اتصل بي المستشار أحمد مكي للتعقيب على مقالي السابق عن التنظيم السري موضحا خلفيات ورود هذا التعبير على لسانه، وقد أبدى اهتماما بالظاهرة وأبدى استياءً أشد من إعلاميين يتعاملون بأقلامهم بدرجة من الشراسة أشد من هروات الأمن، وتذكرت على الفور الكاتب "الكبير" حمدي رزق واللوذعي الألمعي العبقري محمد علي إبراهيم.
والسؤال الذي تكرر في تعليقات القراء هو: هل هذا ممكن؟ وسبب تكراره أن خطابنا التحليلي والإعلامي كلاهما أضفى على الدولة هالة من القداسة لا تستحقها، وبالتالي ولدت ظواهر خطيرة واستفحلت في الظلام دون أن ننتبه وكأننا مخدرون بمنطق تفكير خلاصته أن هذه دولة وطنية "لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها". لقد تعاملنا بعقلانية مفرطة مع أوضاع لا عقلانية مسكونة بالجنون والاستعداد للانتحار لأجل أي هدف أيا كان وتلك أول سمات رجل التنظيم السري، وبعض الروانديين ما زالوا حتى الآن عاجزين عن تصديق حقيقة نظام هابيريمانا لبشاعتها الشديدة، وبعض العراقيين ما زال حتى الآن عاجزا عن استيعاب درجة "الشيطانية" المذهلة التي اتسم بها نظام صدام، وجميعهم يسألون: هل هذا ممكن؟.
وبمناسبة صدام فإن السياسي العراقي المرموق حسن العلوي وكان من المقربين لصدام قبل أن ينشق عليه مغادرا العراق إلى المنفى، هذا الرجل رأى النظام من الداخل فلخص تجربته بكتابه "دولة المنظمة السرية"، وكان شعارها "إما أن نحكم العراق أو نحرقه". وفي رواندا التي سقط نظامها بشكل مفاجئ لم يمكن رجاله من إخفاء وثائقه كشفت برقيات رسمية عثر عليها في سفارة أوروبية تم اقتحامها أن رواندا كان يحكمها تنظيم سري عرف باسم "أكازو". وفي إسبانيا تحت حكم فرانكو كان يحكم البلاد تنظيم سري ديني/ قومي اسمه "المنشأة الإلهية" وكان شعارها "خُلِقت لتحكم". وفي أيرلندا هناك "طريقة الأورانج"... ...
سألتني قارئة عن المتهم أيمن إسماعيل المحكوم عليه بالسجن في قضية الدكتور أيمن نور ولماذا مات شنقا؟ فقلت لها لأن زنازين السجن ليس بها بلكونات!
وللحديث بقية
ممدوح الشيخ
التعليقات (0)