مواضيع اليوم

التوافق.. لا المحاصصة

رانيا جمال

2012-06-06 05:26:58

0

عبد المنعم الاعسم

باختصار، لا مفر من التوافق على حلول وسط، متوازنة ومشرفة، بين الفئات والخيارات السياسية العراقية المختلفة وهي تقف عند منعطف تاريخي مفتوح على احتمالات تمتد بين الجحيم والمعافاة، والبديل يتمثل في مواجهات كارثية بين الجميع لن تعود بالخير على ايّ منهم، فيما تدخل قضية مصير الحكومة، في مختبر النوايا، وصدقية الالتزام بالعهود، والرغبة في ترجمة شعارات التعايش الى الواقع، على الرغم من ان الكثير من عناصر هذه الازمة مستمدة من القواعد الهشة للتوافق نفسه.

التوافق، ليس مبدأ للمحاصصة، الاول عملية تقريب وتجسير لوجهات النظر والمصالح والمشاريع والشروط المتباعدة والمتصارعة وفق قواعد سياسية تتسم بالحرص على عبور مرحلة حرجة لا يمكن لطرف واحد ان يقودها لوحده، والثاني تقسيم للفرص والوزارات والمواقع والنفوذ والوظائف الحكومية وملازم الثروة والجاه على اساس طائفي وفئوي، الاول، ينطوي على تضحيات مبررة ببعض المصالح، والثاني على تشبث، غير مبرر، بالامتيازات، الاول، يتقرب من معالجة حالات التهميش بالنسبة لمكونات او فئات وكفاءات، والثاني يكرس حالات التهميش لمكونات وجماعات وكفاءات، والتوافق، احيانا، وفي الظروف الاعتيادية (اقول، الظروف الاعتيادية) قد يضر بمبدأ الديمقراطية، لأنه يعطل واحدا من اركانها المتمثل بالتصويت الحر لنواب الشعب (او ممثلي قطاعات الراي العام) على المشاريع المطروحة، فهو، بمعنى ما، يقفز من فوق الممارسة الديمقراطية الى ما يشبه الصفقة بحيث لم تعد هناك اهمية لمناسيب الرأي المستقل، فتبتلع الاصطفافات التي تتم في الكواليس الفروق الثانوية بين الخيارات، وتتراجع الاعتراضات والاصوات المستقلة، لكن ينبغي الاستدراك هنا بالقول ان مبادئ الديمقراطية ليست نصوصا مقدسة حتى في اكثر التجارب الديمقراطية عراقة، وان التوافق ليس محرما دائما في تلك التجارب، ففي البرلمانات العريقة، والمجتمعات صاحبة الخبرة الطويلة في ممارسة الديمقراطية تلجأ الطبقة السياسية واحزابها (الحاكمة والمعارضة) الى مبدأ التوافق في حال تواجه البلاد حالة حرب، او حين يتطلب الامر اتخاذ قرار استراتيجي يمس المصالح الكبرى.

والتوافق كمنسوب سياسي حي لمصالح متضاربة، او متجاورة، لا يلغي الفارق بين الحجوم، بل يتجه الى ضبط الصلة السلمية في ما بينها، وقد دخل في السابق ويدخل الآن، وبهذا المعنى، في صلب العلاقات الدولية وفي اساس المعاهدات التي تنظم سبل حل الازمات والحروب بين الدول، ويعود له الفضل في تجنيب البشرية الكثير من الويلات، ويعود اليه العقلاء لتسوية صراعات دموية وتداخلات معقدة،، وقد يعود اليه مجانين ركبوا رؤوسهم ردحا من الزمان، ثم اكتشفوا عبث الاوهام التي يمتطونها.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !