بقلم : احمد المـــلا
تعد القضية المهدوية وعنوان المهدي من أبرز القضايا التي يثار حولها السجال والجدال بين الفرق والمذاهب الإسلامية بين مثبت لولادة المهدي وبين منكر لها وبين هذين الفرقين وبين الفريق الثالث الذي ينكر القضية المهدوية وعنوان المهدي جملة وتفصيلاً ,وهذا الفريق هو يمثل أتباع ابن تيمية ومن سار على نهجه من السابقين واللاحقين ، فهم ينكرون وجود المهدي ويرون أن المهدوية محصورة في أئمة وخلفاء حكموا سابقاً وإن تنزلوا قليلاً فيقولون ( لا مهدي إلا عيسى ) !! وهنا سوف أورد لكم مثالا عن نقاش حدث بين شخص من أتباع ابن تيمية ..
ففي إحدى المنشورات التي تتحدث عن قضية الإمام المهدي " عليه السلام " علّق احد أتباع ابن تيمية بثلاث تعليقات وهي المرفقة في صورة المنشور حيث قال ((( 1- سؤال يا شيعة هل المهدي من أمة محمد...؟ 2- طيب إذا كان من أمة محمد عليه الصلاة والسلام يقول النبي وهذا الحديث مشهور ( أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وقليل من يزيد) أي أعمارهم ما بين٦٠ و٧٠ وقليل من يزيد الزيادة هنا تكون قليلة يعني قد يصل ١٠٠ عام ١٣٠ عام طيب الإمام الغائب له١٣٠٠ عام متخفي وحي أيضاً وانتم تؤمنون بهذا الحديث.....كيف يكون من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.)))
فشاهدوا كيف تتم تغذية أتباع ابن تيمية بما هو موضوع على النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وفيه كذب واضح ومفترى كل ذلك من أجل إنكار عنوان المهدي والمهدوية ... وهنا نرد على صاحب التعليقات وعلى كل من يقول بهذا القول بما هو آت ..
1- المهدي من امة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " وقد بشر النبي بذلك وقال انه من ذرية فاطمة وهذا ثابت ... وكلام المعلق يدل على إنكاره قضية المهدي أصلاً وليس فرعاً .. وهذا هو بيت القصيد وهو إن أتباع ابن تيمية ينكرون المهدي وعنوان المهدي سواء كان مولداً وغائب أو يولد في آخر الزمان ... وما قاله المعلق يثبت إنكاره لوجود المهدي بالجملة ... وهذا يعني انه لا يعترف بكل الكتب والمصادر التي تتكلم عن المهدي ( مولود أو يولد في آخر الزمان ) وهذا ما يجعلني استغرب كيف تستدل بحديث (أعمار أمتي ) وهو بالأساس ينكر مصدر هذا الحديث وهو من الكتب السنية المعتبرة..
2- من الواضح أن شرط العمر أصبح ملازماً لأمة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " أي كل من يموت في الفترات العمرية المحددة يكون من أمته ومن يموت قبل هذه الفترة أو بعدها ليس من أمته وهذا خلاف العقل والمنطق والشرع هذا من جهة ومن جهة أخرى يعني إن الطفل أو الشاب المسلم الذي يموت وعمره 30 عاماً ليس من أمة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " أما من يموت من المسيح أو اليهود في عمر الستين أو السبعين فإنه يكون من أمة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وهذا الشرط واضح في الحديث ... فهل يعقل أن يصدر هكذا حديث من النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أو إن هذا الحديث بلفظه يدل على أنه حديث موضوع ومدسوس ؟؟؟.
3- لو تنزلنا وقلنا بصحة هذا الحديث ( أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وقليل من يزيد) على الرغم من أن هذا الحديث لم يروه البخاري أو مسلم نرى أن المعلق قد تأول الحديث بما تشتهي نفسه فالحديث يقول ( وقليل من يزيد ) لكنه فسر هذه العبارة على الزيادة البسيطة في العمر وليس على أن هناك قليلا من هم يزيدون على الأعمار المذكورة.
4- لو سلمنا بصحة الحديث .... إننا نجد أن الحديث تكلم بصورة عامة عن نسبة الزيادة حيث قال ( وقليل من يزيد ) ومن هذه العبارة نفهم إن الزيادة لم تحدد بعمر معين فقال ( قليل ) قليل من الناس ( من يزيد ) أي من يزيد على هذا العمر المحدد ولم يحدد عدد السنوات .
5- النص الصحيح للحديث هو ( أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وأقلهم من يجوز ذلك ) فراجع مصادرك ... وبهذا اللفظ نجد ما قلناه في الفقرة (4) ... حيث إن عبارة ( وأقلهم من يجوز ذلك ) أي إن اقل الناس من يجوز الأعمار التي حددها النبي" صلى الله عليه وآله وسلم " - هذا لو سلمنا بصحة الحديث - ولم يحدد كم هي مدة التجاوز تلك ... فقد من يتجاوز هذه المدة بعشرة أعوام أو 50 أو 100 أو 1000 سنة أو أكثر بكثير فهو لم يحدد فترة التجاوز وهذا يبطل استدلال المعلق على إنكار عنوان المهدي.
وهنا نجد كيف إن التيمية ينكرون العقل ومدركاته بل سوف يشنعون على هذا الرد البسيط ويقولون بأن صاحبه عقلائي وهذا الأمر أثبته المحقق الصرخي خلال المحاضرة الخامسة عشرة من بحث (من بحث الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول ﷺ) حيث قال:
{{... هذا هو العقل وهذه هي مدرَكات العقل التي اعتمدها الله تعالى في تبليغ الإنسان وباقي المخلوقات، فكرَّر سبحانه وتعالى في كتابه المجيد معاني العقل والعقلاء وذوي الألباب والنُّهى والفكر والتفكّر والنظر والتدبّر والتبيّن والتبيين والبيان والتفقّه والعلم والعلماء…… (بعد هذه الحزمة من الأسئلة لا جواب عندنا إلا الإيمان بالعقل وبمدركات العقل، وإذا نفينا العقل ومدركاته فسوف نعطي المبرر والفرصة للإنسان الإفلات من الالتزام بأحكام الله وتشريعاته ووجوبها، فالعقل هو الذي يلزمه إن كان مجنونًا فيوضع مع المجانين ويحاسب حسابهم، وإن كان عاقلًا فيلزمه حكم العقل بالالتزام بالشرع، فوصلنا إلى وجوب الالتزام بالشرع عن طريق حكم العقل، وليس من المعقول أن التزم بالشريعة عن طريق حكم الشريعة نفسها، إذ قبل الالتزام بالشريعة يمكنني أن أسأل: ما هو الداعي أساسًا للالتزام بالشريعة؟ لكنه حكم العقل ومدركات العقل والضرورات العقلية والأحكام العقلية والبديهيات العقلية) (التفت: هذه مسألة جدًا جدًا جدًا مهمة في القضية العقدية والعقائد، هذه مسألة تبتني عليها أصول المذاهب، فالتيمية يرفضون العقل؛ لأنهم لا عقل لهم، فهذا فرق بين التيمية جماعة التوحيد الأسطوري من جانب وبين باقي المذاهب والطوائف والملل وأهل القبلة من جانب آخر، التيمية ينفون العقل والآخرون يحكمون العقل، لكن الاختلاف بين باقي المذاهب هو في سعة المدركات العقلية، وأين موارد تطبيقها؟ لكنهم في الأصل متفقون على العقل، فمن أساسات الفروق بين التيمية من جهة وبين الجهمية من أشاعرة ومعتزلة وشيعة وغيرهم هو أنهم يحكمون العقل بين التيمية لا يحكمون العقل...}}.
فهم بإنكار العقل يحاولون الإفلات من الالتزام بالأحكام الشرعية الإلهية الحقيقية الرسالية حتى يبرر لهم التكفير والقتل وسفك الدماء والاعتقاد المنحرف الأسطوري المجسم المشبه الذي يهين الذات الإلهية المقدسة ، ينكرون العقل ومدركاته حتى يفلتوا من الأحكام الشرعية الواقعية من أجل أن يلتزموا بأحكام ابن تيمية الخرافية.
التعليقات (0)