الثوابت ........ والتهكمات
" الثوابت .... والمتغيرات "
قالها ( عمر المختار ) " أنا سأعيش وسيذكرنى التاريخ وسينسى شانقى " .
وبدلا من أن نكرس لفكر وقيمة ( عمر المختار ) – كمثال ونموذج - , وجدنا من يروج لسذاجة النموذج وعبثية المقاومة وسطحية وضآلة التأثير . حيث , فى حينه , كانت آلة الحرب الايطالية المتطورة من عربات ومجنزرات ومصفحات , تواجه بنادق بدائية وخيول واهنة ومقاومون يعوزهم الانضباط والتدريب ويفتقرون الى التكنيك .
ما أشبه الليلة بالبارحة , من التهكم على عبثية المقاومة فى فلسطين وبدائية الصواريخ الصفيح , مقارنة بالأسلحة الموجهة بالليزر التى يحوزها المحتل .
حدث هذا التهكم حينما تخلينا عن ثوابتنا . وعمد البعض خلال الثلاثين سنة الأخيرة من محاولة حذف كلمات النضال و المقاومة
و التمسك بالثوابت الوطنية , الى التهكم و السخرية من كل من يرفع هذه الشعارات او يتمسك بثوابته . و جرى العمل على نحو دؤوب منظم تحالفت فيه الرجعية الدينية التى تفتقر الى الرموز - الحديثة على الاقل - مع اعداء الوطن لتشويه الرموز الوطنية حتى لم يعد هناك رمزا واحدا قد بقى بعيدا عن عبثيتهم او لم تطاله اقلام السخرية والاستهزاء.
واذكر احد المدونين فى معرض رده على مدون آخر ان ترك صلب الموضوع وتهكم على صاحب الصورة التى يتخذها المدون خلفية لشعار مدونته - صورة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر - وآخر يتحدث عن ( صدام حسين ) مسميا اياه ( صاحب الحفرة ) . وثالث يكتب عن اعدام صدام بمنتهى الشماتة . فكأنه يضع خطا تحت "انما اكلت يوم اكل الثور الابيض " . فى رسالة توعية وتحذير الى من تراودهم احلامهم بامكانية رفع اصواتهم او الابقاء على هاماتهم مرفوعة .
لو تمسكنا بثوابتنا . لما جرؤ مدون على اعلاء " تسيبى ليفنى " كنموذج . ولما تحدث ( من يدعى انه من قبائل تعتبر اصل فلسطين)
عن واحة الديموقراطية فى اسرائيل . مقارنة بالجزر البدائية والعشوائية حولها فى العالم العربى . ويكرس لفكرة حق اسرائيل فى الوجود على ارض فلسطين .
ولو تمسكنا بثوابتنا لما قدر مدون من التهكم على الاسلام والمسلمين موعزا سبب تخلفنا الى تمسكنا بالدين - سبحان الله - فكأنه لا يكفيه اننا خسرنا الدنيا ويرغب أيضا ان نخسر الآ خرة . فهم يعلمون ان التمسك بالثوابت هو ما يحصننا ضد اطروحاتهم . والتخلى عن الثوابت يقلل منا عتنا فيسهل عليهم آداء مهمتهم .
اعلم ان الحديث عن الثوابت سيصيبهم بالفزع لاعتقادهم بأن آخر معاقل الثوابت قد سقطت . وانهم قد فرغوا من التهكم على الثوابت وتشويه الرموز . ويستعدون لتطوير الهجوم عن طريق طرح البدائل . واعلاء قيم - واطية - محل القيم الحقيقية . واستدعاء رموز جديدة - فى عرفهم - تصلح ان تكون قدوة للمرحلة القادمة . ناسين ان رموزهم نمور من ورق .
وقد انطلت خطتهم على البعض - للاسف- ووجدنا مدونين - لن نقول مأجورين او مرتدين او خونة كما يسميهم البعض - ولكن نقول بعض المدونين ممن لم يتحصنوا جيدا , او قلت مناعتهم او تسلل اليهم اليأ س من كثرة ما رأوا من الانظمة العميلة المتواطئة وقرفا من الحكام , او فقدوا بعض ايمانهم بثوابتهم - على طريقة انا ندعوا فلا يستجاب لنا - بدأوا يرددون ما قاله الخونة والعملاء - بجد - وهو يشكل فى ظاهرة اطروحات فكرية جديدة . وهو في الحقيقة تخلى عن الثوابت التي تزيد المناعة .
( أحدهم انزلق الى دعوة مفادها حكومة علمانية في فلسطين يتعايش فيهاالعرب و الصهاينة في وطن واحد ) .والغريب أن هذه الفكرة لم ترق لصهيونى ( مدون صهيونى ) ., وأخر أنزلق الى ( ولماذا لا يقيم العراق علاقات مع اسرائيل ) متهكما على معارضيه بأن علم سفارة الكيان الصهيونى يرفرف فى سماء بلدهم .
و مدون اخر – لا احترمه – ينال من اننا لسنا امة عربية و احدة و يفند حججه الواهيه من أننا أمة شتات مستعربه أسلمت بحد السيف في زمن الفتوحات الاسلامية.
ومدون أخر – أحترمه - يتهكم على الوحدة العربية . بل يطالبنا ألا نتحدث عن باقي الأقطار العربية إلا إذا توحدنا . في شرط تعجيزي ودعوة للتخلي عن الحلم – الحلم الأمل - لثقته أن الوحدة المرتجاه لا يمكن أن تقوم فى فترة وجود هذه القيادات وهؤلاء الحكام .
إن دس السم في العسل , خطة تقليدية قديمة . ولكنها مازالت ناجعة الى الآن ونحن – لإفتقاد شرط الإيمان – أصبحنا نلدغ من الجحر الواحد ثلاث مرات وليس مرتين .
لن نبكي على اللبن المسكوب فقد ضاع ما ضاع . والخوف كل الخوف على الأجيال القادمة , التي شب وعيها على رموز مشوهة وثوابت لم تعد موجودة وإفتقار و إفتقاد للقدوة .
الحل في التمسك بالقيم و المبادىء , الحل في التمسك بالثوابت .
التمسك رغم الحملة المستعمرة من التهكمات .
eg_eisa@yahoo.com
التعليقات (0)