مواضيع اليوم

الثورة رسالة لا زعامة

جمعة الشاوش

2011-02-02 12:23:29

0

 

دقت ساعة الحقيقة فأخذت الشعوب العربية بزمام أمورها لتتحرّر من رموزها،كلّ رموزها السفاحين والأتقياء،الحكام الطغاة،والأنبياء الشرفاء...
كيف ولماذا؟
السلطة الطاغية زرعت الخوف في النفوس ببطشها فشلّت إرادة الجماهير العريضة التي رأت أملا في الخلاص عن طريق نضال نخبها الوطنية سياسية وفكرية،لكنّ الخلاص لم يأت رغم صدق مناضليها الشرفاء وتضحياتهم الجسيمة،أولئك الذين أعيتهم الحيلة للتأسيس لمشروع نضال ونهضة واضح المعالم ومنسجم ومتماسك...بدا تيار الأسلمة بكلّ تفرعاته المعتدل منها والمتشدد الأكثر قدرة على الاستمالة والإغراء للوجدان الشعبي الذي كان مزيجا من اليأس القاتل وبارقة الأمل في فرج قد يأتي من حيث لا يدري،لكنّ هذا ذات الحظوة التي نالها هذا التيار في المراهنة عليه لم تكن كافية لتبوّئه مرتبة صانع المنعرج في التاريخ العربي المعاصر لعلل ذاتية يشكوها ولمحاذير داخلية وخارجية عملت على قطع الطريق أمام انجاز مشروعه الذي كان،أصلا،مرتبكا... صبرت الشعوب طويلا متجرّعة علقم العبودية والإذلال،عطّلت في آدميتها كلّ تفكير في محظور له علاقة بالسياسة التي أصبحت لا تعني سوى الطبل والمزمار مدحا للحكام الفجّار،انقادت كارهة لتعيش إيقاع زمنها الرتيب المرّ بمسكّنات تهرب إليها من عذاباتها "قتلا للوقت" من قبيل الفرجة الكروية حتى تحوّل الجميع إلى خبراء ومحللين رياضيين يُجاهرون بفقههم في علوم الأقدام بقدر امتناعهم عن الخوض في شأنهم العام...كلّما أطبق عليها اليأس وحشا كاسرا تعاطت الأفيون خمرا وحشيشا وقراءة فنجان أو راحت تختلي بخالقها تصلّي له خاشعة،شاكية له ضيقها وقنوتها وعجزها،ملتمسة في عبادته النجاة من الانتحار،راجية أن يغفر لها ذنوبها وأن يُطهّرها من الإفك والضلال والأغلال لتقوى "على تغيير ما بنفسها"...
إزاء ازدياد الأوضاع ترديا باستفحال الاستبداد والفساد على مدى زمن تمدّد وتمطط ،فقدت الشعوب الأمل في كلّ رموزها الطالح منها والصالح وعقدت العزم على أن تمسك بأقدارها ثائرة هادرة لا تلوي على شيء ولا تكترث بأيّ نصيحة زعاماتية مهما كان مأتاها...إنها الثورة التي تطيح بأي آلهة على وجه الأرض يحكمها التحرر من الذات الخائفة والإصرار على نسف كلّ مألوف كرّس أمرا واقعا من الهوان في الإنسان.ذات الثورة إذ زلزلت زلزالها،حتما،ستبوح بأسرارها على أن تكون بناء جديدا في أفق رحب لا تعتّمه رؤية ترميم ولا تلفيق ولا إصلاح...
أجل الغليان الشعبي له محاذيره،لكن ما الحيلة وإرادة الشعوب خطابها صريح،واضح،واثق يقول: الجنة،الجنة وعند الاستحالة فجهنم دون القبول بمنطقة وسطى بين النعيم والجحيم...اجتثاث ذات الشيطان في النفوس المريضة المتهالكة المتعفّنة،مطاردته ليختفي دون رجعة من أرض العرب وبحارها وسمائها،صنع الأمجاد ولعنة الأوغاد،البناء دون وصاية أو الفناء بشرف وإباء...
ذلك هو المشهد كما أرجح أنه يتشكّل،وهو ذات المشهد الذي يحتّم على النخب أن تقرأه جيدا لتنخرط في سياقه بسلوك مغاير تحكمه فضائل تواضع العلماء وحكمة الأنبياء ونكران الذات واستلهام الدرس من شعوبها التي لم تعد شعوبا بمعنى الدهماء إنما هي مصدر الوحي الإلهي...ليس من حق أيّ مدّع للعبقرية والنبوّة أن ينتصب إماما أو مهديّا منتظرا يبشّر بتحريره للشعوب في الوقت الذي حرّرت ذات الجماهير الشابة الفتية نفسها بنفسها دون فضل من "قائد منقذ" غير الشهداء...مات الأنبياء حملة رسالة الخير الإلهية وأودعوها ،حاضرا،في أعماق الوعي الجماعي للشعوب الذي تقوده اليوم الرسالة لا الأنبياء...مشروع الثورة اليوم رسالة لا زعامة.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !