يعتبر المجال المتوسطي نموذجا لتفاوت النمو بين بلدان الشمال والجنوب . وتعمل بلدانه على التخفيف من حدة هذا التباين وردم الهوة بين شماله المتقدم وجنوبه المتاخر . فما موقع هذا المجال في العالم ومامظاهر التفاوت بين جنوبه الافرواسيوي وشماله الاوربي . ومجالات التعاون بين دوله . وحصيلته وافاقه المستقبلية يقع هذا المجال في موقع متميز بين ثلاث قارات عالمية . وهي اسيا الوسطى التي تحده من الشرق واوربا الشمالية الشرقية المجاورة له من الشمال والصحراء الافريقية الكبرى من الجنوب . ويتميز موقعه الجغرافي بوجود سلاسل جبلية وسهول ساحلية ضيقة وغطاء نباتي متنوع ومجاري مائية دائمة ومؤقتة خاضعة لاكراهات طبيعية متباينة بين الشمال والجنوب ... وتتمفصل مظاهر التفاوت بين نطاقاته فيما يلي // - دول الشمال المتوسطي التي تحقق نسبة اكبر من حيث الانتاج الفلاحي اد تمتلك وسائل واليات متطورة تسهم في الرفع من المردودية والانتاج الصناعي الذي تعتمد فيه على تصدير الصناعات العالية التكنولوجية ذات الارباح الهائلة . الشيء الذي عزز مكانتها وجعلها تحقق فائضا خياليا في ميزانها التجاري ... بالاضافة الى ذلك نجد مؤشر التنمية البشرية يتجاوز 0.800 ومتوسط الدخل يفوق 10.000 دولار ونسبة التمدرس تتعدى 90 في المائة ومؤشر التاطير الطبي مرتفع جدا (400 طبيب لكل مليون نسمة ) ... اما دول الجنوب المتوسطي فتحقق انتاجا ضعيفا اد نجدها تعتمد على الفلاحة التقليدية في المجالات المهمشة وفلاحة عصرية محدودة في بعض المناطق المهمة . ولاتلبي حاجيات السكان . اما الانتاج الصناعي فتعتمد فيه على انتاج وتصدير المواد الاستهلاكية (المواد الغذائية - والصناعات الثقيلة الميكانيكية مثلا ...) ... ومؤشر التنمية البشرية نجده متوسط مابين 0.500 و 0.799 ومتوسط الدخل اقل من 10.000 دولار ونسبة التمدرس مابين 60 و 80 في المائة . ونسبة الامية تصل الى 90 في المائة في بعض البلدان . اما التاطير الطبي فهو متوسط الى ضعيف ( 50 طبيب لكل مليون نسمة ) ... مما يبرز لنا الفرق الواضح بين الشمال والجنوب المتوسطي . الشي الذي جعل القوى الفاعلة تعمل على نهج سياسات استراتيجة باعتمادها اليات التعاون وكنمودج لذلك مؤتمر برشلونة (اسبانيا) لسنة 1995م الذي خلص الى تطبيق التدابير التالية اولا فيما يخص المجال الامني والسياسي دعت توصيات المؤتمر الى احترام حقوق الانسان والديمقراطية والقضاء على الهجرة السرية الغير الشرعية وظاهرة المخدرات والتهريب ... ثانيا فيما يخص المجال الاقتصادي والمالي . فقد نصت اهداف المؤتمر على انشاء منطقة للتبادل الحر في افق سنة 2010م وتوقيع اتفاقيات الشراكة بين مختلف البلدان المتوسطية وحماية الموارد البحرية والبرية والجوية . ... ثالثا فيما يخص المجال الثقافي والاجتماعي . فقد دعا المؤتمر الى اقامة تعاون ثقافي بين مكونات المجتمع المدني وتشجيع الحوار بين الثقافات والحضارات ... لحد الان لم يتم تطبيق هذه الاهداف الا بشكل نسبي . اد لاتزال المبادلات بين الشمال والجنوب المتوسطي تتسم بالضعف والاستغلال من طرف القوى الكبرى . وعدم تجسيد الديمقراطية واحترام حقوق الانسان في ارض الواقع . وضعف الاسثثمارات ببلدان الجنوب وغياب مبدا الاحترام والتعاون المتبادل . لذلك نستخلص مما سلف ان المجال المتوسطي سيبقى نموذجا للتفاوت بين بلدان الشمال والجنوب مالم يتم مواجهة التحديات الاقتصادية وتجاوز الصراعات السياسية المفتعلة (الصحراء المغربية - القضية الفلسطينية ...) وتشييع التنمية وتجفيف منابع الفقر بالبلدان الفقيرة . الكاتب توفيق بجطيط موضوع المجال المتوسطي نموذج للتفاوت بين بلدان الشمال والجنوب
التعليقات (0)