بعيدا عن هوس المؤامرة ونظرياتها ، لقد كان اللعين عبد الله بن سبأ أول ماسوني في صدر الإسلام ، وقد جاء من اليمن وتنقل في أنحاء البلاد ، واستطاع أن يؤسس أول جماعة سرية بعقيدة وأهداف سرية في مصر والبصرة والكوفة ، وذلك في الثلث الأخير من عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه
في البداية يجب أن لا تستريب من هذه الحقائق ، فهي ليست من باب نسب الجرائم والأحداث وفبركتها ضمن سلسلة أحداث لتوليفها وإظهارها على أنها مترابطة ومنظمة ومتناسقة
ففي الحقيقة هي كذلك فعلا دون أي تدخل فكري ، فقد أحاطت بشخصية عبد الله بن سبأ هالة ضخمة جدا من السرية كتلك التي تحيط بالتنظيمات السرية ، فأما قدومه فشبه مجهول ولا يعلم عنه إلا أنه من اليمن ، وأما نسبه مجهول ولا يعرف عنه إلا أنه ابن سبأ أي من صنعاء حاضرة اليمن ، وعقيدته مجهولة فلا يعرف عنه إلا ما وصفه به سيدنا عثمان عندما قال عنه : هذا اليهودي ، وقد اختفا بعد انتهائه من إشعال الفتن في ظروف غامضة جدا حتى ذهب البعض بأنه المسيح الدجال لما له من الشرور التي لا سابق لها
وأما ما يعمل عليه الكثير من ماسون العصر الحديث في جعل هذه الأحداث عبثية وأن هذه الشخصية وهمية وعلى رأسهم اللعين طه حسين وغيره من الشياطين ، فاعلم أن ذلك محاولة بائسة لاخفاء اليد الخفية للاجرام على وجه الكرة الأرضية
استطاع عبد الله بن سبأ والجماعة التي يديرها أن يستغلوا سلسلة الأحداث الفوضوية التي حدثت في أواخر عهد الخليفة ، وتدخلوا في الوقت المناسب لإشعال الفتنة الكبرى فقتلوا الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ثم لم يكتفوا بجريمتهم فاستمر تدخلهم في الأحداث المتسارعة ، وكان لعبد الله بن سبأ دور لا يخفى على أي باحث في المواقع الهامة كالجمل وصفين ونهروان
ومع ذلك لم تكن تلك الجريمة الكبرى الحقيقة ، فقد كانت في الواقع ما جاء به هذا اللعين من عقيدة وأفكار فاسدة ، فابتدع فكرة الوصاية وأن لكل نبي وصي وأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو وصي النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك هو أحق بالخلافة من عثمان فخطب بالناس بذلك ودعا لقتال عثمان وافتتن به الكثير من حديثي الإسلام لضعف عقيدتهم واجتماع أهوائهم مع ذلك
ووصلت به المغالاة في علي حد التأليه ، حيث دخل على علي وقال له : أنت أنت -أي أنت الله- ، فأراد سيدنا علي أن يقتله ولكن نهاه عن ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، فانتهى الأمر بنفيه دون قتله ، ولما قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه رفض ابن سبأ وعصبته أنه مات ، وإنما قالوا رفع للسماء وسيعود ليحكم الأرض ويسوق العرب بعصاه
لقد استطاع هذا اللعين وعصبته أن يشق صف المسلمين وأن يصدع بنيانهم ومهد الطريق لمن بعده ليستمر الانشقاق ، فقد خاض في العقيدة وكان له الدور الأساسي في ظهور السبئية والخوارج والقدرية ، والتي لحقت بها بقيت الفرق البائدة من المعتزلة والشيعة وغيرها لعنة الله عليهم جميعا ، وبذلك يتحقق الهدف التاريخي لهذه التنظيمات من جديد....
التعليقات (0)