التنظيمات السرية : نشوء فرسان الهيكل

كنا قد تحدثنا سابقا عن أهم المحطات التاريخية والممارسات الخطيرة للتنظيمات السرية : من تشويه للعقيدة المسيحية ، وتكريس للجهل داخل المجتمع الأوروبي ، والتغلغل داخل هرمي السلطة والدين ، وممارسة الاستبداد والاضطهاد بحق الشعوب الأوروبية

ولكن في الواقع العملي ما يهمنا بشكل دقيق حول تاريخهم المظلم والمرتبط بواقعنا الحالي يبدأ مع نهاية القرن الحادي عشر الميلادي ، عندما توج البابا أوريان الثاني تصاعد التيار الديني وهيجان المشاعر الدينية داخل المجتمعات العربية بدعوته أوروبا ملوكا وشعوبا عام 1095م للحرب المقدسة لاستعادة الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين مستغلا تنامي سلطة الكنيسة في أوروبا 

ولذلك سأروي الحكاية من بدايتها بتفصيل وتأصيل خاص بعيدا عن التفاصيل التاريخية ، والتي يمكنكم الحصول عليها إلكترونيا ، أو من المراجع التاريخية كالبداية والنهاية لابن كثير ، وموسوعة التاريخ الإسلامي للدكتور محمود شاكر وكذلك للدكتور راغب السرجاني 

في عام 1099م ومع نجاح هذه الحروب في تحقيق أهدافها الدينية والمادية ، شكلت هذه الأحداث فرصة للتنظيمات السرية في الانتقال للمرحلة العلنية ، فاجتمعت تسع رهبان منهم وشكلوا تنظيما لهم تحت غطاء حماية الحجاج الوافدين للقدس ، وفي الحقيقة كان هدفهم تدعيم نفوذهم داخل سلطتي الدولة والكنيسة لتشكيل دولة داخل دولة ، ما يمكنهم من تدعيم وجودهم داخل المجتمع ويمكنهم من نشر طقوسهم بقوة

منحهم بلدوين الثاني ملك القدس دارا قريبة مما يعرف عندهم باسم معبد سليمان ، ومن هنا جاءت تسميتهم بفرسان الهيكل ، وقد كانوا كافرين بالمسيحية لا يتورعون عن المحارم ، يقتلون الحجاج النصارى ويرتكبون أفظع الجرائم بحق المسلمين ، ويمكنك في هذا الصدد مراجعة كتاب أوجست كري الذي يتحدث عن فضائح جرائم هذه الحملات الصليبية وجرائم هذه التنظيمات السرية 

اتخذ فرسان الهيكل من التل المجاور لمعبد سليمان مقرا لهم ، وكثفوا الحفريات قرب خربة معبد هيرود ، والذي شيدوه كإعادة لمعبد سليمان ، والهدف من هذه الحفريات الحصول على تقاليد وطقوس يهودية مصرية سرية

وما يجب أن لا يراودك شك فيه أن هذه الحفريات كانت مفصلا في تاريخهم ، حيث حصلوا من خلالها على معلومات مهمة ، منها ما يعرفه عامتهم ومنها ما يتناقله الخواص منهم فقط وسنتطرق إليها بالتفصيل في مواضعها

ولكن ما سنذكره اليوم حصولهم على تعاليم الكابالا ، وهي عبارة عن وثائق ميتافيزيقية ذات علاقة بما يعرف بالسحر الأسود ، وهي تعاليم باطنية وتصوفية يهودية ، وقد مثلت هذه التعاليم النضج الفلسفي للفكر الماسوني ، ومن خلال هذا النضج أعادت هذه التنظيمات السرية هيكلية الإدارة داخلها لتصبح أشبه بما يعرف في عصرنا بالإدارة الهرمية

حيث تنقسم الأعضاء إلى مستويات مختلفة في هذا الهرم ، وتختلف المعلومات السرية بين هذه المستويات لتصبح أكثر دقة وسرية كلما اتجهنا نحو قمة الهرم ، ما يمكن رأس الهرم من توجيه المستويات المتتالية ضمن البرنامج والأهداف المطلوبة