ماهر حسين.
التنسيق الأمني ...مصطلح تتداوله الأحاديث والبيانات وتلجأ حركة حماس بشكل خاص للحديث عن هذا الموضوع كلما شعرت بأنها بحاجه إلى مبرر ...فمن خلال مبرر (التنسيق الأمني ) يمكن لحماس أن تمارس التضليل والخداع على الجماهير الفلسطينية .
حماس تستخدم مصطلح التنسيق الأمني وكما أسلفنا لتبرير أي حدث وأي أزمة ...فالانقســــام بسبب التنسيق وأزمة الكهرباء بغزة نابعة أساسا" من التنسيق وأزمة المعابر هي أزمة ناتجة عن التنسيق الأمني وبالطبع الاعتقالات وبشكل خاص في الضفة تصفها حماس دوما" باعتبارهـــــــــــا نتيجة للتنسيق .
التنسيق الأمني ...هو وسيلة تبرير لحماس ولقد نجحت حماس بان تجعل هذا المصطلح ذو وقعٍ سيئ على أذان المستمع الفلسطيني والعربي وبشكل خاص بظل عدم التصدي لحماس إعلاميا" ومحاولة وضع النقاط على الحروف لتفادي المزيد من الخداع للمواطن الفلسطيني والعربي كذلك .
ما هو التنسيق ولماذا يتم التنسيق وعن ماذا يكون التنسيق وكيف وأين يتم وووو أسئلة لها مختصين بالإجابة عليها ولكن علينا أن نحاول معا" أن نفهم ..وعلى كلا" ..
التنسيق الأمني ...هو تنسيق يتم بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ويتناول العديد من القضايا والمواضيع منها ما يتعلق بأمن إسرائيل ومنها ما يتعلق بأمن المناطق الفلسطينية .
ما يتعلق بأمن إسرائيل تتولاه جهات متخصصة تعمل ضمن الإستراتيجية الفلسطينية التي ترى بان طريقة التخلص من الاحتلال الإسرائيلي لا يجب أن تكون عبر مقاومة عنيفة (مسلحة) والموقف الفلسطيني بهذا الشأن واضح ولقد تحدث بهذا الموضوع الرئيس الفلسطيني حيث أشار الرئيس أبو مازن بوضوح إلا رفضه لانتفاضه جديدة ضد الاحتلال وهو بالسابق من رفض إطلاق الصواريخ لما لها من تأثير مدمر على واقع شعبنا ومؤسساته والتقدم الذي حققه شعبنــــــــــــا .
من هنا فإن التنسيق الأمني يأتي بإطار الموقف الفلسطيني الذي أراه موقف ينطلق من وعي لطبيعة المرحلة ولكيفية العمل للوصول إلى تحقيق الهدف الفلسطيني المتمثل بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .
الغريب هو ما يحدث في الجانب الأخر من الوطن ...في غزة التي تقودها الحكومة الربانية الجهادية الحمساوية...في غزة هناك هدنه تمنع انطلاق ما يسمى بالصواريخ وتمنع الاعتداء على أي جندي إسرائيلي بهدف الحفاظ على غزة واستقرارهـــــــــــــــا ...في غزة هناك تنسيق أكبر من التنسيق الأمني ...في غزة حماس تتولى دور الأمن الإسرائيلي وتمنع أي إطلاق للصواريخ وتمنع أي عمليات وبالتالي ففي غزة ما هو اكبر من التنسيق الأمني..أنها أتفاق أو هدنة لا يهم الاسم ... ولكن ما في غزة اكبر من أي تنسيق أمني .
وهناك ظواهر يعرفها المواطن الغزي الآن ..ومنها ظهور قيادات القسام وخروجها من المعابر وتحركات قيادات حماس الربانية العلنية جعلت الجميع يعلم بان هناك ما هو اكبر من التنسيق !!!!!!
من هنا فان التوجه الفلسطيني الرسمي والتوجه الفلسطيني الحمساوي في غزة واحد ...وواضح ...ومحدد ...وهو عدم اللجوء للمقاومة العنيفة وللعنف في التعامل مع الاحتلال ....في رام الله يتناسب هذا الموقف مع توجهات القيادة وفي غزة يتناقض هذا الموقف مع تصريحات قيادات حماس الجهادية باستثناء التصريحات الواقعية لبعض قيادات حماس في الخارج وعلى رأسها تصريحات السيد خالد مشعل الذي أشار بها إلى قناعته بالمقاومة الشعبية السلمية وان لها تأثير (تسونامي) وان كانت قيادات الداخل الحمساوية سارعت لمعارضة تصريحات مشعل وانتقادهـــــــــا وكما سارعت لاحقا" لذلك لمعارضه المصالحة التي تم التوافق عليها بقطر وعندما تم تحميل حماس مسؤولية المماطلة بالمصالحة ...استخدمت قيادات حمـــاس كلمة السر ..فقالوا المصالحة معطلة بسبب (التنسيق الأمني).
إلا تعتبر الهدنة تنسيق امني ..وبل هي تنسيق امني استراتيجي ....واسمحوا لي أن أقول بان ما في غزة تجاوز التنسيق الأمني الرسمي ...
بعيدا" عن النمطية التي فرضها علينا الاعلام بالتعاطي مع مصطلحـــــــــــات معنية ومنها ( التنسيق الأمني ) الذي تتهم فيه السلطة والقيادة الفلسطينية فان مصالح المواطن وامن المواطن تتطلب التنسيق حتى لو كان هذا التنسيق مع إسرائيل ...ألا يوجد لصوص وألا يوجد عصابات وألا يوجد مزورين ومهربين مخدرات ولصوص سيارات ...بالطبع يوجد ومنهم من يعمل بشكل منظم في الضفة وإسرائيل معا" وبنفس الوقت فإنني أرى بأن التنسيق حول كل من يريد أن يتجاوز القانون مستخدما" ما يتعارض مع الإستراتيجية الفلسطينية هو تنسيق واجب مع الجميــــــــــــع ..
التنسيق من اجل الأمن يتناول ما هو اكبر مما تحاول حمــــــــــــاس أن تجعله راسخا" في العقل الفلسطيني والعربي ....وهنا أقول بكل صدق بان الأصوات الداعية لوقف التنسيق الأمني لا تعي ما تقول ولا تفهم مدى ضرورة وجود قنوات للاتصال مع الاحتلال سواء امنيا" أو صحيا" أو إنسانيا" ...واتفق هنا بوعي مع تصريحات الرئيس الفلسطيني التي اعتبر فيها الدعوات لوقف التنسيق الأمني بأنها (كلام فارغ) ومزايدات رخيصة .
في الحقيقة بان الرئيس ابو مازن تعرض لهجمات إعلامية بسبب هذا التصريح ولقد اعتاد الرئيس على هذا وهو الذي قال بصوت مسموع بان الصواريخ (الكارتونية) تضر شعبنا ولا تفيده وها هي وبعد سنوات تقوم حماس نفسها بمنع الصواريخ وبل أن القيادي الكبير بحماس الزهار اعتبر مطلقي الصواريخ بمثابة عملاء .
لم يقل ابو مازن بان مطلقي الصواريخ عملاء ولكنه قال بان الصواريخ نفسها تضر شعبنا ولا تنفعه وهذا منطق سياسي يشير إلى قناعات الرجـــــــــل ومعارضته لمقاومة الاحتلال بأي طريقه تضر شعبنا ... المقاومة الناجعة والفاعلة هي المقاومة التي تساعد على تحقيق الأهداف بأقل خسارة فنحن لسنا بحاجه إلى شهداء جدد ولسنا بحاجه إلى معتقلين جدد ولسنا بحاجه لمنح أي مبرر لتدمير البنية التحتية الفلسطينية نحن بحاجه إلى بناء جيل واعد وبحاجه للوصول إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى وإنهاء هذا الملف بشكل يتناسب مع الجميع وكما أننا بحاجه لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني ...هذا لا يتم بدون أن يكون هناك حوار وبل حوار على كل الصُعــــــــــــد ...واتفق هنا بان عملية السلام والتسوية كلها تمر بمأزق وهذا المأزق وبل التراجع ناتج عن تعنت إسرائيلي يجعل من الصعب التعاطي مع هذا النوع من المواقف ...فالتنسيق الأمني ليس من المصطلحات التي يسهل التعاطي معها ولكن التنسيق الأمني إذا كان يعود بالفوائد علينا كشعب فلسطيني فهو واجب وهنا أشير إلى أن حماس لا تتوقف عن التضليل والخداع ومن هنا وجدت ضرورة الرد بتوضيح أن حماس تجاوزت التنسيق إلى ما بعد التنسيق وكما شعرت بضرورة أن يكون المواطن الفلسطيني على علم بان التنسيق الأمني ليس من اجل الاحتلال وفقط فهو يشمل عدة مجالات هامة لشعبنا والاهم من ذلك بان التنسيق الأمني الآن يتناسب مع الإستراتيجية الفلسطينية القائمة على تعزيز الصمود والأمن والمقاومة الشعبية السلمية ... ...تعتبر حماس بأن التنسيق خيانة وحماس تمارس ما هو اكبر من التنسيق وبل يتجاوز بخطورته أي تنسيق آخر ..فحماس تقوم بحفظ الأمن في غزة وتمنع بقوتها أي تجاوز بحق الاحتلال وبنفس الوقت تقوم حماس بالتنسيق مع قوى إقليمية طامعة ومحتله لتمرير مصالحها كما هو تنسيق حماس مع إيران ..حماس ليست بحاجه للتنسيق مع إيران ولكنها تقوم بذلك لتحقيق مصالحها أخيرا" يجب التوضيح بأننا نعيش تغيير كبير في المعاني والمواقف فنحن في زمن أختلف فيه مفهوم الاحتلال حيث أصبح هناك احتلال ظاهر واحتلال غير ظاهر فالاحتلال الآن لا يتمثل بوجود الجندي الإسرائيلي ولكنه الاحتلال يتمثل بالسيطرة على الاقتصـــــــــاد وأنا مؤمن بأن سلوكيات المستوطنين في الضفة وإجرامهم هي التعبير الحقيقي عن الاحتلال..وبالتالي يجب أن يكون هناك اختلاف في التعاطي مع فكرة المقاومة بما يتناسب مع الاختلاف بشكل الاحتلال وكمثال إذا كان العنف والمقاومة المسلحة تضر بنا وتضر بشعبنا وبقضيتنا فلا داعي لها ولنعمل بطريقة لا تضر شعبنا ...وهنا سأضرب مثال توضيحي حول حادثة الجندي الإسرائيلي أو الضابط الذي اعتدى على المتضامن الأوروبي الذي حضر في حملة (أهلا" وسهلا" فلسطين) ...فلقد أدى التصرف الإجرامي للضابط الإسرائيلي بأذى إلى إسرائيل يفوق ألف صاروخ من صواريخ حزب الله وحمـــــــــاس ...فهذا التصرف كشف طبيعة جيش الاحتلال وعدوانيته وزاد من التضامن مع شعبنا وعزز من ضرورة التخلص من الاحتلال .
التنسيق الأمني حاجه وطالما بأنه يأتي ضمن إستراتيجية فلسطينية للتعامل مع الاحتلال فهو ضرورة والمطالبة بوقفه (كلام فارغ) و(مزايدة رخيصة ) تمارسها حماس من باب التضليل وبعض الفصائل الأخرى تمارسها من باب ضرورة (الكلام ) حتى ولو كان(كلام فارغ ).
التعليقات (0)