حينما نؤسس ثقافتنا العربية وفكرنا الاسلامي على معايير تأريخية ظنية مادتها العاطفة والعصبية والانتماءات والتخندق والتقديس والمشاعر الموتورة فاننا بذاك نضع حاجزا بيننا وبين حقيقة الدلالات التي تحملها ثقافة الحاضر وفكر الواقع وازمة الساعة ومشكلة اللحظة ونوقف التأريخ عند عتبة النتاج الفكري لثقافة المجتمع التي سادت في ذالك العصر.. ونلوي ثقافتنا ليا ونلغيها قهرا لكي تبقى اسيرة ثقافة ذالك العصر الذي انتج تلك الثقافات فنسحب التأريخ بثقافته وفكرة ومشاكلة الى واقعنا وعقلنا اليوم بدلا من الاهتمام بثقافة الحاضر ومحاولة النهوض به, وكأن ماعندنا من مشاكل لا تكفينا فذهبنا للتاريخ نستورد منه مشاكل لنظيفها الى مشاكلنا ..!! وبذالك تكون ثقافة اليوم مرتهنة بثقافة حقبة التاريخ تلك وعقولنا وفكرنا تابعا للعقولهم واهوائنا تابعة لأهواء صانعي تلك الفترة , وبتالي نبعد انفسنا عن الحق والحقائق ونبقى نعيش في الوهم والماضي وفي غيابة الجب الذي يحمله التاريخ واحداثة التي قد تكون صح وقد تكون خطأ وعليه نكون وكأننا نعيش في التاريخ فننسلخ من حاضرنا لنعيش الماضي واقعا,وبتالي تزيد مسافة ابتعادنا عن الواقع بنفس مسافة تقديسنا للتأريخ وتقديمه على انه نصا مقدسا على حساب الحقيقة التي يراد تغبيشها, وبتالى نعيش اوهام نظنها بغفلتنا انها الحق المبين.! ويتحول الواقع الىتأريخ وفي ذالك قلب للصورة.!
وعندما يفهم الانسان مايسمعه وفق ماتهوى نفسه دون اي اعتبار لحقيقة المسموع ,وعندما يدرك مايراه وفق مايريده هودون اعتبار لحقيقة المرئي , وعندما يفهم ما يقرا كما يحلو له دون اي اعتبار لحقيقة صياغة النص المقروء....حين ذاك تكون ساحة الوعي والادراك عنده قد غرقت في مستنقع ذاته بما تحمل من عصبية وهوى وخروج من الحق, وحين ذالك تتحول الوسيلة عنده الى غاية وتتحول الغاية الى وسيلة وحين ذالك تنقلب المعايير عنده ويسير بأتجاه الوراء متقهقرا ويخسر حتى مكانه المتخلف الذي كان فيه.! وحينئذ يكون مشمولا مع الذين يعنيهم قول الله تعالى (ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق وان يروا كل اية لا يؤمنوا بها وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بانهم كذبوا باياتنا وكانوا عنها غافلين)الاعراف.
عندما نتباكى على جرائم الماضي ونعيشها واقعا ونبدد الاوقات والجهود نكون قد ارتكبنا خطأ اقبح من الجريمة,وتتحول ازمات الماضي التي ما زلنا نتخبط فيها الى نفق رطب ومظلم يبدو اننا لن نخرج منه, ولكي تخرج ثقافتنا الحائرة من الحلقة المفرغة يجب ان نقول اولا:من اي طريق دخل التأريخ واقعنا.؟ كيف دخل التاريخ الى عقولنا فصرنا اسارى له..؟ ومن ادخله .؟ومن له المصلحة في بقائنا نعيش فيه؟ ويصر على عدم خروجنا منه .؟ اذا ماعرفنا ذالك سنستطيع ان نخرجه من ذات الطريق الذي دخل اليه.! لقد ارتبطنا بالتاريخ حتى صارمساً وجن يتخبط بعقولنا نحن بالحقيقة مسكونون بالتاريخ..! لا بل اكثر من ذالك لأن للشيطان طيفا ولكن للتأريخ سيفا..!
ازمتنا مع التاريخ تتصل بتفسير المشكلات اكثر من اتصالها بطبيعة هذه المشكلات,فهي ليست ازمة في الوسائل وانما ازمة افكار.! وعليه ينبغي على اي قارع لطبول الحرب على التأريخ والى ذالك البطل الذي اختار ان يعلق الجرس ان يصرخ عاليا فيقول:عليننا تكييف الوسائل لتتلائم مع الافكار, وليس ليّ الافكار وكسرها لتحشر حشرا مع الوسائل.! والسؤال هنا من يعلق الجرس...؟ بالمناسبة هل تعرفون قصة(من يعلق الجرس) يقال ان قطا وقحا كان يمارس استبداد وطغيانا على مجموعة من الفئران فكان يفاجئها دائما في كل مرة وياخذ منها قطع الجبن و يظربها .! فأجتمعت الفئران بسرعة لتضع حلا لطغيانه فكان الحل ان يوضع جرس في رقبة القط البعثي حتى تسمع الفئران الجرس وهو قادم اليها فتختبأ بسرعة قبل وصول القط ,ولكن السؤال الكبير كان مـَن مـِن الفئران سيكون الانتحاري البطل الذي سيعلق الجرس.؟
الان :عندما نتخلف لقرون وهو دركة لم نرتقي اليها بعد, واعتذر لمصطلح التخلف لأنه مظلوم معنا هنا كم هي العادة لأن التخلف وسام ذهبت كل محاولاتنا سدى كي تقر به عيننا ففشلنا في تعليقه على صدورنا حتى ساعتنا هذه .! حسنا أعود فاقول عندما نتخلف لقرون في الجهل وتمر بنا الازمات كل ازمة اكبر من اختها(وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ويصب العذاب فوق رؤسنا صبا حتى اذا وصلنا الى درجة الانفجار والانصهار حينئذ لانرجع الى عقولنا بل نتهم الاسباب الطارئة ونسوق من جديد الافكار الى المقصلة, فنبقى ندوربذات الرحى .!
لايمكن تغييرعقولنا ونفسياتنا الجمعية ونحن نفكر بعقلية القرون الوسطى وعصور الظلام ,خصوصا ان العالم اليوم يحكم بمنطق علم حديث متحدث متسارع ويشهد ثورات الاختراعات والاتصالات وثورة المعرفة,حيث العالم يتفجر معارف. البشرية تشهد قفزات هائلة وبعيدة في المدى الانساني والوعي الفكري ,وهو ايضا يشهد ثورات الوسائل و الافكار.!! ونحن نقف متفرجين وعاجزين عندنا حصانه ضد الوعي المعرفي الخارجي, وحساسية مفرطه من كل ماهو جديد ومفيد, هذه الحساسية الثقافية تذكرني بحساسيتي المفرطة ضد الروبيان فقد اكلته مرتان في حياتي مرة للتجربة ومرة وفي كلا الحالتين تحسس جلدي وضاق نفسي ولم استطع بلع ريقي ولم استطع وصول المستسفى الا بالتي واللتيا وعندما سألت الدكتورعن الازمة قال لي ان لديك حساسة ضد الروبيان وعندما سألتة عن السبب اخبرني ان الامر بغاية السخافة ان كريات الدم الابيض وهي المسؤلة عن كتيبة الدفاعات الجوية والارضية والبحرية للدفاع عن جسدي عالية التجهيزات وبأهبة الاستعداد لدرجة ان اي تحرك خاطئ من اي طرف خارجي تشن كرياتي البيض هجوما مكثفا عنيفا عليه ولوكان اكلا عاديا ومفيدا كالروبيان مثلا قلت وماهو العلاج قال لي حبوب تحتوي على مضاد للهستامين وظيفتها ببساطة تعمل مفاوضات مع كرياتي البيض فتخبرها أن ياكريات يامحترمات يامؤدبات الروبيان ليس عدو بل هو غذاء مفيد لجسد هذا العبد الفقير صاحب مدونة حرر عقلك فتقتنع كرياتي المؤدبة وتوقف كل الهجوم على الروبيان وتعتبره صديقا يمر الى معدتي بدون حروب ولكن المشكلة العويصة ان كرياتي المحترمة ترتكب ذات الخطا في كل مرة آكل فيها الروبيان ولا حول ولا قوة الا بالله فكانت النتيجة ان حرمت نفسي من تلذذ اكلة الروبيان وحرمت من بعد ذالك فوائدة وما ذكرت ذالك المثل الا لأكون عبرة لمن لايعتبر ومثلا لكل ذي نظر وخصوصا ثقافتنا العربية والاسلامية التي اعاني واياها من ذات المرض فهل من مدكر...؟؟
يجب ان نحدث طفرة في ثقافتنا ونبادربالحضارة لننتقل من الحالة الياس الى بادرة حضارة وصولا الى حاله حضارية كاملة هذه هي الان مشكلة الساعة وعقدة اللحظة وان نقشر سريعا اغلفة عقولنا الصلبة ونقشط بقوة صدأ الضميرلنتكلل بساعة الحقيقة ولا نعيش الكلالة.! لايهتم بنا احدا ولا يرثنا اماً ولا اباً ونـَذَرَ فردا..! في طغياننا نعمى وفي جهلنا نشقى.!
علينا ان ندرك مرة اخرى ان الخط الذي ترسمه عبقرية ما في التأريخ ليس شرطا ان ترسمه اليوم لأن الظروف تتغيير والحراك يتبدل بل قد تنقلب تلك العبقرية الى حفرة من الرمال المتحركة نغوص فيها ثم نغرق.... فتأمل..!
ان سفن الجهل التي ابحرت بنا في بحر هائج الى التأريخ ثم فقدنا بعد ذالك البوصلة يجب تكسيرها باقرب يابسة ,نريد ان يكون هدفنا الان ايجاد منطقة حاضروجزيرة واقع على خريطة الحدث العالمي ونرجع بسفينة نوح الجديدة, سفينة العقل ,القادرة على اجتياز منعطفات التأريخ ...!
يجب ان لا نسجد للتأريخ ونخشع اكثر للحاضر ونقدس ونجل المستقبل , التأريخ عوق فكري وشلل ثقافي وبلادة في الضمير ودناءه في الاخلاق ورغبه في القتل وحقد وغل وسخيمة وبغض وكراهية, اذا كان التأريخ يفرقنا فكيف سنجتمع بالحاضر . اذا كان التأريخ عنف وكهوف فكيف سنبني مبدا واخلاق وانسانية على ارض الحقيقة .؟.التاريخ وهن كبيت العنكبوت التأريخ موتى التأريخ مخلب والحاضرعقل,اذا كان التاريخ شجرة خبيثة طلعها كرؤس الشياطين فكيف سيكون الحاضر كلمة طيبة اصلها ثابت وفرعها في المستقبل,نريد تجمع على اساس اجتماعي وليس تأريخي,التأريخ استبداد واستعمار,التاريخ صنم يعبد , ,لنتخلص من التأريخ ....هذا امتحان صعب نعم وعقبة كؤد نعم لكنه الطريق ياصديقي,يجب مراجعىة ضمائرنا لنترك التاريخ من اجل تشكيل الحاضر ودَع غبار التاريخ, لنصحح بوصلتنا نحو الواقع لنغيير وجه العالم, واخيرا من اجل المستقبل... أيها التاريخ ارحل.
أليس في التأريخ روايات متناقضة وصلت لحاضرنا على تزكية الرجال بعضهم لبعض وكأنهم معصومون فوق الخطأ وفوق الاهواء أليس من الجحود ان نرفع روايات وصلت ألينا على اسس تأريخية يعتريها مايعتري البشر فنقول هذه نصوصا مقدسة ثم ننسبها الى السنه الشريفة..! على ان لايفهم خطأ اني انكر حجية السنة معاذ الله كما يتوهم عابدي اصنام التأريخ ولكن مصداقية الحديث وسندة واسنادة كونه صحيحا او ضعيفا او موضوعا تكون على اساس معايرته و موافقتة للنص المقدس القران الكريم فان وافق وضعناه على الراس والعين وان لم يوافق ضربنا به بعرض الحائط ولو قال به البخاري او مسلم رضي الله عنهما او قال به الكافي للكليني او غيرهم فهم رجال يخطئون ويصيبون فلماذا اذا ألف الصحيحين قلنا هذا كتاب لايأتيه الباطل .! لانريد رفع اي حديث خارج النص القراني ونجعله بمستوى اليقين الذي تتصف به نصوص القران الكريم,
عندما ننقاد من عواطفنا لحادثة قتل قبل 1400 سنة لرجل عادي غلف بالقداسة مشكلته عرقيه لانه من اهل البيت ثم نعيش اليوم آهات وانين ولطميات وعويل وامواس وسكاكين وسلاسل وزناجيل نكون ساعتئذ قد تمكنت منا الرواية ونزعت منا الاية التي تقول (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة : 134] ونكون قد رددنا هذة الاية لابل اكثر من ذالك نعكس الاية ونصر على ان الامم التي خلت سنسأل عنهم وعما كسبوا واننا بسفاهة عقولنا التي لم تبلغ الرشد بعد سوف لن نسأل عما كسبنا نحن وما عملنا نحن ..! وهذا حكم غير عادل, وتلك لعمرك قسمة ضيزى.!
اذكر مرة اني ذهبت لزيارة قبر ابي رحمه الله فضاع عني قبرة فذهبت للدفان فجاء معي غير متفظل, ونحن في طريقنا نسير بين القبور بدأ الدفان يتكلم بحماسة ملفتة عن عدم الامانة وضياع الحقوق والغش في البناء وسرقة الممتلكات ثم ذكر مصطلح ضياع العدالة الاجتماعية ثم اشار بيدة الى قبر كأنه قصر مشيد ثم الى قبر اخر كأنه بئر معطلة.! فقلت باستغراب هل كان كلامك السابق عن القبور والموتى ام عن البيوت والاحياء.؟ قال اني اتكلم عن القبور والموتى ..! قلت وتعني ضياع العدالة الاجتماعية للقبور والموتى قال نعم! ثم تسائل الا ترى.؟ تلك القبور الشاهقة هي لأثرياء او سياسين او علماء ثم اشار بيده فقال الا ترى تلك القبورالصغيره الدارسه هي لفقراء مساكين ثم عبر عن مدى امتعاضه لهذه التفرقة, وعندما سألته وماذا عن العدالة الاجتماعية لمن هم فوق التراب وعلى ظهرها فـَسـَكـَتَ.!! لم يتشجع ويتحمس للفكرة... فسـَكـَتُ.!!!
عندما تحطم اصنام التأريخ عندئذ ستحطم كل طائفة اصنامها وتتخلى عن ركام الروايات التي تحجب رؤيتها عن الحق وسترتفع السخيمة وتقبض جرائم الكراهية عندئذ ستتوحد الامة وستخرج من مستنقعاتها التأريخية واوحال الروايات,وستصنع الفكر وتفعل العقل وستترك قراءة التأريخ وستقلب صفحته وتكتب بيدها صفحة الحضارة كأمة واحدة.! لانريد عقلا يتشكل بتراكم تأريخي لثقافات وضعية بل نطمح لعقل التعقل ذاته, فكما هي الرياضيات مجردة عن الاهواء والعصبيات والخصوصيات كذالك نريد براهين مجرده من الاوهام ! لأن جوهر الحياة هو البحث عن الحقيقة, فلا تجعل التأريخ والجغرافيا والثقافات المسبقة الصنع حجزا بينك وبين رؤية الحقيقة, كما لاتجعل التقليد الاعمى يقذف بنفسك وعقلك في المركز الوهمي لدائرة محيطها .....العصبية العمياء ضد الاخرين,
ولكن السؤال الكبير هنا من المستتفيد من تغييبنا من عقولنا..؟ أليس هم اولئك السياسين ليعموا عيوننا فلا نرى فشل الواقع وتخلف الحاضر وجهل المستقبل.؟ لكي يستبدوا اكثر ويحافظوا على كراسيهم مدة اطول .؟ أليس هم اولئك اصحاب الفظيلة وسماحة السيد وأية الله وقداسة البابا ونيافة الأنبا لكي يستمروا محافظين على مكانتهم الاجتماعية وسلطتهم الدينية.؟ ذكرني هذا بسادن من سدنة المرقد الذي يسمونه المهدي المنتظر هذا الرجل المنقذ الذي ينتظره طائفة ما ويصدقون انه دخل جحر في سامراء ثم اختفى بغيبة صغرى دامت 5سنوات ثم غيبة كبرى الله اعلم متى سيظهرمنها ,هذه روايتهم اما روايتي فالذي يبدو انه دخل زنازين التعذيب فقتل من اثره فاراد السياسيين آنذاك كما هي العاده ان يهدأو من ثورة مريديه فقالوا لهم لقد دخل الجحر واختفى هكذا بقدرة القادر..؟ أليس الله على كل شئ قدير..؟ قالوا نعم. قيل فأنتضروا وانا واياكم لمن المنتظرين.؟ فأذن مؤذن بينهم ان ياايها العـِيرُ ان السياسيون لصادقون ..!!! وطبعا من حق القارئ ان يخترع رواية مقدسة ايضا ويدافع عنها حتى لو اضطر لقتل صاحب الرواية المخالفة وهكذا نغرق في مستنقعات دم التأريخ ونتقاتل فيه ...وعليه... وبه... ونغفل عن آية الحاضر ..افلا نعقل..؟ افلا نتدبر..؟ (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )
مدونة حرر عقلك
التعليقات (0)