لا أعتقد ان الاستاذ الدكتور أحمد زكي بدر تسعده حالة النكد التي اصابت البيوت المصرية مع امتحانات الثانوية العامة!.. ولا أعتقد انه كان يسعي للوصول إلي هذه النتيجة التي ارتفعت معها الأيادي إلي السماء بحسبي الله ونعم الوكيل.. قالها الآباء والامهات والتلاميذ.. وآه وألف آه لو كان واحدا منهم كان مظلوما!!
.. علي العكس ربما ثقتي الكاملة في أن الوزير ابن الوزير أراد ان يطور التعليم لاشك في هذا.. وأراد ان يقدم الثانوية العامة في نسخة جديدة تتواكب مع ظروف العصر.. لكن يبدو ان أفكار الوزير وهي بلاشك صادرة من استاذ اكاديمي مشهود له بالكفاءة العلمية والتربوية، لاشك أن افكاره فشل »العباقرة« الذين وضعوا امتحانات الثانوية العامة في ترجمتها بالشكل الذي أراده الوزير.. هؤلاء العباقرة هم بعض الذين يتفنون في تصدير العقد النفسية إلي مواطنين مصريين بسطاء حرموا أنفسهم من متطلبات الحياة الضرورية ليدفعوا أجور المدرسين الخصوصيين علي أمل ان يري كل منهم ابنه وقد التحق بالجامعة!.. بل أعرف بعض المواطنين من جيران وأقارب قاطعوا اللحوم والفراخ والفاكهة، وقرر تأجيل شراء الملابس الشتوية من أجل توفير ميزانية الدروس الخصوصية، وفي النهاية خرج ابناؤهم من لجان الامتحانات يصرخون ويبكون ويلطمون الخدود!!. وهذه هي ثمار العبقرية التي يتمتع بها واضعو امتحانات الثانوية العامة الذين اعتمد عليهم وزير أراد ان يحقق بصمة ايجابية في أزمة شهادة علمية تتكرر كل عام، لكنهم خذلوه، واضعفوا شعبيته، وحرقوا دماء آلاف المصريين!
.. ثقتي بلا حدود.. ان الوزير شأنه شأن أي انسان يريد ان ينجح وان يثبت للجميع ان اختياره لهذه المسئولية كان في محله.. لكن أرجو من كل قلبي ان يراجع نفسه وأن يستمع لآراء الجميع ومن بينهم أولياء الأمور لأنهم شركاء في العملية التعليمية، لأنه اذا لم يكن هناك تلاميذ فلا حاجة للدولة إلي وزارة ووزير!.. أولياء الأمور الذين اتصلوا بنا يقولون انه لامانع من تطوير التعليم، لكن لايمكن تحقيق التطوير دفعة واحدة ومع طلاب لم يتم تأهيلهم لهذه المرحلة.. فالتدرج مطلوب يامعالي الوزير.. ووزارة التعليم مهما كان شأنها مع احترامي لها لن تكون أحرص علي الناس من السماء التي تدرجت تشريعاتها ولم تنزل دفعة واحدة.. لقد راعت السماء حتي شاربي الخمر فلم تمنعه ولم تحرمه دفعة واحدة حتي يتأهل المذنبون للاقلاع عن الخمور!!.. وألف باء المنطق تقول ان الناس لايمكن أن يجتمعوا علي خطأ وان تكون الوزارة هي الصائبة!!.. وقد يرد السيد الوزير بأن ما حدث هذا العام يحدث كل عام فما هو الجديد؟!.. ونقول للوزير إن ما حدث في الأعوام السابقة كانت الشكوي منه لعدم ثقة التلاميذ في الحصول علي مجاميع مرتفعة أما هذا العام فالشكوي مريرة لأن الطلاب لايضمنون النجاح أصلا!!
معالي الوزير...
مصر كلها معك في تطوير التعليم، وهذا يحتاج إلي استراتيجية وخطة مدروسة ومواءمة (!)، ولكن مصر ليست معك في ان تقوم بتطوير التعليم شاهرا سيفك فوق رقاب البسطاء وعشرات الألاف من أولياء الامور الذين شعروا بأنك تؤدبهم وتعاقبهم علي ذنب لم يرتكبوه.. واصارحك القول وأنا أعرف انك في داخلك ليس سعيدا بما حدث.. أصارحك بأن دفاعك عن واضعي الامتحان لم يكن في محله وضاعف من غضب أولياء الأمور مع انه كان بمقدورك ان تمتص هذا الغضب باساليب كثيرة ولو من باب المواءمة السياسية، وهذا ما فعله الدكتور زكريا عزمي الذي يراه المصريون ليس نائبا عن دائرة الزيتون فحسب وانما نائب عن كل المصريين تحت قبة مجلس الشعب! لقد شعر الناس بأن الدكتور زكريا عزمي يقدر ما اصابهم من نكد وقرف وغيظ في بيوت يديرها الابطال من ابناء الشعب المصري في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة.. شعر الناس ان الدكتور زكريا عزمي يحاول ان يمضد جراحهم وهي محاولة يشكروه عليها حتي لو لم يندمل الجرح!
السيد الوزير
لن يفيدك الذي يجاملونك، واعتقد أنك في أمس الحاجة إلي من يصارحك القول بأن المصريين عقدوا عليك آمالا كبيرة مع توليك الوزارة والآن لايستبشرون خيرا والأمر يحتاج إلي ان تحقق المعادلة الصعبة وتتزع الأحداث الاخيرة بتدارك ما حدث وأنت اداري الناس بكيفية تدارك هذه الأحداث مع اعداد خطة علمية يتم تأهيل الطلاب عليها بدراسة العام القادم!
السيد الوزير
اعرف ويعرف الجميع انك كنت طالبا متفوقا وربما فذا وحصلت علي أعلي الدرجات والمؤهلات العلمية.. لكن ليس كل طلاب مصر في كفاءتك.. هناك الطالب العادي والمتوسط والمتفوق والنابغة والامتحان يجب ان يفرز كل هذه الفئات، ولانتحدث هنا عن الطالب الفاشل الذي لايستحق الدفاع عنه.. لكن من الظلم ان يرسب الطالب المتوسط ولايجد الطالب العادي اسمه في كشوف الناجحين ولو بمجموع ٠٥٪.
معالي الوزير
لو كنت معنا في أخبار الحوادث وسمعت وشاهدت وقرأت ايميلات القراء لأدركت ان واضعي الامتحانات هذا العام وضعك علي فوهة مدفع الغضب الشعبي رغم اعترافنا جميعا بأنك لم تكن تقصد سوي النهوض بالتعليم المصري.. ونحن نرجو ان يتم هذا بالفعل.. لكن بلا دموع ولاتشنجات ولا انهيارات ولا ليالي سوداء ينام فيها أولياء الأمور وقد فوضوا أمرهم إلي الله!
سؤال أخير يامعالي الوزير
اذكر لنا اسم دولة واحدة يعتمد فيها نظام التعليم علي امتحانات فاصلة تصيب عشرات الآلاف بالنكد عاما بعد عام!
دولة واحدة ياسيادة الوزير حتي يشعر بأنه كما ان الموت حق علي الجميع، فإن الثانوية العامة نكد يشترك فيه الجميع هنا.. وهناك.. في هذه الدول الأخري! وأعتقد انك قرأت معي ما قرره بعض أولياء الامور ونشرته بعض الصحف من انهم سوف يلجأون للرئيس مبارك لإزالة هذا الغم الذي أصابهم باعبتاره زعيم الشعب الذي تنتهي عنده كل هموم الشعب، ولأنه الوحيد الذي يثق المصريون في أنه الأب والأخ قبل ان يكون الزعيم والرئيس.
23/06/2010 03:12:47 ص
اخبار الحوادث_ مصر
التعليقات (0)