يعتقد البعض بل الكثير من الناس في شتى انحاء العالم ان العبودية والرق قد انتهى وولى الى غير رجعة ، كما يظن البعض ان التمييز العنصري محدود ومحصور ، تلك اكذوبة كبرى .
في المجتمعات البدوية العربية وفي العديد من الدول العربية لا يزال الرق كما عرفناه وخبرناه وقرأناه في التاريخ ، ولا تزال الكثير من دول العالم الثالث فضلا عن الاول والثاني تمارس انواعا من الرق والعبودية كما تمارس التمييز العنصري والطائفي والديني والعرقي . فلا تزال الكثير من القرى الهندية بأكملها تدين بدين العبودية للسيد الكبير بكل ما تحمل كلمة عبودية من معنى ، فلا يملك العبد حق التملك والتصرف بأمر من امور حياته الا وفق ارادة السيد الكبير ، وربما يبيعه ويشتريه كما البهائم والمتاع .
ولا تزال العبودية في دول الخليج العربي ماثلة للعيان ، فالعبيد هم كما كانوا يدينون بالولاء للشيخ ، يرعون الابل ، ويقومون على خدمة الشيخ كما يليق بالشيخ ان يخدم وكما ينبغي للعبد ان يعمل . ولا تزال منظمات حقوق الانسان العربية والمحلية تتطلع على المخالفات والانتهاكات التي تتعرض لها الجاليات الاسيوية من هضم الحقوق ، ومصادرة الاموال ، وحجز جواز السفر والتحكم بالسفر والمغادرة ،والتحكم بمصير العامل بكل الطرق التي تضمن ان هذا الاخير لا يستطيع التصرف بذاته او اتخاذ قرارا فرديا ، او انهاء العقد او تعديله او الانتقال من مكان لاخر او من عمل لاخر ، والحالات التي نتحدث عنها تحدث تحت عين واذن منظمات حقوق الانسان العربية والمحلية وجميع مؤسسات المجتمع المدني في شتى انحاء العالم .
في عالمنا العربي وفي بلاد الشام تخلص الكثير من الناس من قضية الرق والعبودية ، لكنهم لا يزالون يخضعون لعمليات التمييز على كافة المستويات ، ولك ان تتخيل تلك الانتهاكات التي تفرق بين انسان وانسان على اساس اللون والعرق والدين .. وصولا الى الطامة الكبرى التمييز بناء على الطائفية والقبيلة ...وما يتبعها من ويلات لا تعد ولا تحصى .
لكن للحق والحق اقول : ان الحكومات العربية وربما في العالم لا تدعم ولا تقنن تلك الممارسات التي لا تغدو ان تكون ممارسات فردية ذاتية من قبل اشخاص بعينهم ... ولكن في الوقت ذاته لا يوجد قانون يجرم التمييز بانواعه .
عند بعض القبائل العربية في بلاد الشام مثلا .. وفي تاريخها القديم القديم كانت تمارس العبودية والرق ..واصبح العبيد مع مرور الوقت جزء لا يتجزء من تلك القبيله او هذه .. ولا يزال هؤلا العبيد يدينون بالولاء لتلك القبيلة وسادتها كما كان يفعل اسلافهم .. لكن دون ان يكونوا عبيدا بالمعنى المفهوم للعبودية ..
فلا زال اهل القبيلة يطلقون على البعض منهم هؤلاء من ( عبيدنا ) او من عبيد تلك القبيلة ، ولا ينكر الكثير من العبيد هذه الحقيقة التي اصبحت من مخلفات الماضي البعيد . ومع ذلك ليس لهؤلاء العبيد في القبيلة ما لسادتهم من حقوق وامتيازات دون التقنين لهذا وكأن الجميع قد اتفق ظمنيا على تلك الانتهاكات بحق الانسانية ، فلا يجوز بل لا يجرء احد من احفاد العبيد القدماء ان يتقدم لخطبة أي واحدة من القبيلة على الرغم انه ربما يكون اغنى من اهلها واكثر علما وربما اكثر وسامة .. ذلك انه من نسل العبيد .. هو يدرك في قرارة نفسه تلك الحقيقة ... ربما لا ترضيه .. ولا تعجبه لكنها حقيقة واقعة .. فما العمل غير الصمت .. والحفاظ على النمط السائد ... مخافة اثارة الموضوع من جديد ..
نعم هناك اتفاق على ان يصمت السادة عن حقيقة العبودية التي التصقت بالبعض وعدم المطالبة باية التزامت بمقتضاها ، على ان يلزم العبيد الصمت ويحفظوا نفسهم ويمارسوا حياتهم دون التعرض للسادة باي شكل من الاشكال .. وفي هذا اقرار من الطرفين ان هناك فرق وهذا تمييز .
فكيف لمجتمعنا ان ينمو ويتطور في ظل هذا الاقصاء القصري لفئة من المجتمع ، ثم كيف سيكون البناء الذي لبناته غي منسجمة ومتراصة ، الى جانب الاقصاء للكثير من ابناء المجتمع لظروف اخرى كالنساء والتمييز على اساس الجنس ، في التعليم والعمل والحقوق المختلفة ... اليس هناك عبودية في العالم ؟؟
التعليقات (0)