التوافق بين الرغبات

تتعارض رغباتنا بين الحين والاخر ويصيبنا القلق ونتعرض للضياع في حال عدم التوافق بين الرغبات ، احيانا نرغب القيام بعمل ما وفي نفس الوقت تنتابنا الرغبة بترك العمل .

ذات يوم شعرت برغبة في الكتابة ، وبينما كنت أشحذ افكاري استعداداً للولوج في عالم الكلمات ، شعرت برغبة اخرى في القيام بنزهة خارج البيت ، وبرغبة اخرى لمشاهدة التلفاز وهكذا حتى تزاحمت الرغبات في نفسي وضاعت مني جميع الافكار .

كل واحد منا يرغب ويرغب ولو قمنا بعملية حسابية وجمعنا رغبات الانسان معا ، فبعتقادي سنحصل على رقم خيالي .

جميعنا نسعى لتلبية رغباتنا النفسية والمادية في آن واحد لكننا لا نملك القدرة على تحقيق هذا الشيء ولاننا نعجز احيانا عن رسم حدود فاصل لكل رغبة.

لا يمكن ان نلبي جميع الرغبات ، فهناك رغبات مكبوتة لا نستطيع اشباعها او الافصاح وهي تتعارض مع القيم والاخلاق والدين ، وبوجود هذا الكم الهائل من الرغبات وعدم التوافق بينها سندخل دوامة من القلق وضياع الافكار وربما نصاب بأحدى الافات النفسية والبدنية.

اذن فنحن بحاجة الى ان نوفق بين رغباتنا ، حتى لا ندخل الدوامة ونضيع بين ثناياها ، وللوصول الى مرحلة التوافق بين رغبات كل منا ، علينا اولا ان نرسم الحدود الفاصلة بين رغبة واخرى فلا يجوز مطلقاً ان تتلاقى الرغبات في مكان وزمان واحد ، وثانيا علينا تقديم الرغبات الاهم ثم المهم ، فرغبة الشخص الذي يتعزم القيام بزيارة مريض ما ، لا يجوز ان تتلاقى ورغبته في الذهاب الى مركز التسوق ، ورغبتنا في التحضير للامتحان سعياً منا للنجاح ، لا يمكن استبدالها برغبة مشاهدة التلفاز او تصفح النت في نفس الوقت ... الخ .

ان التوافق بين الرغبات من الامور المهمة التي يجب ان يتعلمها كل شخص ، لان الانسان الناجح هو من يستطيع ان يوفق بين رغباته فيضع على اللائحة الاهم ومن ثم المهم مع مراعاة الحدود الفاصلة بين رغبة واخرى .

راميار فارس الهركي

كاتب وصحافي من العراق