مواضيع اليوم

الثوابت الوطنية.. الطريق الأمثل لتحقيق المصلحة العامة

ياسر العزاوي

2010-05-20 15:39:11

0

يعد النظام الديمقراطي من انضج نظم الحكم في العالم اليوم وقد أصبح من الممارسات الراسخة في المجتمعات المتطورة كونه يلبي اغلب طموحات الناس من خلال المؤسسات الدستورية التي يقرها البرلمان.
إلا أن هذه الممارسة في بلدنا العراق لا تكاد تتعدى حدود المواطن البسيط لأنه كان محروما طيلة عقود من الزمن من حرية التعبير عن رأيه والشعور بالمشاركة بقرارات تهم البلد من أعلى الهرم الحكومي إلى أسفله، لذا نرى بوضوح التفاوت الكبير بين فهم القادة السياسيين وبين عوام الناس، فالصنف الأول لا يفهم من الديمقراطية سوى أنها وسيلة لتحقيق مآربه في الوصول إلى كرسي السلطة لأربع سنوات يحقق فيها ما لم يستطع تحقيقه طيلة عمره، كما أن مجتمعاتنا لا زالت تعيش حالة الإكبار والتقدير وبمعنى آخر (الطبقية المجتمعية) لكل من يتصدى للمسؤولية في الدولة ويبقى هذا التقدير للمنصب ساري المفعول لعشرات من السنين، وهو خلاف المجتمعات المؤمنة بالممارسة الديمقراطية العمومية التي يمكن من خلالها وصول رجل اسود كاوباما إلى سدة الحكم في بلد كأمريكا عرف عنه تميزه الطبقي والعنصري، وهذا ما لا يمكن حصوله في مجتمعاتنا التي لا زالت ترزح تحت سلطة العشيرة والعائلة المالكة والنفوذ الاقتصادي والديني، أما الصنف الثاني وهو الناس فهو لا يتعدى دور الوسيلة التي من خلالها يصل الصنف الأول إلى ما يريد ويكاد دوره الديمقراطي ينتهي لحظة إلقاءه بورقة الاقتراع في صندوق الانتخابات كل أربع سنوات، وهذه الممارسة هي من نوع (الديمقراطية الموسمية) إذ لا سلطة حقيقية للشعب طيلة أربع سنوات الحكم، وإنما تنحسر ممارسة الفرد لهذا الحق في أيام معدودات ولا يترتب عليه أي اثر تغييري.
لذلك أن الدكتاتورية لم تغادر ساحتنا السياسية وإنها لا زالت الأسلوب المفضل لدى بعض أصحاب القرار في إدارة الأزمات التي تمر بها البلاد، فلم نر فيما مضى من الوقت الرجوع إلى رأي الشعب في الأمور المهمة التي يمكن أن تؤثر على موقعه هذا أو ذاك من المتصدين ولكننا نرى في المقابل اتخاذ القرارات نيابة عن الجماهير في أحرج المواقف والتي غالبا ما تتعارض ومصلحة الأغلبية الجماهيرية مما يوحي للمراقب أنها لعبة تدار من طرف واحد وان شراكة الجماهير في صناعة القرار ليس له وجود حقيقي لذا فمن الطبيعي في هكذا أجواء أن نرى احد قادة الكيانات السياسية يلوح بالعصيان وآخر يلوح بالنزول إلى الشارع وهو ما يعني الانقلاب على الدستور والعملية الديمقراطية التي جاءت به وبغيره من قادة الحركات والأحزاب، وثالث يرى إعادة العد والفرز في عدة محافظات من العراق الطريق الأمثل للوصول إلى حقه وهكذا نرى أن القادة السياسيين يغردون دائما خارج سرب المواطن الذي أعياه انتظار تشكيل الحكومة أملا في تحقيق طموحاته، وهنا لابد من الإشارة إلى أن لكل المجتمعات قديمها وحديثها ثوابت لا يمكن لها تجاوزها لأنها إذا ما فعلت هذا اختل توازن القوى المسيطرة على الممارسات سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو الديني. وفي العراق وعلى المستوى السياسي نجد أن اقل ما يمكن التمسك به من ثوابت هو الدستور الذي صوت عليه الشعب وما ترشح عنه من ممارسات تعد شاخصا ديمقراطيا لا يمكن تركه والذهاب إلى غيره من الخيارات، فالانتخابات ونتائجها المعلنة تعد من المرتكزات التي لا يمكن تجاوزها في أي حال من الأحوال، وان عدم القبول بما تفرزه من صعود هذا ونزول ذاك يعد خرقا دستوريا وعلى الجميع ممن شاركوا في الانتخابات والتي لا نقول بنزاهتها 100% القبول بالأمر الواقع وإلا فان الخيارات المطروحة من بعض الجهات هي خيارات خطرة ولا تفضي إلى ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وإنما تعود بنا إلى هواجس وأفكار طالما كرهناها وحاولنا تجاوزها من قبيل إلغاء الانتخابات أو إعادتها أو الانقلاب وان لم يصرح به لحد الآن، إلا أن المفهوم من التصريحات لبعض هذه الجهات لا يخرج عن إطار هذه الأفكار التي تؤدي إلى ضعف الخيار الوطني إن لم نقل إلغاءه، كما انه لابد من اعتماد آليات عمل المؤسسات التي تدير هذه العملية برمتها كونها تمثل المنفذ الوحيد نحو الممارسة الديمقراطية التي نسعى لترسيخها للوصول إلى نتائج هي الأقرب لتحقيق طموحات الأغلبية..
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !