التهكم على رغبات الآخرين
الجهل بحقوق وحريات الآخرين حالة تنم عن تجهيل و تبليد متعمد للعقول فالحالة البشرية الطبيعية تحترم الحقوق والحريات حتى وإن خالفت هوى ومسلمات الآخرين , هناك من ينادي بالحريات والحقوق صباح مساء لكنك تجده يتهكم على حقوق وحريات الغير وينتقد بشده رغباتهم تجاه أشياء وممارسات وسلوكيات معينة وتلك حالة ليست بالطبيعة تنم عن انفصال حاد في الشخصية !.
من يدعي الليبرالية والعلمانية أو التنوير لا يطبق ما تمليه عليه تلك المناهج الفكرية من قيم فتجده يتهكم على فتاة ترتدي زي يغطيها بالكامل " الحجاب في المفهوم السلفي " أو يتهكم على إنسان أطلق لحيته فيدخل بالقوة في نوايا ذلك الشخص غافلاً عن الحرية وغافلاً عن حقيقة التدين السلوك وليس الدين القيمة الكبرى والمقدسة عند المجتمعات , من حق أي شخص اعتناق ما يٌريد وممارسة السلوك المتوافق مع معتقدة وذلك حق فطري وإنساني لا يقبل المساومة أو الانتهاك أو التهكم الصورة المصغرة للقبح البشري , لكن ليس من حق أحد إلزام الناس برؤية معينة تجاه مختلف الأشياء والقضايا فلكل فرد حريته ولكل فرد مفهومه وطريقته وهذا هو الطبيعي في العالم الإنساني , أدعياء الليبرالية أو العلمانية أو الحالة التنويرية " الحالة المتقدمة لليبرالية والعلمانية " ليسوا على الطريق الصحيح فكل صرخاتهم ليست على حق فهم متهكمون يٌريدون نسخ طبق الأصل وكأنهم في ذلك ينافسون أدعياء التدين ممن يرى في نفسه وصي الله على الناس في أرضة , الإنسان الحقيقي هو من يؤمن بحقوق وحريات الآخرين وينادي بصيانتها والدفاع عنها حتى وإن كانت ضد ما يؤمن به والضد هنا الضد السلمي وليس الضد الغير سلمي , الإنسان الحقيقي أيضاً من يؤمن بالتعددية في كل شيء ويؤمن بالأخر والتعايش ويبتعد إلى أقصى حد عن التهكم والدخول في النوايا والانتقاص من الآخرين لمجرد الاختلاف معهم فكرياً أو سياسياً أو دينياً أو مذهبياً أو عرقياً , في العالم العربي الممتليء بالصدمات الفكرية والغير فكرية يعيش الأدعياء من مختلف الأطرف والتوجهات على فوهة بركانية بالغة الحساسية والخطورة يصرخون ليل نهار وكلٌ في فلكه سابح والمجتمع بالمنتصف لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء في الغالب وتلك هي الحالة الطبيعية لأن المجتمعات تٌدرك أن تلك الشخصيات ماهي الإ مومياء تدعي الوصاية الربانية على البشرية أو مومياء تدعي التنوير والليبرالية والعلمانية والحداثة الخ , لو كانت تلك الشخصيات تؤمن بالتعددية الشاملة والتعايش والحقوق والحريات لما رأت المجتمعات صنوف العذاب ولما قرأت عبارات التخوين والتهكم والنقد الغير بناء لكنها لا تؤمن بكل ذلك خلقت قضايا وأفرزت انفصام وازدواج في الشخصيات البشرية وتلك حالة مرضية متقدمة في علم النفس البشري .
ارتدت زي كامل أو أطلق لحيته أو فكر بطريقة أكثر تقدماً أو أعتنق مذهباً أخر كل ذلك لايهم عند العقلاء المهم هو أن تلك الشخوص البشرية مارست حرياتها بطريقة سلمية لا تأثير فيها على حرية الآخرين ومن الواجب حماية تلك الحرية وتلك الحقوق فالإنسانية قيمة عالية قل أن نجد من يؤمن بها ويطبقها في تعاملاته المختلفة .
التعليقات (0)