الثورة العراقية وطنية سلمية وحدوية
د . حسن طوالبه
منذ قرابة ثلاثة اشهر ومحافظات العراق تشهد ثورة شعبية سلمية بامتياز , رغم ما تواجهه من تهديد وتهميش من حكومة المالكي الطائفية , واغفال من وسائل الاعلام العربية والغربية . ويبدو ان هذه الوسائل تأتمر بأوامر الادارة الامريكية بتجاهل هذه الثورة حتى لا تؤثر على حكومة المالكي التي تنفذ اوامر البيت الابيض ونظام ملالي ايران بالحرف في حين تركز على ثورات اخرى بدوافع خارجية تملي عليها ارادتها .
1. الثورة العراقية ثورة وطنية وليست طائفية , وان يريدها المالكي ان تكون طائفية لكي يستكمل مخططه الطائفي المرتبط بأجندة ايرانية صفوية طائفية . المالكي بالامس القريب قال مدافعا عن نظام الاسد في سوريه " بانه اذا سقط النظام في سوريه فسوف تشتعل الطائفية في العراق ولبنان ويتقسم الاردن " . وقد بات معروفا ان موقف المالكي من نظام الاسد هو استجابة لمطلب نظام الملالي في ايران , هذا النظام يعتبر سقوط دمشق هو بداية سقوط طهران , وان سقوط نظام الاسد اشد خطورة من ضياع الاحواز . والا فكيف نفسر هذا الانقلاب في موقف المالكي الذي كان يهاجم نظام الاسد ويتهمه بارسال الارهابيين الى العراق الى موقف مؤيد وداعم له بالمال والسلاح والموقف السياسي ؟ .
الثورة العراقية وعلى لسان الشيوخ والوجهاء في محافظات العراق ثورة وطنية خالصة غير مرتبطة باجندات خارجية , وغير مرتبطة بدول الجوار كما يروج لذلك المالكي واجهزة اعلامه الطائفية . وهي ثورة كل الشعب وليست ثورة حزب معين او كتلة معينة , ثورة لها مطالب وطنية بسيطة , مطالب هي من صميم اي حكم عادل , مطالب تنادي برفع الظلم عن المظلومين باطلاق سراح المعتقلين وهم بالالاف , تم اعتقالهم بدعاوى كيدية , تحت طائلة المادة الرابعة من قانون الارهاب .
2 . الثورة العراقية ثورة سلمية , فقد مضى عليها 75 يوما ولم تحدث خلالها اي عنف , بل حاول المالكي ان يجر المعتصمين في ساحات العز والكرامة الى مواجهات عنفية , وقد ادى استفزاز قوات المالكي الى مقتل عدد من المواطنين في الفلوجة والموصل . لقد تجسد استفزاز قوات المالكي في اكثر من موقع : حصار في ساحة العز في الرمادي , وادعاء بان مندسين بين المعتصمين هم من تنظيمات ارهابية . وهو ادعاء كاذب في محاولة لخلط الاوراق وخلق بلبلة بين المواطنين . سد الطرقات المؤدية الى هذه الساحات . اعتقال النشطاء في هذه الاعتصامات .
حكومة المالكي هي التي تصعد الموقف باستفزازاتها المثيرة يوميا . وقد تجلى هذا الاستفزاز في محاصرة الجوامع في بغداد ومنع المصلين من الوصول اليها لاداء صلاة الجمعة " جمعة الفرصة الاخيرة " , وابرز هذه الجوامع جامع ابو حنيفة النعمان في الاعظمية , الذي يعد جامع اهل السنة والجماعة في العالم الاسلامي . وكذلك منع وصول المواطنين الى جوامع مماثلة في العامرية واليرموك والصليخ في بغداد .
3.الثورة العراقية ثورة وحدوية تدعو الى بقاء العراق موحدا , رافضة اي حديث عن الفدرالية التي شرعنها الدستور الذي صاغته الادارة الامريكية باملاءات ايرانية ملائية . لم يصدر اي تصريح او قول عابر من ائئمة المساجد او شيوخ العشائر او الوجهاء في ساحات العز والكرامة يدعو الى الانقسام او يدعو الى الفيدرالية ابدا .
4. اضافة الى وحدوية الثورة فانها ثورة عقلانية غير منفعلة , فرغم الاجواء القاسية من حيث البرد والمعاناة اثناء التواجد في ساحات الاعتصام فان الاعصاب ضلت هادئة وساد كلام المعتصمين العقل والمنطق والمحاججة مع حكومة المالكي , لم يخرج من افواههم السب او الاتهام الباطل , بل ساقوا الحجج والبراهين على مطالبهم .
هذه الثورة الحضارية الوحدوية العقلانية السلمية الا تستحق ان تنال اهتمام الرأي العام العربي , واهتمام وسائل الاعلام العربية ؟ .
الا تستحق موقفا من جامعة الدول العربية ؟
الا تستحق موقفا من الاحزاب العربية التي تدعي النضال والجهاد والتحرر والعدالة والمساواة ؟
الا تستحق موقفا ايجابيا من المؤتمرات القومية التي تدعي الانتصار للفكر القومي الوحدوي ؟ .
انها ثورة تستحق الموقف الثوري لمن يدعي الثورية .
انها ثورة وحدوية لمن يطالب بالوحدة .
انها ثورة تقدمية لمن يزايد على الاخرين بالتقدمية واليسارية .
التعليقات (0)