مواضيع اليوم

الثورة الليبية تبدأ بالتهام ابنائها..

جمال الهنداوي

2011-07-30 08:45:58

0

سيكون من الصعب على القاضي مصطفى عبدالجليل التفاخر بتحصله على مواهب لافتة في اداء الادوار المعقدة او ان يضيف القدرة على التأثير القوي المقنع الى قائمة امكانياته المتطاولة خصوصا بعد اداءه التمثيلي السئ في المؤتمر الصحفي الذي اعلن فيه عن مقتل اللواء عبد الفتاح يونس أثناء توجهه إلى اجتماع مع لجنة تحقيق حول "بعض الأمور المتعلقة بالشؤون العسكرية"..

فعبثا استطاع الرجل الذي كان أول مسؤول كبير يعلن استقالته من نظام العقيد القذافي بعيد تفجر ثورة الـ17 من شباط ان ينجح في استدرار بعض التأثر الدامع من عينيه وهو يعلن عن هذا الحادث الاليم..وكان بعيدا جدا عن الاقناع وهو يحاول تمرير عملية الاغتيال من جهة ونزع فتيل رد الفعل القبلي المتوقع من قبيلة العبيدي التي ينتمي إليها المقتول من جهة اخرى وهي التي تعد من أكبر القبائل في ليبيا واكثرها عددا وحضورا في صفوف المقاتلين على الجبهة ..

ولكي نتفهم الموقف الذي وجد السيد رئيس المجلس الانتقالي الليبي نفسه في خضمه سيكون علينا الوقوف قليلا عند استعانة السيد عبد الجليل بالآية الكريمة التي تقول "لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا..."بدون ان يقوى على اطلاق صفة الشهيد على القتيل ..وكذلك ملاحظة التناقض ما بين اعلان الحداد على روح الفقيد لمدة ثلاث ايام ومابين التسريبات الكثيرة التي تتحدث عن اتصالات له مستمرة تجري من تحت طاولة الثوار مع نظام العقيد المتجرذ في حفرته..

وقد يكون هذا الموقف هو الاخف والاسهل مع الخيار الثاني المتمثل في مكابدة الاعلان عن ان قائد قوات الثورة الليبية ورئيس اركانها يحتفظ بصلات وثيقة مع نظام القذافي..وهذه الصلات قد تكون السبب في بعض-او كثير-من التلكؤات التي شابت العمليات العسكرية خصوصا في قاطع البريقة..وكل هذا دون المغامرة بحدوث انقسام حقيقي داخل قوى المعارضة ومجابهة الاحتمالية الصعبة في عدم تقبل الكثير من الثوار لطريقة التعامل مع القضية ورفض قرار الاعدام والظروف التي شابت مقتله..مما قد ينذر بتبديد المنجز السياسي والستراتيجي الذي حققته الثورة من خلال وحدة فصائلها وخطابها وتساميها على الشعارات القبلية والمناطقية التي حاول العقيد النفخ في رمادها طوال الاشهر الماضية..

 فلا يخفى ان الكثير من الثوار الليبيين ينظرون الى اللواء الذي ساعد العقيد معمر القذافي في اعتلاء السلطة منذ اربعة عقود والذي كان يشغل منصب وزير الداخلية في نظام الزعيم الليبي قبل انشقاقه وانضمامه إلى المعارضة على أنه بطل قومي وثائر وطني، وحتى اطلاقه للحيته قبل أيام، كان ينظر اليه على انه تعبيرا عن انشغاله اليومي بمتابعة "التطورات العسكرية وتوجيه مقاتليه على طول خط المواجهات ضد جيش القذافي".

ومن هنا قد نستطيع ان نجد مبررا للطريقة البائسة التي اعلن من خلالها عن الحادث في المخاوف من تواتر الانباء عن وجود تجمعات تجوب شوارع بنغازي تطالب بالثأر لمقتل عبد الفتاح يونس منذرة ببعض التقاطعات المهددة بالكثير من الانقسامات الداخلية أو عمليات التصفية الثأرية التي قد تشكل منعطفا غير محسوب العواقب في مسار الثورة والتي قد لا تخدم عملية بناء الثقة الدولية بقوى المعارضة الليبية المسلحة..

لا اوهام في ان ما تم هو عملية تصفية..فيبدو ان قدر الثورات ان تأكل ابنائها..وقد يكون للمجلس العدد الكافي من المبررات والادلة التي جعلته يقدم على هذه الخطوة في هذا الوقت الحرج بالذات..ولكن هذه الحراجة نفسها هي ما قد تثير المخاوف من تبلور تيار راديكالي داخل قوى الثورة الليبية قد يؤدي بموافقه العاطفية المتسرعة الى ارباك مسيرة الحراك السياسي والعسكري والدفع تجاه معارك جانبية معرقلة لاهداف الليبين وتطلعاتهم في الحرية والامن وبناء دولتهم الحرة القوية التي ينعم فيها المواطن بالعدالة والمساواة وتحفظ فيها ثرواته وكرامته الانسانية..

ان المطلوب من القوى الثورية المؤمنة بقدسية وسمو المهمة التي وضعها القدر على اكتافهم ان يعوا جسامة المسؤولية التي حملهم اياها الشعب الليبي النبيل..ويجب ان تكون مثل هذه الحوادث الجلل دافعا لتوحدهم والتفافهم حول شعاراتهم النضالية وغايتهم التاريخية في اسقاط النظام العائلي الامني الديكتاتوري وتحرير الليبيين من نير القمع والاستبداد..وعلى قوى الثورة المسلحة مراجعة المسيرة السياسية والعسكرية والامنية للثورة واتباع اسلوب المكاشفة والشفافية مع ابناء الشعب الليبي والابتعاد عن الاساليب المقيتة للانظمة القمعية المخابراتية التي تقتل القتيل وتعلن الحداد عليه لثلاثة ايام..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !