مواضيع اليوم

الثورات العربية .. والحالة المغربية

ayoub rafik

2011-02-03 20:10:50

0

الثورات العربية .. والحالة المغربية
البشير ايت سليمان / 02/02/2011

 Bachir700@gmail.com

تعيش عدة دول عربية في الأشهر القليلة الأخيرة حراكا سياسيا واجتماعيا تحت عدة غطاءات، تارة ضد التهميش الاجتماعي والفقر والبطالة، وتارة أخرى ضد الفساد السياسي والاستبداد بالسلطة وتحويل الحكم إلى أداة في يد فئة قليلة من الشعب ... لكن مع توالي الأحداث وتسارع وثيرة التفاعل معها، خاصة بعد الاستفادة من شبكة المعلوميات الجديدة، يتم رفع سقف المطالب الاجتماعية والسياسية إلى المناداة بتغيير الأنظمة القائمة، والمطالبة في بعض الأحيان بمحاكمة رموزها بدعوى تسببها في ما آلت إليه أوضاع هذه الشعوب.
وإذا قمنا باستقراء في حالة هذه الأنظمة نجد أن قاسمها المشترك هو:
أولا: أنها عمَّرت ردحا من الزمن في غياب تعددية سياسية وحزبية حقيقية، وإن وجدت فهي لا تعدو أن تكون صورية وغير ذات جدوى في التغيير.
ثانيا: غياب تداول سلمي للسلطة واستمرار شخصيات بعينها على هرم الحكم لعقود عدة، وفي أحسن الظروف يتم توريث أحد أبناء الرئيس (حالة سوريا) أو التحضير للتوريث (حالة ليبيا ومصر واليمن...) لتتحول بذلك إلى "جمهوريات ملكية" أو "جُمْلُكيات" كما أسماها الفنان المغربي الساخر أحمد السنوسي "بزيز".
ثالثا: التغييب الممنهج لتنظيمات معارِضة، قومية وإسلامية (حالة ليبيا وتونس)، ذات وزن ثقيل في التعبئة الجماهيرية وتزوير الانتخابات في وجهها (حالة الجزائر ومصر ...)
في ظل هذا الوضع المتوتر عربيا، يمكن أن نجزم أن أية دولة عربية غير مستثناة مما يجري فيها اليوم من حراك، ولو بدرجات متفاوتة، وبحسب طبيعة النظام القائم في كل دولة وكذا بحسب سقف مطالب النخبة السياسية فيها. والمغرب بطبيعة قربه الجغرافي من قلب الأحداث وتفاعل أبناءه مع الحراك القائم في الجارات الشرقية، لن يشكل استثناءا ما دامت أمواج التغيير تصل إليه ويتفاعل معها كما تصل وتتفاعل أمواج البحر، لكن وضع المغرب ونظامه وتاريخه السياسي يختلف تماما عن باقي الأنظمة العربية وذلك لعدة اعتبارات أهمها:
أولا: أن النظام السياسي القائم في المغرب (مؤسسة الملكية) يحضى باحترام كل المغاربة منذ قرون، وستمد أسس استمراره من عدة روافد دينية (البيعة) وثقافية (التجذر التاريخي) واجتماعية... كما لا يمكن لشخص الملك أن يكون بأي حال من الأحوال ضد إرادة الشعب باعتباره الحَكَم الأخير في أي خلاف بين أطياف الفعل السياسي بالمغرب (المَلِك حسم الخلاف في تغيير مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة وعيَّن لجنة من كافة الحساسيات وتم التوافق عليها بعد ذلك).
ثانيا: كون النخبة السياسية المغربية سباقة إلى المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية، وهناك أصوات من داخل المعارضة (الإسلامية واليسارية) من تنادي بتعديل الفصل 19 من الدستور المغربي حتى تتقلص سلطات الملك ووضعها تحت تصرف الوزير الأول، كما تظهر بين الفينة والأخرى أصوات تعبر عن رأيها بالتحول إلى ملكية برلمانية أسوة بالنظام الاسباني ...
ثالثا: كون المؤسسة الحاكمة بالمغرب فطنت إلى ضرورة إدماج العنصر السياسي الإسلامي في اللعبة السياسية، عكس بعض الأنظمة التي مازالت تحجم مشاركة هذا العنصر (حالة مصر وسوريا) الذي يتوفر على قاعدة جماهيرية في التعبئة، أو تزوير نتائج الانتخابات ضده (حالة الجزائر)، وقد استفاد المغرب من حالة العنف الذي شهدته الجزائر ومازالت تدفع ثمنه إلى اليوم.
رابعا: إن المغرب باشر إصلاحات كبرى في ميادين عديدة لقيت استحسان النخبة السياسية ولقيت ترحيب المراقبين والمؤسسات الدولية، ونذكر منها إنشاء "هيئة الإنصاف والمصالحة" التي حاولت القطع مع ممارسات زمن الظلم والرصاص الذي عاشه المغرب في القرن الماضي، وجبر الأضرار التي لحقت بالأبرياء من المغاربة في تلك الحقبة، كما شهد المغرب مع بداية القرن الحالي انفراجا على المستوى الإعلامي رافقه توسيع في حرية التعبير والرأي –ولو جزئيا- وتأسيس عدة منابر إعلامية خاصة عكس بعض الدول التي لا يمكن فيها لأشخاص ذاتيين أن يؤسسوا منابر خاصة ما لم يكونوا رجال أعمال (حالة مصر)، كما شهد العقد الأخير انفراجا على المستوى الحقوقي ولو جزئيا كذلك.
خامسا: كون حق الإضراب والتجمهر القانوني مكفول من طرف الدستور لكل مغربي، وهو من المكتسبات التي راكمتها نضالات الشعب المغربي في العهد الحديث، عكس بعض الدول التي تمنع التجمهر تحت غطاء تهديد الأمن الداخلي واستمرارا في تطبيق حالة الطوارئ التي دامت سنوات طويلة (حالة مصر والجزائر) كما أن المغرب كان دائما مسرحا لإضرابات واحتجاجات شعبية ("ثورة الخبز" la révolution du pain في البداية الثمانينات من القرن الماضي) سلمية ضد التهميش والغلاء والبطالة (احتجاجات المعطلين أمام البرلمان)، وغالبا ما تلقى أذانا صاغية لدى السلطات، وهو ما دل على تناقص أعداد العاطلين في صفوف حاملي الشواهد العليا...
سَرْدُنا لكل هذه المعطيات لا يقصد من ورائه أن المغرب يعيش "استثناء"، كما كان الكل يعتقد عندما طال الإرهاب جل دول العالم وبقي المغرب يعيش استثناءا دون أن يطاله وباء الإرهاب حتى وقعت تفجيرات أحداث 16 ماي الإرهابية، أو أنه – أي المغرب- قد استكمل كل الإصلاحات التي تنادي بها الطبقة السياسية.
ومن كل ذلك يمكن القول بوجوب توسيع قاعدة التعبئة ضد كل استهداف خارجي يمكنه المساس باستقرار المغرب في هذا الظرف الدقيق،حتى نستفيد من الدروس الآتية من الشرق وذلك عبر:
تحصين المكتسبات التي تحققت في المجالات الإعلامية والحقوقية والسياسية، وفتح المجال لمزيد من حرية التعبير والرأي في وجه المواطنين والصحافة مع رفع كل أشكال الرقابة عليها، لأنها في نهاية المطاف ستخدم هذا البلد بفضح المفسدين والمتاجرين بآمال وآلام الشعب.
1 - مباشرة إصلاحات على المستوى القضائي بما يضمن لهذا الأخير استقلالا تاما عن باقي السلط وإعادة محاكمة كل المتهمين في الجرائم ذات الطابع السياسي.
2 - رفع يد وزارة الداخلية في توجيه الانتخابات وتحريف أصوات المواطنين بجعل الرقابة عليها في يد القضاء وذلك بإنشاء مؤسسة تابعة للقضاء تعنى خاصة بموضوع الانتخابات.
3 - تقليص الفوارق الاجتماعية بين طبقات الشعب المغربي عبر الرفع من قيمة الأجور وتقليص بطالة الخرييجين بتشجيع الاستثمارات في القطاع الخاص والمشاريع الكبرى لتوفير فرص التشغيل.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات