الثورة الثقافية الصينية
في شهر مايو1966 أطلقت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي حملة شعارها "الثورة الثقافية البروليتارية" وفي شهر أغسطس من ذات العام بدأ الزعيم ماو تسيي تونغ حملة ضد الطبقة الحاكمة رغبةً منه في الانفراد بالسلطة، ماو المعروف بمؤسس الصين الحديثة والقائد الذي حكم بالحديد والنار وحول الصين لبلد صناعي وصاحب نظرية القفزة الكبرى والتي راح ضحيتها 70 مليون نسمة ثمناً للتقدم قاد حقبة ثورية ضخمة انتهت بموته 1976م وبدأت بموته مرحلة الثورة الثقافية المضادة والتي قادها دنغ شياوبنغ، يتفق المؤرخين الغربيين على أن الثورة الثقافية الصينية كادت أن تفتت الصين وتقودها للانزلاق في وحل الحرب الأهلية بسبب تجييش الطبقة العاملة وتكوين الحرس الأحمر الحارس للثورة والداعم للايديولوجيا الماويه، على النقيض تماماً يرى المثقف الصيني الذي أُقحم في تلك الثورة طوعاً أو كُرهاً أن تلك الحقبة لها مساوي لو تمت مقارنتها بما حققته من قفزات على مختلف المستويات لرجحت كفة الإشادة بها، الحديد والنار والديكتاتورية وسياسية الصراع مع الامبريالية والرأسمالية والتي تحولت فيما بعد لسياسة السوق والانفتاح مع التحفظ عوامل لا يمكن اغفالها لمن آراد النظر لتاريخ الصين الحديثة، التخلص من إرث أيديولوجية لينين الماركسية عنوان يردده الصينيون عندما يتذكرون الثورة الثقافية وهم الذين يقولون أن ماو كان إلهاً وليس أسطورة..
ستةُ وخمسون عاماً مرت على الثورة الثقافية الصينية وذلك عمر قد يكون مناسباً للحكم عليها، فهل تلك الثورة هي من قاد الصين لتصبح دولة متقدمة في شتى المجالات وتطمح لأن تقود العالم!
في التاريخ لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض من دون ثورة ذات رؤية وقيادة هرمية، أما الثورات الغوغائية فهي نذير شؤم وكارثة على المجتمعات وبداية الدخول في حرب أهلية ذات خلفيات أيديولوجية وعرقية معقدة، الثورة الثقافية الصينية رغم تحفظات البعض احدثت نقلة نوعية في بلدِ كان يعاني من الفساد والجوع والفقر وتبعات الحروب التي انزلقت فيها مقاطعات الصين، تلك النقله لا يمكن اغفالها فالثورة حالة تمرد على واقع وُجدّ نتيجةً لأفكار وايديولوجيات معينة، بعد أن بدأت الصين تقترب من العالم العربي كشريك على العرب النظر في الحالة الصينية بعين المتفحص ليستفيد ويُفيد..
في العالم العربي هناك الكثير من العوامل التي تسببت في توقف محاولات النهوض، أعتقد أن العرب بحاجة لثورة ثقافية تُعيد رسم المسار وتنهي حالة التشرذم والأنقسام، فالتجربة الصينية نموذج يمكن استنساخه وتطبيقه على أرض فلا نهضة من دون ثورة ثقافية تحول العقل العربي من متلقن إلى منتج وتسهم في كنس التطرف والتشدد والاستبداد والتهميش والجوع والفقر فصين ما قبل الثورة الثقافية كعرب اليوم بل أشد من ذلك. ..
التعليقات (0)