الالتفاف حول الثورات العربية
لقد تعرضت في تعليقات سابقة إلى عملية الألتفاف حول الثورات العربية . لقد نجحت الثورة في تونس في إجبار بن علي على الهروب وترك الأمر في إيدي المسئولين عن نظامه أبتداء من رئيس الوزراء والوزراء والجيش التونسي . ورغم تطهير الحكومة من بعض العناصر المرتبطة بنظام بن علي السابق لكن بعض عناصرنظام التونسي خلال العقود السابقة بقت المسيطرة على الحكومة , وهي تحاول التجاوب مع طلبات ثوار وفي نفس الوقت تريد المحافظة على سسياسة تونس التقليدية الصديقة للغرب ,ونفوذ طبقة النخبة والتنقراط , ومعارضة التيارات الدينية المتطرفة . ويظهر إن الساسة القدامى في السلطة لا يثقون في شباب الثورة رغم انهم يشعرون بضرورة التجاوب مع شباب الثروة والوعد بحل مشاكلهم. لكنهم لم يستعينوا ببعض عناصرالشابة المؤهلة في السلطات الرئيسية التنفيذية تخوفا منها وعدم الثقة فيها . . ومستقبل تونس سيتضح خلال الأنتخابات القادمة وما بعدها , وستعرف مواقف الحكومة التونسية ومدى تجاوبها لمطالب الثورة لأقامة نظام ديمقراطي عادل وحر . أما الوضع في مصر فهو أكثر غموضا من تونس فمبارك تنحى عن رئاسة الجمهورية ولم يرحل من البلاد , وأعطى السلطة للمجلس العسكري للقوات المسلحة المصرية , فالتغيرحدث في القيادة وإستمر النظام المصري يعمل بالعناصر التي كانت تسير أو تشارك في إدارة شئون البلاد في عهد مبارك , مع الأكتفاء بأخراح بعض العناصر المعروفة بالفساد والقريبة من مبارك تحت ضغط ثوارميدان التحرير الذين فجروا الثورة . وبقاء مبارك في مصر هو ثقتة في جنرالات الجبش وهم كلهم من زملائه أو من تلاميده وأعتقاده إنهم لن يلحقوا به أي ضرر. ولا شك أن الجنرالات الجيش في موقف محرج نحو مبارك ونحو شباب ميدان التحرير وزادهم حرجا قيام المدعي العام بأتهام مبارك وأصدار أوامره بالقبض عليه مما أضطرهم للتدخل وتركه هو وزوجته في شرم الشيخ دون سجنه بحجة مرضهما. وليس أمام جنرالات الجيش سوى إيجاد الوسيلة والطريقه المثلى للعفو عليه مع زوجته مع الاكتفاءعن تنازلهما عن أموالهما للحكومة التي أمكن التعرف عليها في المصارف وقد يطلب منه تقديم إعتذار للشعب. وتاجيل النظر في إتهامه جنائيا على الأقل . وفعلا تم الأفراج عن السيدة سوزان حرم مبارك بعد تنازلها عن أموالها للحكومة. وهي خطوة لم يتضح بعد رد فعل قوى شباب ميدان التحرير حولها . أما سياسة الحكومة في مصر فهي لا تختلف عن أركان سياسة الحكومة التونسية المذكورة أعلاه . رغم أن الساسة القدامى في الحكومة في مصرأكثر ليبرالية من ساسة تونس وموقف جنرالات الجيش سيتضح خلال الانتخابات وما بعدها ومدى تجاوبهم مع مطالب ثوار ميدان التحرير .
أما في ليبيا فقد تمكن الثوار في المنطقة الشرقية بعد تحررها وهزيمة كتائب القذافي فيها من جماهير الشعب وإنشقاق عدد كبير من ضباط وجنود الجيش الليبي وبعد كتائب القذافي في برقة عن مركز قيادات كتائب القذافي ومصادر الدعم وقوات الكتائب الأساسية في طرابلس . وقد تم تأليف مجلس إنتقالى من عناصروطنية معروفة ومن من إنشق من السياسيين والعسكرين عن القذاقي في الأيام الأولى للثورة . ويتألف المجلس من إعضاء من المدن المحررة على أن ينضم إليهم ممتلوا المدن الأخرى حال تحررها من كتائب القذافي . وقد لاقى المجلس تأييدا شعبيا في كل أنحاء ليبيا . والوضع مستمر في صد الثوار لكتائب القذافي في منطقة إجدابية ومصراتة والجبل الغربي والمدن الجنوبية الغربية , بعد أن إستطاعت كتائب القذافي في السيطرة على مدينة طرابلس والمدن الشمالية الغربية وسرت وسبها في الجنوب . ورغم وجود حركات ثورية في هذه المناطق إلا أنها لم تتمكن من القضاء على كتائب القذافي . ويساعد الناتو في قصف الكتائب التي تهاجم الثوار والمدنيين العزل من السلاح غير أن غارات الناتو موجهة للمباني ومخازن الاسلحة مما يجعل القضاء على كتائب القذافي يحتاج وقتا طويلا قد يمكن القذافي من إسترداد أنفاسه . ومستقبل الثورة وتأليف حكومة لتحل محل نظام القذافي يتوقف على جهود أعضاء المجلس الأنتقالي في كسب إعتراف دول العالم بهم ,ومعالجة الشئون اليومية للسكان , وتسليح سكان المدن التي لا زالت تواجه هجمات كتائب القذافي وتسهيل وصول مواد الأغاتة الدولية لهم. وسيتوقف نجاح الثروة الليبية على تمسك المجلس الانتقالي بوحدة ليبيا ومعارضة أية دعوات إقليمية أو حزبية حتى يتمكن الشعب الليبي من تاليف حكومته ووضع دستوربلاده وإجراء إنتخابات برلمانية حرة ونزيهة تعبر عن رغبات الشعب الليبي الحقيقية . وقد أوضح المجلس الأنتقالي سياسته والخطوات التي ستتخذ لتحقيق هذا الهدف . ورغم وعود المجلس الانتقالي والتأييد الشعبي الواسع له إلا أن المخاوف لا زالت تراود البعض في مدى عدالة تمتيل المجلس الانتقالي للشعب , وفي سرعة إختيار العناصر التنفيذية ومباشرة عملها بدلا من التركيز على تحرير كل البلاد ,. وتسخير كل قوى الشعب والأموال لتحريرغرب ليبيا ومساعدة المدن غير المحررة بالسلاح والضغط على دول الناتو بالأسراع في عملية وقف كتائب القذافي من مهاجمة المدنيين وتقديم المساعدة الأنسانية للثوار في المدن المحاصرة . ولا صوت يعلو على صوت تحرير كل التراب الليبي حتى النصر . بشير إبراهيم
بشير إبراهيم
التعليقات (0)