يختلف المؤرخون والعلماء في أصل وتاريخ هذه التنظيمات وهناك نظريات كثيرة حول ذلك بعضها يرجعهم إلى الكنعانين وغيرهم ولكني لست بصدد ذلك ، فيمكن لمن أراد التعمق في تاريخهم أن يبحث إلكترونيا في هذا المجال الواسع ولكن سأذكر باختصار ما لا بد ذكره ولا يمكن إغفاله من تاريخهم من وجهة نظري
في الحقيقة ما يجب أن تعلمه ولا تستريب فيه مثقال ذرة عن تاريخهم أمور ثلاثة : أولها : أن هدفهم التاريخي تشويه عقيدة التوحيد الخالصة لله تعالى وقد تحدثت سابقا عن ذلك ، والأمر الثاني : أن لديهم أسرارا تمثل منبع قوتهم لا يعلمها إلا أكابرهم ويتناقلوها جيلا بعد جيل وسنتحدث عن ذلك لاحقا بالتفصيل ، والأمر الثالث : أن بدايتهم الفعلية بدأت كانت في عهد الملك هيرودس عام 43م وهذا ما سنتحدث عنه اليوم
ففي عام 43 للميلاد عقد هيرودس مع مستشاريه اليهود أول مجمع واجتماع سري لهم ، ونتج عنه تأسيس القوة الخفية التي مثلت الفصيل العسكري السري لهم ، وهدفه ملاحقة أتباع المسيح الذين انتشروا في أنحاء الأرض ينشرون دعوة المسيح واغتيالهم فردا فردا
كان أتباع المسيح قد ساحوا في أنحاء المعمورة ينشرون عقيدة التوحيد بين الناس ، ونتج عن ذلك تنامي هذا الدين الجديد على حساب غيره من الطقوس الوثنية واليهودية المهترئة
وقد شكل ذلك خطرا كبيرا على الامبراطورية الرومانية التي تغلغل فيها أعضاء هذه التنظيمات السرية في وقتها ، حيث يذكر التاريخ أن كثيرا من مستشاري الامبراطور وحتى بعض الأباطرة كانوا أعضاء في هذه التنظيمات
نتيجة لذلك اصطدمت الامبراطورية مع دعاة المسيحية في كثير من المحطات كان أقساها ما ارتكبه نيرون الذي أحرق بهم روما بكاملها ، ولعلك لا تعلم أن أصحاب الكهف المذكورين في القرآن الكريم كانوا في الحقيقة نصارى ما زالوا على العقيدة السليمة ، وكانوا قد فروا بدينهم وعقيدتهم من اضطهاد هذه التنظيمات فاعتزلوا الناس إلى الكهف كي لا يفتنوا عن دينهم
ولكن الحدث الأبرز تاريخيا كان في عهد الامبراطور قسطنطين الأول الذي بنى القسطنطينة ؤنقل عاصمته إليها وهي مجمعهم الأول وكان أحد أعضاء هذه التنظيمات ، وقد رأى أن يجمع بين المكونات المختلفة لامبراطوريته : الوثنية واليهود والمسيحية
فدعا إلى اجتماع في نيقية عام 330 م شارك فيه قساوسة وبطاركة من جميع أنحاء العالم ، وتم فيه التصويت على أن المسيح ابن الله ولكنه مخلوق ليس كقوته -والعياذ بالله- ، فجمعت جميع الأناجيل السابقة وأحرقت وتم كتابة انجيل جديد حدد قانون الإيمان الذي نص على مجموعة العقائد والطقوس والعبادات التي ما تزال مستعملة حتى يومنا هذا
في الحقيقة جمع الانجيل الجديد بين مكونات الامبراطورية : فجعل الطقوس يهودية ، وجعل الرموز وثنية ، وجعل الكتاب للفلاسفة والمسيحية الجديدة وبذلك استطاع قسطنطين السيطرة على مجرى الأحداث
ولأن الفارق في عدد الأصوات في ذلك المجلس كان ضئيلا ودون أن يذكر ولأن الأناجيل كانت نقلة نوعية غير مقبولة ، انعقدت بعده الكثير من المجالس التي تحدثت في ماهية المسيح وخاضت في العقيدة ، ونتج عن ذلك حروب أهلية كبيرة جدا كان ضحيتها أرقام ضخمة من البشر
ولما بلغت انحرافاتهم ما لابد من إصلاحه أكرم الله عزوجل عباده بالنور من جديد وبعث لهم حبيبه هاديا ومبشرا ونذيرا ، وأيده بكتابه وقرآنه مجددا بذلك عقيدة التوحيد في الأرض بعد ما تعرضت له من التحريف
ومن الجدير بالذكر أن أهل مناطق الامبراطورية الرومانية التي فتحت من المسلمين كما يذكر المؤرخون كانوا قد استقبلوا الفاتحين الجدد بفرح عظيم ، فقد خلصوهم من قرون طويلة من الاستبداد والاضطهاد حيث تزامن الفتح الإسلامي لهذه المناطق مع ذروة الاضطهاد والاستبداد
وبذلك بدا في الأفق عدو جديد لهذه التنظيمات وهو الإسلام الذي كان قد بدأ بالظهور والتنامي في جزيرة العرب ، وبالتالي كان لا بد لهذه التنظيمات من اغتنام الفرصة الملائمة للصدام مع هذه العقيدة الجديدة وهذا ما سنتحدث عنه في المقالة القادمة إن شاء الله تعالى
التعليقات (0)