بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
يحاول بعض أعداء الدين أن يطعن في دين الاسلام وذلك بالطعن في كتب المسلمين ونزع ثقة الأجيال المسلمة بكتب المتقدمين ،فأحببت أن أذكر نفسي واخواني المسلمين بأن هذا الدين العظيم قد وصل إلينا عن طريق الأئمة الثقات رحمهم الله تعالى وأن ديينا الحنيف مبني على أساس متين لا يضره عبث العابثين ولا ارجاف المرجفين .
وأن المسلم من طلبة العلم وغيرهم لديه مصادر قوية يستفيد منها ويعزو إليها بكل ثقة واطمئنان واعتزاز بجهود علماء الأمة الاسلامية رحمهم الله تعالى ،سوف أتكلم عن المصادر الحديثية في خلاصة وافية بالغرض إن شاء الله تعالى فمنها :
1ـ كتاب صحيح البخاري .
2ـ وكتاب صحيح مسلم .فالحكم بصحتها مفروغ منه من حيث الاسناد .وكذلك الشروح التي عليها وافية بالغرض.
3 ـ موطأ الإمام مالك من دوواين السنة الكبار . فكتاب الموطأ للإمام مالك هو من كتب الحديث المتقدمة العظيمة ،ففيه الأحاديث الصحيحة المسندة، وفيه بعض البلاغات والمنقطعات والمراسيل، فأما المراسيل فلا يستدرك على الإمام مالك في ذلك؛ لأنه يرى حجية المرسل في الأحكام كما هو مذهب أكثر السلف كما قال ابن جرير الطبري ،و ابن كثير وغيرهما.
واماالبلاغات التي في الموطأ فقد وصلها ابن عبد البر -- في التمهيد سوى أربعة أحاديث، كما هو معروف، واعتنى أهل العلم بالموطأ عناية فائقة لإمامة مؤلفه، ولعظيم نفعه.
قال الإمام الشافعي: ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك.انتهى كما في اختصار علوم الحديث لابن كثير.
وقال سفيان بن عيينة : رحم الله مالكا ، ما كان أشد انتقاده للرجال . كما في "الاستذكار" (1/166) "التمهيد" (1/68)
لذلك تجد أن أكثر أسانيد مالك الموصولة في الدرجة العليا من الصحيح ، ومن أجل هذا استوعب الشيخان البخاري ومسلم أكثر حديثه في كتابيهما
4ـ المجتبى للنسائي (السنن ):سنن النسائي من كتب السنة المعتمدة التي هي محل الثقة التامة عند أهل السنة فإن الإمام النسائي من رؤوس المحدثين ولما انتهى من تأليف السنن الكبرى أهداه إلى أمير الرملة فقال له:أكله صحيح ؟فقال الإمام النسائي لا .
فقال :فأرجو أن تكتب لنا الصحيح منه مجرداً .فكتب المجتبى الذي يسمى السنن الصغرى وهو المراد حين يطلق العلماء العزو إلى سنن النسائي .انظر للفائدة في ذلك في كتاب جامع الأصول 1/197وسير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي 14/131
وقيل أن تلميذه الحافظ ابن السني هو الذي اجتباه .وكلاهما حافظ سواء كان الذي اجتباه الإمام النسائي نفسه أم تلميذه ابن السني .
إذن يا أهل السنة رفع الله قدركم أذكر نفسي وإياكم بأن الأحاديث التي في سنن الحافظ النسائي ثابتة عند الإمام النسائي وهو رأس من رؤوس أهل الحديث وقوله حجة فباستطاعة المسلم الاعتماد على ذلك وهو مستريح القلب وباستطاعته الرجوع إلى هذه المصادر الأصلية الأصيلة.
5ـ ومن كتب أهل السنة التي يحتج أهل السنة بالأحاديث الواردة فيه بكل ثقة :كتاب سنن أبي داود: فقد قال أبو داود في ذلك : ذكرت فيه الصحيح وما يشابهه ويقاربه ، وما كان فيه وهن شديد بينته ، وما لم أذكر فيه شيئـًا فهو صالح ، وبعضها أصح من بعض.انتهى
وقد وضح العلماء معنى قوله " وما لم أذكر فيه شيئـًا فهو صالح " هل يستفاد منه أن ما سكت عليه في كتابه هل هو صحيح أم حسن ؟ . وقد اختار ابن الصلاح والنووي وغيرهما أن يحكم عليه بأنه حسن ، ما لم ينص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن .
6ـ جامع الترمذي :يعتبر كتاب الترمذي "الجامع" أحد الكتب الستة الأصلول المشهورة. وهو كتاب جامع لم يقتصر على أحاديث الأحكام كما فعل الإمام أبو داود والنسائي، بل حوى أبواب الحديث المختلفة؛ ففيه الفضائل والمناقب والكلام عن الفتن والزهد والأدب والتفسير والسير. وقد بلغت كتبه ستة وأربعين كتابًا.
قال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله في شرحه لجامع الترمذي :وليس فيهم مثل كتاب أبي عيسى حلاوة مقطع، ونفاسة منزع، وعذوبة مشرع، وفيه أربعة عشر علمًا، وذلك أقرب إلى العمل وأسلم: أسند، وصحّح، وضعّف، وعدّد الطرق، وجرح، وعدَّل، وأسمى، وأكنى، ووصل، وقطع، وأوضح المعمول به، والمتروك، وبين اختلاف العلماء في الرد والقبول لآثاره، وذكر اختلافهم في تأويله، وكل علم من هذه العلوم أصل في بابه وفرد في نصابه، فالقارئ له لا يزال في رياضٍ مونقة، وعلوم متفقة متسقة، وهذا شيء لا يعمه إلا العلم الغزير والتوفيق الكثير، والفراغ والتدبير .انتهى كلام الإمام ابن العربي انظر عارضة الأحوذي لأبي بكر بن العربي رحمه الله 1/المقدمة، ص89.
7ـ سنن ابن ماجه سادس الكتب الستة على القول المشهور وهو أقلُّها درجة.
- قال الحافظ ابن حجر في ترجمة ابن ماجه في تهذيب التهذيب: "كتابه في السنن جامعٌ جيِّدٌ كثيرُ الأبواب والغرائب وفيه أحاديث ضعيفة جدًّا، حتى بلغني أنَّ السريَّ كان يقول:مهما انفرد بخبر فيه فهو ضعيفٌ غالباً، وليس الأمرُ في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديثُ كثيرةٌ منكرةٌ، والله المستعان".انتهى
وقد ذكر بعض المعاصرين أن هذه الأحاديث المنكرة تبلغ (99 ) حديثاً فقط من مجموع (4341 ) هي مجموع أحاديث سنن ابن ماجة أغلبها الصحيح ثم يليه في الكثرة الأحاديث الحسنة ثم أقل منها الأحاديث الضعيفة.
8ـ ومن كتب أهل السنة العظيمة مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى :عدد مسانيده من حيث التفصيل علي حسب ما أورده الحافظ علي بن الحسين ابن عساكر (ت 571 ه-) أنها 1056 مسندا.
واما عددأحاديث المسند كما ذكر الحفاظ فقد قال الحافظ أبو موسي المديني (فأما عدد أحاديثه فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفا، إلي أن قرأت علي أبي منصور بن زريق القزاز - بزايين - ببغداد قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال حدثنا ابن المنادي قال: لم يكن أحد في الدنيا أروي عن أبيه منه - يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل - لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة وعشرون ألفا..)انتهى
واما درجة الأحاديث التي فيه فللعلماء فيها خلاف معروف وأرجح الأقوال ما وضحه الحافظ ابن حجر .
فمما قيل في أحاديث المسند ما قاله الإمام السيوطي في خطبة كتابه الجامع الكبير ما لفظه : وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول ، فإن الضعيف فيه يقرب من الحسن .انتهى
ولابن حجر كتاب القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد حقق فيه الحافط ابن حجر نفي الوضع عن أحاديث المسند وبين من خلال بحثه أن غالبها جياد وأنه لا يتأتى القطع بالوضع في شيء منها ،وقد وضح في تعجيل المنفعة أن الوضع إنما كان في أحاديث ثلاثة أو أربعة قال الحافظ ابن حجر في كتابه تعجيل المنفعة : " ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة ، و الاعتذار عنه أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهوا ، أو ضرب و كتب من تحت الضرب "انتهى أي أن الإمام أحمد أمر بطمس هذه الأحاديث الثلاثة أو الأربعة لأنها موضوعة ولم تطمس وقد بينها الحافظ ابن حجر رحمه الله .
قال الحافظ أبو القاسم التميمي : " لا يجوز أن يقال : فيه السقيم ، بل فيه الصحيح و المشهور و الحسن و الغريب " .انظر المصعد الأحمد (1/39)لمحمد بن محمد الدمشقي ابن الجزري .
وقد أفرد أهل السنة كتباً خاصة يعتمد عليها كل مسلم :
ففي بيان الأحاديث الموضوعة :
في الأحاديث الموضوعة ألف أهل السنة مؤلفات مستقلة تعلم بأسماءها فمنها :
المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ملا علي القاري
الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث لأحمد بن عبد الكريم العامري
الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعةمرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي .
النخبة البيهة في الأحاديث المكذوبة على خير البريةالأمير المالكي
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعةعلي بن عرّاق الكناني معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعةابن طاهر المقدسي
الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرةجلال الدين السيوطي
اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعةجلال الدين السيوطي .وغيرها .
فائدة :ليس الحكم بوضع الحديث هو أمر قطعي بل قد يستدرك العلماء على بعضهم في ذلك كما تعلمه من مؤلفاتهم كاستدركاتهم على ابن الجوزي وغيره.
ومن جهود أهل السنة المبرورة تأليف الكتب الحديثية التي أفردت للعمل بما فيها أو الأخذ منها في الترغيب أو الترهيب أو الآداب أو الأذكار.
فمنها :الأدب المفرد للحافظ البخاري ،وعمل اليوم والليلة للحافظ ابن السني ،ومنها الأذكار للإمام النووي ،ورياض الصالحين له ،والأربعين النووية له ،وكتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري ،وكتاب الدعاء للحافظ الطبراني ،وكتاب المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح للدمياطي .ونحوها من الكتب الحديثية التي ألفها حفاظ أهل السنة للعمل بها ،والاستفادة منها ـ
فنسأل الله أن يجزي علماء أهل السنة خير الجزاء وأن ينفعنا بهم ،وأن يجعل حياتنا وختامنا على السنة البيضاء وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ماطر عبدالله الأحمري.
التعليقات (0)