عندما تولى حسنى مبارك حكم مصر قال فى أكثر من لقاء أنه لا يقرأ.. "مش مهتم بالقراءة ولا فاضيلها".. والنتيجة تراجع الثقافة في المجتمع برمته، فأدى جهل مبارك إلى انعدام الثقافة خلال 30 عام.. والمحصلة النهائية ما نحن نعانيه اليوم من انعدام الدين والذوق والأخلاق والقيم والمبادئ والعادات والتقاليد والنخوه.. إلخ، بسبب انعدام الثقافة.
فالثقافة أساس تكوين المجتمع المتحضر.. وتنعكس ثقافة المواطن على سلوكه، ولو تأملنا المجتمعات المتحضرة سوف نلحظ بكل سهولة اثر الثقافة ودورها فى حياة المواطن.. ولو نظرنا للمجتماعات الهمجية سوف نجد وزارة طويلة عريضة للثقافة لا تؤدى اى دور سوى فض المنازعات بين مدعين الثقافة، ونلحظ بكل سهولة اثر غياب الثقافة على سلوك المواطنين في جميع مناحي الحياة.. بدأ من حركة المرور وحتى الألفاظ المنحطة التى باتت جزء من اللهجة الدارجة ولغة التخاطب بين الاصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويذكر ابن رشد عن الدليل التاريخي على ارتباط الثقافة بالتحضر.. أن الحكم المستنصر بالله الخليفة الأموي حاكم الأندلس في القرن الرابع الهجري، شغلته الثقافة قبل كل شاغل وجعل همه الأول ان ينافس عاصمة المشرق – بغداد- في عهد الخليفة المأمون، فجمع فيها الكتب والكتاب ما لم يجمع من قبل ذلك فى مدينة واحدة، وكان هو اسبقهم إلى قراءة ما يجمعه من الأسفار النادرة من أقطار المشرق والمغرب، فأصبحت الاندلس اكثر عواصم العالم تحضرا فى تلك الاثناء.
وكذلك السلطان الظاهر بيبرس عندما أراد النهوض بمصر بعد توليه أمور السلطنة عام 1252 م اهتم بالثقافة ونسخ الكتب وإنشاء المكتبات العامة وعهد بهذه المهمة إلى صديقة "المنصف"، الذي انشأ المدارس والمكتبات فتحولت مصر خلال 4 سنوات إلى قبلة للعلم والثقافة في الوطن العربي، وبرز دورها أكثر عندما انتهى المنصف من إعادة إصلاح الأزهر الشريف وبدأ الدراسة فيه من جديد وأصبح وجهة العلماء واكبر جامعة علم فى العالم. وأيضا محمد على باشا بدأ مشروع نهضته بنشر الثقافة والتعليم، فنهضت البلاد في سنوات قليلة وتحولت من حال إلى حال، وقبلهم الاسكندر الأكبر الذي انشأ اكبر واهم مكتبه في العالم في مدينة الإسكندرية عام 332 ق.م، ونشر المكتبات في مصر لدعم الثقافة وتحضرت الدولة وانشأ منارة الإسكندرية رمزا لنور العلم والثقافة الذي بات يشع من الإسكندرية.
التاريخ يؤكد على أن نهضة الأمم تبدأ بالثقافة والعلم، وانعدام الثقافة يؤدي إلى الهمجية وانعدام الأخلاق والتخلف، والحاكم الغير مهتم بالثقافة ينتهي تحت أقدام همج أمته، والحاكم المهتم بالثقافة يرفعه علماء أمته ويخلدون ذكراه.
التعليقات (0)