المشهد العربي من المحيط إلى الخليج مع موعد من الحرية والتغيير لم يكن هذا التغيير نابع من أجندة خارجة أو مؤامرة كما يصورها البعض . لكن الأمر قدر مقدورا وهذه سنة الله في عبادة فمن المحال دوام الحال. وما لموقع العالم العربي وما يشكله من أهمية عالمية من الناحية الجغرافية والسياسية و الإستراتيجية والاقتصادية فهو يقع في قلب العالم كموقع القلب بالنسبة إلى الجسد فمن يتحكم في القلب سيحكم الإطراف وان إي تأثر للقلب حتما سيؤثر على الأطراف . وان اضطراب هذا القطر من العالم وخروجه عن السائد المألوف نذير شؤم على أعداء العرب والمسلمين والمتربصين به أو من حاولوا العبث بثرواته والمتاجرة بعقول أهله . فالتاريخ يعيد نفسه ولو أردنا الانتقال من ما نشاهده اليوم من البحث عن الحرية ونبذ الذل والجهل والتخلف والسير في ركاب الأمم إلى وقت اضطرب فيه العرب بعد أن أشرقت شمس الحرية بدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحطمت نضم الجهل والظلم وما كان مألوفا من عبادة الأحجار والأشجار والخرافات التي احتلت عقولهم وضربت بأطنابها في ربوع الأرض آنذاك. وتحول العرب بعد هذه الحرية ببضعة عقود إلى سادة للأمم بعد أن حطموا ملك كسرى وأذلوا القياصرة . فالحرية هي أغلا الأوسمة التي دعت إليها الشرائع السماوية و أيدتها المبادي الأرضية . فلا مجد ولا سؤدد للمترفين و المستاكنين والإمعات . فالأحرار هم من يقفون في وجه الطغيان ويبذلون النفس والنفيس لإقامة العدل ونبذ الظلم .
و ما يرى اليوم من الدعوة إلى الحرية و التغيير هي بداية الصحوة العربية التي أوقد جذوتها و أطلق شرارتها من تونس محمد البوعزيزي رحمه الله وتقبله في عداد الشهداء . الذي مات لتحيى امة وجاد بنفسه والجود بالنفس أقصى غاية الجودي ؛ وذلك بعد مشيئة الله وإذنه بالتغيير امتنان منه سبحانه وتفضل على شعوب سئمت من العيش تحت وطأة أنظمة مستبدة والتي لطالما ساموهم سوء العذاب . ما بين تنكيل ، وترهيب ، وسجن ، ونفي ... الخ .
بل سئمت من العيش في كنف أنظمة لم تسلم من الكيد ونصب الحيل و تدبير المكائد لبعضها البعض . حتى أصبحت هذه الجزئيات من أهم البنود المطوحة على جدول إعمال الدول العربية (إدارة الخلافات العربية ) وغيبت عن قضاياها المصيرية والكلية .
فبعد إن أشرقت شمس الحرية وعلم الشرق والغرب انه لا يمكن إطفاء نورها وإخفاء وهجها تحول مابين عشية وضحاها من داعم للأنظمة إلى داعم للشعوب لعله يصلح ما أفسدته أيديهم .فإما الغرب فيحاول جاهدا أن لا تخرج الأمور من يده فهي فرصة سانحة لتركيع الأنظمة و الامتنان على الشعوب . وأما الشعوب فترى في تدخل الغرب إزالة للطغيان وبداية فجر جديد للحرية . و الكل على يقين إن اقتران المصالح ما هو إلا فترة وجيزة وتعقبها هنات وونات وسنوات خدّاعات وسنين عجاف و تمايز للصفين وتليها المواجهة
وتجدر الإشارة إلى أن التغيير المفاجي والتفاؤل به أمر يحفه الكثير من الغموض لكن العاقبة للمتقين والأمر لله من قبل ومن بعد.
التعليقات (0)