مواضيع اليوم

التوسع السعودي..مشروع قيادة ام استمرار التمترس خلف الآخر..

جمال الهنداوي

2011-06-03 09:07:24

0

خيارات مفصلية ومفترق طرق صعب ذلك الذي تقف امامه القيادة السعودية حائرة ما بين الاستمرار في سياسة قد تكون اندفعت بها اكثر بكثير مما ينبغي.. وبين اختبار معايشة الهلع الناجم عن المخاطرة في الانكماش الى موقعها الطبيعي كدولة اقليمية تحصر طموحاتها ضمن حدودها ومشاكلها الداخلية..خصوصا في مثل هذه الظروف والمعطيات العاصفة شديدة التباين مع طموحاتها والابعد ما تكون عن المثالية لتمرير اطروحاتها ومتبنياتها السياسية والفكرية والدينية..وفي ذلك المحيط الذي يموج بشعارات التغيير والثورة التي لا يمكن الرهان على عدم وصولها لاذيال الحكم الورقي القلق سريع الاشتعال..

قد يكون التدخل العسكري السعودي في البحرين وتمكنه السريع من تطويق الانتفاضة الشعبية ونجاحه النسبي في التعمية الاعلامية الضخمة على اهدافها وشعاراتها الوطنية سببا منطقيا ومبررا كافيا لمداعبة امال الحكم السعودي في احتلال الموقع القيادي الذي كان للرئيس عبد الناصر في مرحلة الستينيات والذي يعد المطمح التقليدي للعديد من القادة العرب الذين تناوبوا على استعارته في ممارسات تباينت ما بين النجاح النسبي او الاكتفاء بقيادة الركب عن طريق وسائل الاعلام الرسمي ..ولن نجانب الصواب كثيرا لو اضفنا عوامل غياب الدور المصري وتغييب الدور العراقي كدافع رئيسي قد يدفع الرياض للتغاضي عن بعض نقاط الضعف والخلل في مثل هذا الطموح..

وهذا التغاضي هو ما قد يفسر كل ذلك السعي السعودي لتغليف تمدده السياسي والعسكري بغطاء من التجمعات الاقليمية التي تتجاوز مجلس التعاون الخليجي الى فضاءات اوسع وابعد قد تشكل تحرشا بكيان الجامعة العربية وتهدف الى بناء منظومة بديلة لها كعامل تقوية وتدعيم للملكيات المطلقة الحاكمة في المنطقة واطلاق سلسلة من المبادرات الرامية لصياغة محور جديد لمواجهة التغيرات الاستراتيجية المحتملة في المنطقة وتمتينا لقوى وفعاليات الثورة المضادة للحراك الشعبي الثوري العربي..رغم الخلل الواضخ في مثل هذه التوجهات..

الخلل في مثل هذا التوجه يتمثل في غض النظر المرضي عن صعوبة قيام الحكم السعودي..او اي حكم عائلي ديكتاتوري مستبد آخر..بهذا الدور وسط تداعيات الخطاب الثوري الشعبي الهادر المتقاطع تماما مع ايديولوجيات الحكم المطلق ومتبنياته الفلسفية..ومع رسوخ الانطباع الشعبي العربي السائد عن المملكة بانها مركز الرجعية والاستبداد والتسلط والتبعية التامة للغرب وهو ما لم تستطع كل الارقام الفلكية التي رصدت لتمويل المشاريع الاعلامية العملاقة ومؤسسات العلاقات العامة ان تبدله او ان تخفف منه على الاقل..

كما ان الافراط السعودي في صياغة السياسات المفترض ان تكون ذات صفة جماعية من خلال المنظور الضيق المغرق في ثنائية الوجود او الزوال والمستند على اطلاق وفوقية النظام الملكي الوراثي العائلي المغلق والعدائية التامة امام اي كوة من المشاركة الشعبية في الحكم..والمتمثل بالضغط المستمر على الشركاء لمنعهم من القيام باي خطوات ايجابية تجاه شعوبهم ودفعهم باتجاه تقديم الخيارات الامنية على الحلول التي تستدعي بعض التفهم للمطالب الشعبية المشروعة..قد يقلل من فرص المملكة في طرح نفسها في دور القائد المؤثر على الاحداث في المنطقة..

كما ان طبيعة النظام وتحالفه المصيري مع المؤسسة الدينية التقليدية..قد يكون مما يثير المخاوف لدى الدول الراغبة في الانضواء تحت راية الحكم السعودي من التوسع الديني المتطرف المصاحب تقليديا للتمدد السعودي والمتمثل بدعم التيار السلفي في هذه البلدان وتمويل المدارس الدينية الحاضنة للفكر الاحادي المنغلق والمتقاطع مع الحراك الثقافي والانفتاح الفكري والحريات الفردية السائدة في الدول الاخرى..تلك الدول التي تتحصل على بعض الممارسات الاجتماعية والسياسية تتفوق بكثير على الجرف الهار الذي تقبع به مسألة الحقوق والحريات في المملكة..

ولكل هذا ..وقد يكون للكثير من غيره ايضا..نجرؤ ان نقول ان عملية الحفاظ على العروش قد لا تكون سببا كافيا للاندفاع مع الحكم السعودي في مثل هذه المخططات الغرائبية المحكومة بالفشل المسبق بسبب بنائها على قراءات مغرقة خاطئة وعوراء للمتغيرات السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة..ونجرؤ ايضا ان نتوقع سقوطا سريعا لهذه التجمعات قد يؤخره لبعض الوقت عامل التطفل الاقتصادي الذي من المنتظر ان يغري بعض البلدان لابقاء الباب مواربا امام الطموحات السعودية..ولكن ليس للحد الذي يربطها بمشاريع الرياض في التمترس خلف الآخر لتمرير خططها الاستراتيجية وتقاطعاتها السياسية والايديولوجية..

وهذا الفشل المتوقع ..وعلى الرغم من انه لن يكون كافيا لحرف المملكة عن سياساتها المناهضة للحراك الشعبي العربي ولا عن انتاج العدائية الكاملة تجاه الديمقراطيات الناشئة في المنطقة..وفانه قد يعيدها مضطرة الى مربعها الاول والتقليدي والساعي الى ترتيب تحالف العوائل الخليجية الحاكمة ازاء التحديات القائمة والمستقبلية..

وبين هذا وذاك ستظل المنطقة مضطرة لمكابدة نار التعايش الصعب مع التأرجح مابين اليقين الكامل بانتصار الارادة الشعبية في فرض خطابها الثوري الرافض للاستبداد والديكتاتورية والساعي الى بناء الدولة المدنية الحديثة..وبين مخاطر تغول الثورة المضادة وتوسيع التحالفات القائمة او تطويرها تجاه التصدي لآمال الشعوب في التغيير..وهو الامر الذي ما زال الزمن يظهر منه بعض الاشارات وما زال يبطن منها الكثير..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !