اثارت مداخلة الأستاذ محمد حسنين هيكل عن الثورة الليبية في برنامجه الاسبوعي على الجزيرة موجة من التعليقات واثارت التساؤلات القديمة في تعليل سهولة تنفيذها وسرعة أحداثها وما إذا كان لدور أجنبي فيها . ,الحقيقة أن قيام الأنقلاب في ليبيا كان مفاجأة للجميع الشعب الليبي ومصر وأمريكا وبريطانيا الذين كانوا يجهلون الوضع في ليبيا في تلك الفترة وما كانت تجري من أحداث لا يعرفها إلا رئيس الحكومة والوزراء ورؤساء وضباط الجيش وقوات الامن . فمن المعروف أن كل القرارات الهامة في ليبيا لا تتخذ إلا بإمر الملك وموافقته ولا أحد له الحق مناقشتها . وفي هذه الفترة من لوليو واغسطس 1969 كان الملك في إجازة في تركيا واليونان وكانت هناك إشاعات بأستقالة الملك قيل أنه سلمها في رسالة الى السيدين عبد الحميد العبار رئيس مجلس الشيوخ ومفتاح عريقيب رئيس مجلس النواب إحتجاجا على توزيع منشور ضده في ليبيا . ويستعمل الملك دائما كلمة الأستقالة بدلا من التنازل عن العرش حتى لا يؤخذ الأمرعلى حقيقتة . وتنص إلرسالة على إستقالة الملك وتولي الأمير حسن الرضا العرش بعده . لكن رغم ورود هذه الأشاعة في كثير من المصادر ألا أنه لا يعرف أحد صدقها إلا المرحومين العبار وعريقيب ولم نسمع أو نرى منهما أي تأكيد أو نفي شفوي أو مكتوب أو حتى مروي. في نفس الوقت كانت هناك إشاعة بان الملك وافق للعقيد عبد العزيز الشلحي القيام بإنقلاب والسيطرة على البلاد واعلانها جمهورية لأنه لا يثق في أن الأمير حسن الرضا قادر على تولي الأموربعده , وأنه سيخضع لنفوذ كبار أفراد العائلة السنوسية الشئ الذي لا يريده الملك . وكان رئيس الوزراء والوزراء ورؤساء وضباط القوات المسلحة والأمن يتوقعون إما خبر التنازل عن العرش بالطرق الدستورية أو قيام العقيد الشلحي بإنقلاب وإعلان الجمهورية وكلا الأحتمالين سيتمان بأمر الملك . ولما كان أمر الملك لا نقاش فيه ويستوجب الطاعة فإن كبار المسئولين كانوا مستعدين لقبول أحد الأحتمالين ودعمه وتأييده مع بعض الأحتجاجات في حالة أستقالة الملك أوإعلان الجمهورية .هكذا كان الوضع في ليبيا في اواخر أغسطس ولا شك أن الأنجليز والامريكان كانوا على علم بهذا الوضع لكن لم يظهر شئ عن هذا في جميع المستندات الرسمية التي نشرت حتى الان يوضح موقفهم من الأحتمالين وأية مشاورات وخطوات كانوا ينوون إتخاذها أو أتخذوها غي هذا الصدد.. ولن يعرف هذا إلا بعد نشر بعض المستندات البريطانية والامريكية التي حجبت بعد مرور 30 سنة عليها وقد تنشر بعد مرور 50 سنة أو لا تنشر بتاتا حسب النظام المتبع في نشر المستندات . ولما أعلنت الثورة الليبية صباح يوم الاول من ستمبرتأكد لدى كل المسئولين الليبيين إبتداء من رئيس الوزراء إلى أصغر مسئول في الجيش أو قوات الأمن أن الملك إختار وقرر تنفيذ الأحتمال الثاني وهو تكليف العقيد عبد العزيز الشلحي بالقيام بأنقلاب وإعلان الجمهورية . ورغم عدم ذكر أسمه في البيانات الاولى للثورة الا أن الكل أعتقد أن تسمية العقيد سعد الدين بوشويرب ما هو إلا تغطية حتى لا يتحرك كبار ضباط الجبش خصوم الشلحي لمعارصة الأنقلاب . وهكا قبل كل المسئولين الليبيين الانقلاب دون مقاومة أو معارضة إعتقاد منهم أنها أوامر من الملك لا خيار فيها وان قائد الأنقلاب المفوض من الملك هو عبد العزيز الشلحي وكانوا جميعا ينتظرون تعليماته وأوامره لادارة شئون الدولة . ولكن مفأجأة الجميع ومنهم الليبيين كانت لا تختلف عن مفأجأة الأستاذ هيكل عندما جاء إلى ليبيا وسؤاله أين عبد العزيز بك ؟ فقيل له إنه في السجن مع غيره من كبار الضباط الجيش والأمن والوزراء وهكذا عرف الليبيون والعالم معهم في أيام معدودات حقيقة الأنقلاب والقائمين به بعد أن أستقرت الأحوال وتولى القائمون بالثورة على شئون البلاد دون مقاومة أو معارضة تذكر وإستقبل الأنقلاب بترحيب منقطع النظير من الشعب الليبي الذي لم يكن يعلم طبعا بالأحتمالين المنتظرين من الملك وأن الشلحي قد يكون هو قائد الأنقلاب .
التعليقات (0)