الهجوم الأخير من الإعلام المصرى على المملكة العربية السعودية بخصوص إعتقال أحد المحامين المصريين بشكل غامض لم يكن الأول من نوعه والأهم من ذلك أنه لم يكن الأشد فى حدته ، ولو عدت للذاكرة قليلاً سأتذكر أيام أن قدم الأمير ـ وقتها ـ عبدالله المبادرة الشهيرة فى مؤتمر القمة العربى بلبنان ، وقتها شنت بعض الصحف المصرية حملة شرسه على السعودية ، وبدأت تلك الصحف تكشف عمن قام بصياغة نصوص تلك المبادرة وخلفيات كتابتها ولا تستطيع أى صحيفة الحصول على تلك المعلومات إلا عن طريق واحد ووحيد وهو أجهزة المخابرات ، ولا ندرى سبباً واضحا لهذا الهجوم الشرس فبعده بأيام تبنت مصر وكافة الدول العربية تلك المبادرة التى أتلفها الهوى ! .
وفى صيف عام 2007 حدث هجوم حاد من الإعلام المصرى كرد فعل على خبر تم نشره فى صحيفة سعودية وكان بخصوص تسفير خادمات ليعملن فى السعودية ، ويومها كتبت فى جريدة الميدان المصرية مُتسائلاً عن تلك الزوابع التى تطل علينا بين الحين والآخر فكتبت تحت عنوان ( مصر والسعودية وتنازع الأدوار .. اللى أخدته القرعة تاخده أم الشعور ! ) ، وقتها كانت تلك الحوادث تثير بعضها الصحف فجأة وبدون توجيه ، والبعض الآخر يقوم نظام مبارك بإعطاء الإشارة لبعض الصحف بالبدء بشن حملة على السعودية مع حدوث خلاف فى وجهات النظر بين المملكة ونظام مبارك ، وبحسرة تساءلت وقتها وكنت فى صف المملكة العربية السعودية وقلت (( هل غضبنا لأن المطلوب خادمات حاصلات على مؤهلات عليا ويجدن اللغة الإنجليزية ؟! هل لو كان المطلوب خادمات ذوات مؤهل متوسط أو غير متعلمات كانت ستقل درجة غضبنا ؟! هل غضبنا لأن المطلوب خادمات صغيرات السن ـ وظاويظ ـ فهل لو كان المطلوب خادمات كبيرات السن كان الوضع سيختلف ؟! هل غضبنا لأن الأجر قليل؟! فلو كان يصل لبضعة آلاف من الريالات كان غضبنا سيتلاشى ؟! هل غضبنا لأن المثل يقول خادم القوم سيدهم ولم يقل خادمة القوم سيدتهم ؟! لماذا نُحِّمل الشعب السعودى بعضاً من تبعات هذا الموضوع مع أننا نعلم أنه " بين البائع والشارى يفتح الله " والعيب ليس فى السعوديين فالعيب فى مسئولينا ؟! ومتى تم توقيع برتوكول تسفير الخادمات ولماذا تم الإعلان عنه فى هذا التوقيت بالذات ؟! وهل هذا الموضوع مرتبط بموضوع الجسر الذى يربط بين المملكة ومصر والذى رفضناه وهو فى صالحنا بعد أن قيل أن العاهل السعودى إفتتح إنشاءه من ناحية السعودية ؟! هل يعتبر موضوع الجسر والخادمات من أنواع الضرب تحت الحزام ؟! فالضرب تحت الحزام من صفات الموظفين ضعاف النفوس حتى يقوموا بإرضاء رؤساءهم فى العمل ، وأيضاً هناك ضرب تحت الحزام بين الدول وبعضها البعض وبخاصة الدول الضعيفة مثل البلاد العربية ، التى تدعى أن لها دوراً مع أننا لو جمعنا أدوار الدول العربية جمعاء فيما يدور على أراضيهم لن يصل إلى دور الكومبارس !! .
لذلك أضحك كثيراً عندما يتحدثون عن أن السعودية تريد أن تأخذ دور مصر القيادى (!!) فى المنطقة ، وأُريد أن أُذكركم بالمثل الشعبى المصرى " اللى أخذته القرعة تاخده أم الشعور !" والأمثلة على الضرب تحت الحزام كثيرة ومتنوعة فمثلاً عندما تم إتفاق مكة بين فتح وحماس أعلن رئيس تحرير جريدة لقيطة لمجلة كانت عريقة وفجر موضوع أن الإتفاق تم عن طريق دفع أموال للطرفين ... ولذلك يجب أن نعلم جميعاً أن قبلتنا نحن العرب واحدة ونركب مركب واحدة فلن يضير أحد منا أن يقوم الآخر بالتجديف طالما يستطيع ذلك لأن المحصلة النهائية ستكون لصالح الجميع لذلك لا نريد ضرباً تحت الحزام ولا ركلاً فى البطون )) .
والآن إتخذت السعودية قراراً خطيراً لم تتخذه من قبل رغم ما كان يحدث أيام مبارك اشنع مما حدث فى المرة الأخيرة رغم زيادة أعداد القنوات الفضائية والصحف بعد الثورة ، فعندما يقول الدكتور سمير رضوان وزير المالية بعد الثورة أن (( العائلة المالكة فى السعودية إكتفت بالقول «يا أهل الخير يعنى هو الراجل ده ماعملش حاجة كويسة تفتكروهاله» عندما تطرق الحديث إلى مبارك ، وأضافت «تقالدينا تخلينا نقولكم بس ما تهنوش أسرته». وفيما يتعلق بمشاكل المستثمرين، فإن المسئولين السعوديين كانوا رافضين رفضا تاما أن يلجأ مستثمروهم إلى التحكيم الدولى ضد مصر، فوالد الأمير بن طلال، على سبيل المثال، قال له «إذا قاضيت مصر دوليا لا انت ابنى ولا أنا أعرفك»)) وهذه المواقف محترمة والمواقف الإنسانية طبيعية جداً ولكن علينا أن نتساءل ماذا حدث لكى تتخذ السعودية قرارها الخطير الغير طبيعى بسحب السفير ؟! ، فالمثل المصرى "حبيبك يبلعلك الزلط" ينطبق على ما كان يحدث بين السعودية وبين نظام مبارك ، وعلى ما يبدو فالمشكلة الوحيدة هى أن الرياض لم تستطع حتى الآن بلع الثورة المصرية مع أن تل أبيب وواشنطن بلعوا الثورة المصرية وهضموها وبدأوا يتعاملوا معها كأمر واقع ! .
التعليقات (0)