مواضيع اليوم

الثورة المضادة والهجوم المعاكس..

جمال الهنداوي

2011-04-24 15:43:50

0

اشارات وملامح كثيرة لصراع ارادات على الارض آخذة بالتشكل مسفرة عن قوانين ومحددات قد تكون هي التي تتحكم في مفاصل وآليات الحراك الشعبي المنتفض من جهة والنشاط السياسي الرسمي في المنطقة من جهة اخرى..ولا نبالغ ان قلنا ان هذا الصراع قد يكون العامل الرئيس الذي تحتكم اليه قوى الانتفاضات الشعبية وانظمة الحكم القائمة على حد سواء..

صراع تقوده وتدفع اليه وتسعى للسيطرة على المفاتيح التي تسهل مغاليقه قوى الحكم العربي معتمدة فيه على افضلية تمتعها بطول النفس الذي يبرره الاستحواذ الكامل الاقرب الى الاحتكار للمال والسلاح والسلطة وقنوات التواصل المريحة المفتوحة المغطاة بالشرعية مع العالم بشقيه الرسمي او المعتم..

صراع قد تكون التفاصيل الشحيحة المستلة كقطرات ماء من صنبور مقفل والمتساقطة من الاروقة التي تدير مراحل وتحولات المبادرة الخليجية الهادفة  لانهاء وحل-او ربما تعقيد- ازمة الحكم في اليمن,تمثل التصور المستهدف كمسطرة تقيس وتضبط وتسيطر على ما يمكن ان تصل اليه الامور في المنطقة..

تلك التفاصيل رغم قلتها والتكتم الشديد حول حيثياتها تشي باولوية قصوى ومطلقة يتبناها الحكم العربي تستهدف الحفاظ على فوقية وقدسية الذات الحاكمة والحيلولة دون اي مساس يطال الهيبة المفترضة للسلطان وما يمت له بصلة او قرابة او يد او رضا..وحصر الحلول والمبادرات بين الحكم واحزاب المعارضة الاليفة الودودة مأمونة الجانب والولاء التي تمارس المعارضة من خلال عباءة السلطان ومفاهيمه وآلياته واشتراطات حكمه..

كما لا يمكن اغفال اهم عامل في الصورة التي تقدمها مثل هذه المبادرات الا وهي تناسي كامل الممارسة الثورية الشعبية الجماهيرية وتجاهل القوى الفاعلة المتصدية لقيادة الجماهير والمتحصلة على المساحة والحضور الفعلي في الشارع وساحات الاعتصام ومحاولة اسقاطها من معادلات الحكم في اي نظام مستقبلي..وحصر مفهوم التغيير والاصلاح بعملية احلال جزئية لبعض الواجهات والعناوين من نفس البيئة الحاكمة وضمن الاطار المحدد للممارسات التي تسم سياسات الحكم وتحت نفس الدعاوى المستهلكة وشعارات الامن والاستقرار ومقاومة الافكار المستوردة..

ولكن هذه الاشتراطات التي يحاول الحكم العربي تثبيتها كخارطة طريق متفق عليها في كل النزاعات القائمة او المستقبلية تتساذج عن حقيقة ان المد الثوري العربي لم يكن حدثا عارضا او خارج السياق الطبيعي لمجرى الاحداث او نتيجة لتفاهمات ما او تحريض خارجي او داخلي..بل هو نتيجة حتمية متوقعة لتراكم طال امده من الشعور بالظلم والاحباط والانفصال  عن ممارسات الحكم وادارته الكارثية الاقرب الى تقنيات عصابات الجريمة المنظمة منها الى القيادة النزيهة الواعية العادلة المؤهلة..وهذا ما يمكن ان نعممه على اغلب انظمة الحكم في المنطقة ولا نستثني الادارات التي تطرح نفسها كمبادرين وقادة للعمل الميداني الهادف الى الاصلاح و تصحيح مسارات وايجاد حلول هم اكثر حاجة اليها..

ان الحراك السياسي الحالي لا يهدف الا الى تسقيف فضاء الحرية الواسع العالي الذي تحاول الشعوب التحليق في عليائه طلبا لدفء استقلالية القرار وحرية التعبير واحترام حقوق الانسان..تسقيف وتحجيم وضغط لا يستهدف الا مصلحة وتصخر الحكم واستمرار العلاقة الشوهاء ما بين الحاكم والمحكوم ضمانا لديمومة تموضعهم على رقاب العباد لسنين وعقود تضاف لما ابتز من ايام واعمار وشباب الناس ..

وهذه السياسات ان كانت وجدت لها بعض النجاحات من خلال قمع الانتفاضة الشعبية في البحرين او توفير الغطاء لنظام الحزب الرب الواحد في سوريا لقمع وتقتيل المواطنين بما يشاء او عن طريق استقطاب بعض قيادات المعارضة اليمنية لهكذا مشاريع والنجاح بضخ بعض الدم لاوردة العقيد الاهوج النازفة عن طريق الجار الغربي..الا اننا لا يمكن الا ان نقف اجلالا واكبارا لصمود وثبات الشعب العربي الثائر في اليمن والنضال البطولي النادر حد الاستحالة للاهل في بلاد الشام في ظل تغول وتفلت وانفلات قوى القمع المتحكمة بمفاصل الحياة في سوريا..وهذا النضال هو ما ترنو اليه الناس وتشرأب الاعناق وتلهج له الالسن بالدعاء.. فهذا الكفاح يعدالهجوم الشعبي المعاكس للتكالب الرسمي المتحالف المتضامن المناهض لحق الشعوب في التحرر والانعتاق ..هذه الشعوب التي ستنتصر بالتأكيد استنادا على طبيعة الصراع الذي تتحكم به الارادات..وهذا ما سيجعل كلمة الشعب الصابر المجاهد هي الاعلى..وان غدا لناظره لقريب..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !