التيار الديني تشويه مٌتعمد
في المجتمعات المٌنغلقة يتم اختزال العقل والحٌرية في مجموعة من الأوامر والنواهي , ذلك الاختزال ما يلبث أن يتحول لعبء على المجتمعات بعد أن تتنفس هواء الحٌرية ولو بشكلٍ بسيط , المجتمع السعودي عاش ساكناً طوال عقود طويلة سكون لم يستمر طويلاً فقد تحول فجأة لمجتمع متفاعل مٌتحرك ينقد الماضي ويستشرف المستقبل , النٌخب الفكرية أياً كان اتجاهها ومٌدعي الثقافة والتنوير اشتغلوا بتوجيه الانتقاد للتيار الديني ورموز مراحله التاريخية اشتغال أوقع بعض فئات المجتمع في حيرة فحضر التصنيف وحضر معه التعصب وارتفعت حدة الانتقادات حتى أصبح كل طرف يتربص بالأخر وكأن المشكلة الرئيسية مشكلة تيارات وليست مشكلة قضايا وأمنيات وأحلام !
التيار الديني ليس تياراً طارئاً على الساحة السعودية فالمجتمع السعودي مجتمع متدين والسعودية قبلة المسلمين والدولة ككيان سياسي قامت على أسسٌ دينية وعقدية , ذلك التيار تحول لكبش فداء فكل شيء مٌسيء يوجه له بقصد أو بغير قصد , هناك حقيقة يجهلها من ينخرط في توجيه الاتهامات لذلك التيار أن التدين سلوك والدين قيم وتعاليم ,فالمتدينين بشر يخطئون ويصيبون يؤمنون برأي وينتقدون آخر , قد يكون هناك تعصب وتشدد من قبل أطراف محسوبة على التيار الديني لكن لماذا يتم وضع التيار الديني بأكمله بسلة الاتهامات والدعوة إلى اقصاءه عن الساحة بشكلٍ مباشر أو غير مٌباشر , الأخطاء والتجاوزات المٌرتكبة من قبل شخصيات أو أفراد أو جهات محسوبة على ذلك التيار لا تستدعي الدعوة للإقصاء أو الإلغاء بل تستدعي النقد البناء والحوار والتساؤل وافتراض حٌسن النية وهكذا الحال مع بقية التيارات الأخرى إذا كان هناك إيمان بالحقوق والواجبات والحٌريات والعمل المجتمعي المشترك .
في الحقيقة التيار الديني بشخصياته ومؤسساته الرسمية والغير رسمية يتعرض لحملات تشويه وإقصاء واتهام مباشرة وغير مٌباشرة والهدف ليس التصحيح والنقد وتجاوز التاريخ الماضي والبدء بمرحلة جديدة وسطية مدنية تعددية تسامحيه بل الهدف إسقاط رموز ومؤسسات ذلك التيار بالكٌلية لتخلو الساحة لتيارات منافسة وذلك لن يتحقق أبداً لعدة عوامل تاريخية وفكرية وثقافية وسياسية " قيام الدولة , طبيعة المجتمع الخ " ,صراع التيارات لا يحل قضايا تنموية وفكرية وسياسية وتربوية واجتماعية ,تعاون التيارات وتفعيل الحوار وقيمه وتعزيز قيم المواطنة وتعزيز المشتركات الفكرية والغير فكرية واحترام وصيانة المقدسات والمٌسلمات الثابتة بالنصوص القطعية عوامل تجعل من جميع التيارات تنظر لبعضها البعض بعين الرضى والاحترام وتعمل سويه من أجل الوطن وقضاياه المختلفة , التيار الديني ليس الوحيد الذي يتعرض للهجوم والتشويه بل هناك فئات مجتمعية تتعرض للهجوم والتشويه فئات مذهبية ومناطقية وفكرية لا تؤمن بالانتماءات الضيقة الجزئية , من حق كل اتجاه طرح رؤيته لكن ليس من حق أحد ممارسة التشويه ومحاكمة طرف لمجرد الشك لا اليقين , المؤسسات الدينية الرسمية والغير رسمية والشخصيات كذلك نختلف معها ونتفق لكن كل ذلك لا يعني الهجوم عليها وتعليق كل شيء عليها ونسيان حقها المؤسسي والمجتمعي والإنساني في العمل ومشاركة المجتمع بغض النظر عن أي شيء آخر , على التيار الديني مراجعة خطابه وإعادة النظر في كثير من القضايا وهذا واجب وليس ترف .
فمتى تتوقف عجلة التشويه والاتهام الموجهة لتيار نابع من طبيعة المجتمع المتدينة ..
التعليقات (0)