافة :هي مجموعة النظم والاليات والافكار التي يتفق عليها الجميع ويتبناها الجميع,بحيث تتشابه افعالهم وردودها حول مسألة ما, ويتربى عليها الصغير وينشأ عليها الغلام ويموت عليها الكبير, طبعا بغض النضر عن ماهية هذة الافكار سواء اكانت حق أم باطل , صواب أم خطأ لأن هذه الافكار قد تكون حق عندك وباطل عند غيرك..!
وعليه يكون الامي مثقف بالثقافة المتاحه ولو كان لايقرأ أو يكتب والجاهل مثقف بالثقافة الموجودة والمتخلف مثقف بثقافة المحيط الفكري السائد والوسط الذي يذوب وينصهر فيه,
ولنضرب مثال وكما يقال بالامثال يزول الاشكال,صديقي ابا عبدالله برفسور في علم في الموروثات الجينية والسلم الوراثي الـ( دي ان ايه) بعثه ابيه الى نييورك وحصل على هذا الاختصاص الدقيق النادر هناك ,لكن صديق العزيز يستوى مع ابيه (الذي بالكاد يجيد قراة الصفحة الاولى من القران الكريم) في قبولهما للاستبداد والخضوع له, وتمسكهما بقيم الجهل التي يسمونها تقاليد لأن بنيته الذهنية لم تتغيير وتمتص ثقافة رفض الاستبداد ولا تقبلت رئتيه نسائم الحرية هناك, بل ان صديقي ابا عبدالله رجع اشد تمسكا من ابيه في الانغلاق الثقافي واكثرلباقة مع الاستبداد السياسي, لأن صديقي العزيز ابا عبدالله يسمي الخضوع للاستبداد تعايش,والانفتاح الثقافي تخلي عن قييمنا وتقاليدنا وكأننا لايمكن ان نجيد التعامل بين التجديد والاصاله..! وهذا يذكرني ببشارون (مع اعتذاري الشديد لشارون) ذاك الولد الذي يقود بلد, ألم يدرس طب العيون في لندن وعاش هناك حينا من الدهر ثم رجع الى سوريا فصار طاغوتا طاغيا ودكتاتورا سفـّاحا..! وودت لو سألته لو كان شابا عاديا في المهجر أما لعن الرئيس لأنه سبب بهجرته وودع وطنه لأنه اهلك الحرث والنسل..؟ ولكن لكل بالون دبوس ونصر الله شباب الحرية الذين تخلو غير اسفين عن ثقافة الاباء التي ملئت عارا وثنارا والحمد لله انهم انسلخو من قيم الجبن وتقاليد الخوف وصعدوا من جديد على خشبة مسرح الاحداث واعادونا الى منصة التأريخ.! وهنا اسجل: ليبقى الاباء ومن لف لفهم في اخر صفوف المتفرجين فهذا هو مكانهم ولا يستطيعون اكثر من ذالك وليتفرجوا الى ادوار البطولة التى تعتلي مسرح النهوض اليوم..!
مشكلتة حضارتنا هو عجزها ان تستوعب حضارة العصر وتبلدها في ان تدرك نقائصها وعوقها عن ادراك مزايا الثقافات الاخرى وعقوقها عن التحضر وانغلاقها على ذاتها وشعورها الكاذب بأنها ثقافة كاملة راشدة قوية لا نحتاج فيها لأحد..!
واخيرا يخلق الله للانسان العقل مع وقف التنفيذ , ويبقى الانسان بدون عقل مالم يستدرج ويعيد بناء ذاته ,ويعيد النظرفي ثقافته ,ويصحح بوصلته ...... ومالم يفعل ذالك فانه سفيه لم يبلغ الرشد و عقله مخبول .! يرفع عنه القلم ولاتقبل منه صلاة او صيام او زكاة او حج لأن شروط قبول هذه العبادات هوان تكون مسلم بالغ و عاقل....!
التعليقات (0)