الثورة تعود من جديد إلى ميدانها في القاهرة و في باقي ساحات مدن مصر كما اشتهرت بها أيام ثورة 25 يناير، لم خرج الثائرون مرة أخرى؟ من جهتم سقط مبارك و احتفظ العسكر بالنظام و دواليبه، و كما سقط مبارك سقط شرف ضحية مرحلة انتقالية صعبة شابها الكثير من السلبيات التي جعلت شباب الثورة يؤمنون بأن لا شيء تغير بعد سقوط مبارك و تقلد العسكر حكم مصر.
وصف جميل للصحفي حمدي قنديل حين وصف الحكومة بالأشباح و الوثيقة ربة الفتنة الجديدة ( إن جاز اللفظ بأنها فتنة كما سماها البعض حين انطلقت شرارتها و توسعت يناير الماضي و هاهو الآن يشارك و يشرعن مثيلاتها.....) بوثيقة الأشباح و الرامين الجند أهل الأمن الداخلي بالأشباح.....، مدعاة ذلك أن قنديل لم يجد لحكومة شرف حياة، فما خرجت و طهرت للعلن إلا نادرا و ليس لها في الأمر من شيء غير ما قرر مجلس العسكر....و يذهب به التشبيه أخيرا إلى وصف مجلس العسكربكونه أيضا مجلس أشباح لقلة ظهورهم .....فمن يحكم مصر؟
الشباب في الميدان و لم يفلح ربما خطاب الطنطاوي في صرفهم عن ما يريدون، فاض الكيل، و سيناريو فبراير يتكرر مع العسكر، يريدون رحيل المجلس، من البديل؟ يجيبون مجلس رئاسي مدني، ممن؟ هنا العقدة. من هم أعضاءه؟ و هل يوجد إجماع على شخصيات معينة بحد ذاتها؟ من الصعب إيجاد ذلك، الساسة الطامعون في الترشح للرئاسة من الصعب لهم المجازفة برصيدهم و مستقبلهم السياسي و القبول بمنصب انتقالي حساس و خطير قد ينتهي بهم إلى الفشل و الاستقالة....سيحاول المجلس العسكري و باقي الفعاليات و الأحزاب السياسية إيجاد حل مرضي، خاصة و أن أجل الانتخابات التشريعية ليس ببعيد، لعل هذه الأخيرة تطمح في تهدئة الأوضاع و متابعة المرحلة الإنتقالية بمواعيدها دون المجازفة و الدخول في دوامة قد يلفها الغموض و الضبابية نوعا ما ( إزاحة المجلس العسكري مع غياب البديل).
ما يحدث في مصر و رغم تأثيراته السلبية على مصر اقتصاديا و سياسيا و أمنيا، قد يبدو لي أنه يمثل في حد ذاته حالة صحية تبشر بأن الشعب المصري لن يرضى بأي ميل للسلطات نحو الاستبداد و الاستحواذ على السلطة دون الشعب و الرجوع إلى الوراء...
وبينما تعود الثورة إلى ميادين مصر، تحتفل تونس بمجلسها التأسيسي، اليوم محطة تاريخية شهدتها الخضراء، المرزوقي المعارض وبعد اتفاق الأطراف المهيمنة على المجلس قد يصبح رئيسا للدولة بدل بن علي ، و الحجاب يدخل قبة المحراب كما وصف رئيس الجلسة الأكبر سنا الطاهر هميلة، وترتفع أصوات المعارضة التونسية و تحدد ملامحها منذ أول جلسة، إختلاف يوحي بخير كذلك.
ملاحظة فقط، مردها ما يحدث في بلادنا العربية، وهي أن الشعوب الواعية تعين على الإصلاح و توافيه حقه، و ليس كل تغيير إصلاح، و ليس ما يأخذ كما يعطى ...
التعليقات (0)