الثورة التونسية : المعوقات و آفاق المستقبل ؟
بقلم:محمد بن سالم بن عمر،عضو اتحاد الكتاب التونسيين - مؤسس"حزب الشعب"
Portable :0021693833734
يمكن أن نستمد مفهوم الثورة و معانيها بالرجوع إلى بدايات :
- الثورة الإسلامية بمكة مدة الدعوة المحمدية التي تواصلت 13 سنة و نزلت خلالها86 سورة مكية لبلورة مبادئها الكونية . ( إخراج الناس من الظلمات إلى النور و توحيد الله و الكفر بربوبية البشر و عصيان الطغاة و المستبدين " كلا لا تطعه واسجد واقترب… )
- الثورة الفرنسية عام 1789 م التي ( نادت بالأخوة و الحرية و المساواة و تحييد الكنيسة في العمل السياسي بالدعوة إلى اللائكية و العلمانية …)
- الثورة البلشفية عام 1917( نادت بتوحيد العمال في مواجهة الطبقة البرجوازية المستغلة للعمال ...)
يراجع في هذا الصدد كتاب : نقد الاستبداد الشرقي عند الكواكبي و أثر التنوير فيه + مشروع بناء حضارة بديلة للأستاذ محمد بن سالم بن عمر صادر عن المطبعة العصرية بتونس 2009.ص
إن قراءة متأنية لهذه الثورات الثلاث يمكننا من استخلاص الآتي الثورة هي تغيير شامل للأوضاع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الحضارية عامة و سائر مرافق الحياة و القدرة على بناء حضارة جديدة و متفوقة استفادة من الحضارات الماضية و القائمة و تحرير كل طاقات البشر من الشعوذة ... كما أن الثورة لا تقوم إلا على أساس قيم كونية محدثة و جديدة و مقنعة للشعب الثائر واعتبارها أرقى من قيم التي قامت على أساسها الثورات السابقة.
المعوقات:
- التجمع و حكومته الحالية التي تعتبر من بقايا حكومة التجمع مهما لبست من أقنعة و زخرفت من قول ..( العجز التام عن تلبية طموحات الشباب الثائر) . " رجوع معتصمي القصبة 3 يوم 30/03 2011الى العاصمة .
- الفكر السني / الشيعي لارتكازه على مقولات تراثية عاجزة بطبيعتها على فهم الواقع المعيش للثورة التونسية و متطلباتها و طموحاتها أو إحداث التغيير الجذري المنشود، لهم مقولة مشهورة في التصدي للثورة : ( حاكم غشوم خير من فتنة تدوم ).كما أن هذا الفكر يقف حائلا أمام إبصار الواقع الحضاري للمجتمع المراد تغييره ." و إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا .
- الفكر العلماني/ اللائكي بكل تشكلاته بسبب تبعيته الفكرية للغرب الاستعماري و تنكره لهوية الشعب التونسي المسلم ؟ .. نسبيته و عقمه و عجزه عن فهم طموحات الناس ..شعور مروجيه بالدونية أمام أسيادهم من الغربيين = العجز التام عن إحداث التغيير الحضاري المنشود و مثال ذلك : (تجربة زعماء الإصلاح العرب و المسلمون منذ غزو بونابرت لمصر عام 1798م) ، تشكل هذه المنظومات الموروثة / الإسلامية / العلمانية / اللائكية .... عبئا على الثورة التونسية في تحقيق أهدافها ... و تقف حائلا أمام تحقيق أي تقدم حقيقي بل سيكونون في صدام مع شباب الثورة ان عاجلا أم آجلا.." يقول شباب القصبة 3 : كل هذه الأحزاب لا تمثلنا مطلقا ..؟
- الاستحمار الفكري و تمييع الوعي الشعبي التي تروج له كل التيارات الفكرية العلمانية و الإسلامية و اليسارية و القومية من قبيل : مفهوم صراع الطبقات لدى اليسار / الطبقة الرأسمالية لدى الفكر الليبرالي / حاجة مجتمعاتنا لإتباع السلف الصالح و التماهي مع تجاربهم الحضارية القديمة في الفكر الإسلامي سنيا كان أم شيعيا أم دعويا .../ استرجاع التجربة الناصرية أو القدافية ... لدى الفكر العروبي و القومي ... و البورقيبي لدى أزلام التجمع و بقاياه الاستبدادية / خلق مفهوم "الإرهاب" في مجتمعنا من قبل النظام السابق أو "صراع المرأة مع الرجل من قبل الليبراليين " "الترويج للفن الهابط " من قبل "فرحة شباب تونس " "الهاء الشباب بالحفلات الماجنة " " عبدة الشيطان " .... إن كل هذه المفاهيم التي تروج لها وسائل الإعلام و مختلف التيارات الفكرية و السياسية المذكورة تشكل وعيا مزيفا لا صلة له بحقيقة مجتمع تونس الثورة و التغيير التي بشرت العالم بقيم كونية جديدة تتهافت عليها كل المجتمعات في العصر الحديث ، مجتمع يتوق لتغيير جذري يمس كافة هياكله السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الحضارية .
- الاستبداد الاجتماعي في الأسرة و المجتمع ... جراء ما كانت تعيشه بلادنا من استبداد سياسي وظلم و قهر انعكس سلبا على كل مرافق الحياة الأسرية و الاجتماعية و الإدارية ..
– أفاق المستقبل :
- ضرورة التمسك بمجالس حماية الثورة و تعميمها في كل الأحياء و القرى و المدن التونسي و شرعنتها دستورا و قانونا انطلاقا من تمثيل فردا واحدا عن كل أسرة تونسية .. و إعطاءها صلاحيات تقريرية و تنفيذية مساهمة في بناء مجتمع جديد متطور و مزدهر.. و متنافس في خدمة البلالد و العباد و التشجيع على المبادرة الفردية في كل المجالات الحياتية .
- السعي الجاد من قبل كل قوى الثورة لبلورة فكرية قيمية كونية متميزة بمعزل عن كل القيم الموروثة عن الثورات السابقة لثورتنا التونسية المباركة انطلاقا من بصائر القرآن المكي /86 سورة مكية بالتفاعل مع واقع مجتمعنا الحضارية و ثورة شعبنا.. كالتركيز على محاربة الاستبداد و الظلم و التفرد بالثروة الوطنية و الدعوة للشورى و التكافل و التعاون واعتبار قتل نفس بريئة بمثابة قتل الناس جميعا و حرية المعتقد الديني و الأخوة الإنسانية ....
و أعتقد شخصيا أن "الموحدون البصائريون" هم بناة الثورة التونسية المباركة و حماتها و القادرون على تحقيق كل أهدافها..
البصائريون:هم من يعتمدون بصائر القرآن المكي بما هي قيم كونية أزلية للبحث من خلالها عن حلول ناجعة لكل مشكلات شباب الثورة .
البصائرية في مواجهة الإسلامية و العلمانية :
إن مواجهة البصائريين لدروشة الإسلاميين و استلاب العلمانيين و اغترابهم هي مواجهة حتمية لانتصار قيم الثورة التونسية و تحقيق مطالبها.
التعليقات (0)