في بعض الاحيان تكون للصمت لغةٌ يطلق عليها بـ"دوي الصمت"، هي لغة ليست كباقي اللغات، فهي اقوى من لغة التظاهر ولغة السلاح، ولا تخلف وراءها ضحايا،ويستطيع الانسان المظلوم ان يعبر من خلالها عما يدور في داخله من رفضٍ للظلمِ والفساد، وتكون ذاتَ وقعٍ خاص ويؤثر ايجاباً لصالح صاحبها، ولايستطيع الظالم المفسد من اسكات صمتها المدوي مهما حاول ذلك، ولايستطيع التعتيم عليها، ولايستطيع كذلك الطعن بها، وانها تشق طريقها الى الرأي العام معلنةً له عن شجبها ورفضها للظلم والفساد، ومؤكدةً وجودهما، وتجعل من يستمع لها يثق بها ثقةً مطلقةً دون ان يبحث عن حقائق اسبابها واهدافها. وهذا هو عين ماحصل في العراق في الانتخابات الاخيرة حيث تشير الاحصائيات الرسمية من مفوضية الانتخابات ان نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات هي 51% ، فيما يشير خبراء ان نسبة الانتخابات هي دون النصف ، وعليه فان الشعب العراقي ووفق ما اعلنته المفوضية فانه انتخب لان نصف المشمولين في الانتخابات قد ادلوا باصواتهم، وكذلك ولان نصف المشمولين في الانتخابات لم يدلوا باصواتهم فان الشعب العراقي لم ينتخب!، وكذلك ووفق رأي الخبراء وتقييمهم لنسبة المشاركة في الانتخابات والتي هي دون نصف المشاركين؛ فان الشعب العراقي لم ينتخب وان الذين ذهبوا لصناديق الاقتراع ماهم الاجزء من الشعب وليس الشعب بأكمله!، وعليه فالنتيجة هي ان الشعب العراقي لم ينتخب سواء اخذنا برأي المفوضية وتقييمها لنسبة المشاركين او اخذنا برأي الخبراء وتقييمهم لنسبة المشاركين، فالنتيجة واضحة ان الشعب العراقي لم ينتخب.
اما اسباب عدم مشاركة الشعب العراقي في الانتخابات الاخيرة فهي تتمحور بعدةعوامل منها:
1- منع التجوال، وعدم توفير وسائل النقل من قبل الحكومة للمواطنين الذين يسكنون بعيداً عن المراكز الانتخابية والتي توجد فيها اسماؤهم، مما ادى الى حرمانهم من المشاركة في الانتخابات!.
2- العامل الامني، وخوف المواطنين على انفسهم من العمليات الارهابية، وهذا مستبعد لان الارهاب كان موجوداً في الانتخابات التي سبقت الانتخابات الاخيرة ومع هذا لم تكن نسبة المشاركة متدنية لهذا الحد.
3- عدم وجود اسماء بعض المواطنين في القوائم الانتخابية، مما ادى الى عدم مشاركتهم في الانتخابات وحرمانهم حق التصويتِ فيها!.
4- عدم ثقة الشعب بالسياسيين بسبب تجربة فسادهم في الانتخابات الماضية –اي التي سبقت الانتخابات الاخيرة-.
اما العاملان الـ"الاول والثالث" فمن المستبعد ان يكونان هما العامل الاساسي والرئيسي في عدم مشاركة الشعب العراقي في الانتخابات الاخيرة، وان كانا جزءاً من ذلك، ولكن ليس السبب الرئيسي والاساسي الذي ادى الى عزوف الشعب العراقي عن الانتخابات الاخيرة.
وعليه ومن المتيقن والمتفق عليه عند جميع ابناء الشعب العراقي ان عدم مشاركة العراقيين في انتخابات مجالس المحافظات 2013م هي تكمن وبصورة رئيسية واساسية بفقدان الشعب العراقي ثقته بالسياسيين بسبب فسادهم وافسادهم وعزفهم على الوتر الطائفي على حساب الوطن والمواطنة لتحقيق مآربهم السياسية. فهذه رسالة من الشعب العراقي بأجمعه -اي عدم مشاركة الشعب العراقي وعزوفه عن الانتخابات- الى جميع الساسة ولسان حاله يقول:
(احسنوا معنا فالانتخابات البرلمانية قادمة، والا فان نسبة المشاركة فيها ستكون صفر%)
التعليقات (0)