كان الشعب الليبي تحت حكم الطاغية يرتعد من اللجان الثورية والكتائب والشرطة .وكان الشباب الليبي يرتعش في كل مدن ليبيا وقراها ووديانها وصحاريها ويقدم الولاء والخضوع الكامل للطاغية مجبرا ومخيرا ، ولم يجرؤ إنسان على الأخلال بالأمن أو تهديد سلامة المواطنين . وفجأة حاول البعض من أهالي سجناء أبو سليم في بنغازي أن يعرف ما تم في قتل أبنائهم وإستلام جتتهم على الأقل , فثار الطاغية وهدد وقتل ودمر ، وشاءت الأقدار أن تجاوبت القوى الخارجية العرب في جامعتهم والامم المتحدة في مجلس الأمن فاوقفوا الألة العسكرية للطاغية وأرسل الناتو طائراته الجبارة لوقف زحف كتائب الطاغية على بنغازى والمنطقة الشرقية التي وقع فيها الأحتجاج فأنقدها من مدبحة ومأساة إنسانية كان سيسجلها تاريخ مأسي الأنسانية .
ولأول مرة خلال 42 عاما يتشجع الشعب الليبي ويتحرر من الخوف بهذا الدعم الدولي العارم وغير المحدود ويهب لمقاومة كتائب الطاغية تجاوبا وتاييدا لاخوانهم في شرق ليبيا. ولأول مرة يفاجأ الطاغية بتحرك شعبه النائم وبتجاوب العالم أجمع معه حتى اقرب أصدقائه الروس والصينيين وبعض العرب تخلوا عنه فجأة وأمتنعت روسيا والصين لأول مرة في تاريخ الامم المتحدة عن إستعمال الفيتو لوقف مجلس الأمن من السماح للقوى الغربية بمهاجمة دولة صديقة لهما فيها منافع جمة . ورغم القلة من الأفريقيين الذين تعودوا إستلام هبات الطاغية وبعض الدول العربية المجاورة التي تتخوف من مواجهة نفس المصير فأن الطاغية وجد نفسه في مواجهة العالم . ولم يستطع أمام ضربات الناتو المميتة أن يرتكب جريمة أبادة الشعب الليبي الذي تشجع وثارعليه وهو القائد الأوحد وملك ملوك افريقيا وعميد الرؤساء العرب وأمير المؤمنين والمفكر الأممي . كان تشجع الشباب الليبي في مواجهة كتائب القذافي الحديدية وحمل السلاح لأول مرة مبعث أمل الليبيين الذين وقفوا وقفة رجل واحد وأعلنوا تاييدهم للمجلس الأنتقالي الذي تأسس في عجلة رغم عدم معرفة أعضائه وغموض خطوات إنشائه فجاة ، وظهور شخصيات من نظام القذافي الذين تخلوا عن قائدهم وإبنه سيف على المسرح السياسي . إلا أن الشعب الليبي لم يكثرت أثناء المعارك من يكون في كرسي الحكم فأعتبروا ذلك شئ طبيعي ومؤقت .
لم يكن القذافي يواجه شعبه بمفرده وأولاده بل كان بعض أنصاره من المستفيدين ورموز نظامه تقف معه حتى النهاية . فالساسة حوله منهم من بدل اقصى جهده دبلوماسيا لوقف العصيان الشعبي ومنهم من ساهم في الحملة الاعلامية لمساندة النظام ، باستتناء بعض الأفراد الذين شعروا بنهاية النظام وهول المصيرعندما لاحظوا تصميم الشعب على الثورة ، فتخلواعن قائدهم فرادى وتباعا كلما أصبحوا بعيدين عن سلطته في المدن المحررة أو في الخارج . ورجال كتائب الطاغية أبدوا شجاعة في مواجهة الثوارواخلصوا لقائدهم حتى النهاية مما قد يستغربه الكثيرون ، فلم يرحموا شعبهم بالقتل والقمع وهتك العرض بشكل لم يسبق لأي جيش وطني في أي إنقلاب أو ثورة معاملة شعبه بهذه القسوة والغل والأنتقام . ورغم النار التي كانت تصلى بها الكتائب ومعداتها ومقارها من طائرات الناتو التي كانت تدمر دباباتهم ومدافعهم الطويلة المدى وتكناتهم وطوابير جنودهم فأن أنصار القذافي ضحوا وحصنوا مدنا ومناطق بأكملها لتستمر المقاومة شهورا طويلة دمرت المدن والمدارس والمستشفيات والمقرات الحكومية .
وما أن أعلن خبر القبض علي القذافي وقتله حتى تنفس الليبيون الصعداء وأحتفل الثوار ومعهم الشعب وكأن القذافي كان يحارب بمفردة ، وتميزت مرحلة متابعة أولاده وأزلامه وأنصاره بالأسترخاء فتمكن بعضهم بالهرب عبر الحدود ، وبقى بعضهم في مناطقهم ومنازلهم وبأموالهم أحرارا ، وأظهروا علنا الأنضمام إلى الثورة وهم يضمورن لها الشر والفشل في قرارة نفوسهم . فشملهم المجلس الأنتقالي بعطفه وإنسانيته وتسامحه وبقوا طابور خامسا ساعد على نشر الفوضى وتمويلها من الأموال التي جمعوها من الشعب . أما الثوار الذين كان الأيمان بالله والوطن يملأ قلوبهم ويبدلون الغالي والرخيص في سبيل تحرير بلادهم من براثن الأستعباد والظلم والفساد وضربوا مثالا رائعا في مقاومة كتائب الطاغية وكانوا أسطورة دولية في الصحافة العالمية حتى شبهوا مصراتة بستلنجراد . ولكنهم ما أن قتل الطاغية حتى وسوس الشيطان لهم حب الدنيا والفلوس وفتح شهية روساء فصائلهم لتولي الحكم ، فعسكر بعضهم في طرابلس والمدن الأخرى بسلاحهم بحجة الدفاع عنها وحفظ الأمن فيها وهي مسئولية ليس لهم فيها خبرة ، مما جعل مهمة ما تبقى من قوات الأمن والجيش التي لم تلوث أياديها بالدماء مهمة مستحيلة وتبددت وبقت في مقارها لا حول لها ولا قوة أو في منازلهم بدلا من تشجيعها ومساعدتها على تولي الامن والنظام حال أنتهاء عملية التحرير، فكل الجيوش في العالم تنسحب الى خارج المدن بعد الأحتلال تاركة لقوات الشرطة أعادة الأمن والنظام ألى مجراه الطبيعي. فالجيش والكتائب المسلحة حتى في الحروب لا تبقى في المدن إلا في فترة إعلان حالة الطوائ وينسحبون حال إنتهائها لأن التعامل بالسلاح مع المدنيين لايمكن أن ينشر النظام والأمان . أما المجلس الأنتفالي والحكومة المؤقتة فحال إتمام التحرير وسوس الشيطان في رؤوسهم وزين لهم السلطة والحكم ونسوا أنهم جاءوا بتوافق فرضته ظروف الثورة ، واعتقدوأ أنهم خلفاء نظام القذافي القانونيين فأصبح إهتمامهم الرئيسي هو التفكير في ترتيب إستمرارهم في الحكم بدلا من خدمة مصالح المواطنين العاجلة ، ودعوة المجالس المحلية المنتخبة الى اختيار ممثليهم في المجلس الانتقالي بدلا من الأعضاء الحاليين. وكان من المفروض على المجلس الأنتقالي إصدار قانون بأجراء إنتخابات المجالس المحلية حال أنتهاء التحرير كخطوة أولى ، ودعوتها إلى إختيار ممثليها في المجلس الأنتقالي بدلا من الأعضاء الحاليين قبل البدء في إتخاذ خطوات الأعداد للموتمر الوطني وإجراء الأنتخابات ، حتى يشعر المواطنون أن نولبهم الشرعيين هم الذين سيشرفون على أنتخابات المؤتمر الوطني . إن نشاط أزلام النظام السابق وسلوك الثوار ومواقف المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة المشارإليها أعلاه أفقدت ثقة العالم في الثورة الليبية وأصبحت الأخبار تصفها بالفوضى شبيهة بفوضى المناطق المضطربة في أفريقيا مثل ليبيريا والكونغو وبعض الدول الأفريقية التي تتعرض للأبادة من طرف حكامها .
إن الحل للأزمة الليبية واضح وعاجل ويستطيع الليبيون بكل فئاتهم بمزيد من التضحيات هذه المرة تضحية بالمال والسلطة وليست بالروح من أجل التحرير وإتخاذ الخطوات والأجراءا التالية :-
1-على المجلس الأنتقالي كما طالبت سابقا حظر تولي السلطة في الفترة المؤقتة والترشيح للأنتخابات وتولي النيابة والوزارة والمراكز ذات المسئولية السياسية والأقتصادية الرئسية لكل من تولى في عهد القذافي مسئوليات سياسية وأمنية لمدة السنوات العشر المقبلة ووضع الخطيرين منهم تحت الرقابة المنزلية والمتهمين في السجون لتقديمهم إلى المحاكمة بقانون ثوري يصدرة المجلس الأنتقالي . وأجبار هؤلاء جميعا وكل التجار والملاك الذين تعاملوا مع حكومات عهد القذافي بتقديم إقرارت لدممهم المالية منذ الواحد من ستمبر 1979 ومحاسبة كل من أستغل المال العام بأي شكل من الأشكال بقانون يسن لهذا الغرض .
2- على المجلس الأنتقالي تحذير أنصار القذافي بأن أي محاولة بالدفاع عن نظام القدافي بالقول أوبالعمل أو إثارة الفوضى لعرقلة عجلة الثورة ستعرض صاحبها للقضاء والعقاب بقانون معاداة الثورة الذي يجب على المجلس الأنتقالي إصداره .
3- إصدر قانون من المجلس الانتقالي بأنتخاب مجالس المحلية للمدن قبل البدء في عملية الأعداد لأنتخابات المؤتمر الوطني ودعوة هذه المجالس لتعيين مندوبيها في المجلس الأنتقالي ليحلوا محل الأعضاء الحاليين حتى يشعر المواطنون إن الأنتخابات ستجري تحت إشراف نوابهم القانونيين في المجلس الأنتقالي .
4- على الثوار أن يظهروا شهامة وتضحيات تزيد من أفضالهم وأمجادهم على ما قدموه من تضحيات بالروح ضد كتائب القذافي وذلك بالخروج من المدن وإنهاء مهمتهم وتسليم أسلحتهم ألى قوات الأمن والجيش ومساعدة الشرطة على إستلام كل مسئوليات الأمن والنظام ورجوع الثوار إلى أعمالهم العادية ومن ليس له عمل يطلب الأنضمام الى الى قوات الأمنأوالجيش أو أي عمل أخر ويعطى الأسبقية على غيره .
5- بعد الأنتهاء من كل هذه الخطوات يتم الأعداد لأنتخابات للمؤتمر الوطني وإصدار قانون الأحزاب وإجراء الأنتخابات في موعدها حتى بتمكن المؤتمر العام المنتخب من الأستمرار في الأعداد لوضع الدستور والأنتخابات البرلمانية في الفترة المحددة .
.
التعليقات (0)