يتأول كثير من الناس بعض كلمات القران الكريم بتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان وبعيده عن مراده سبحانه ولعل كلمة (تلاوة او تلى او تلاها او اتلوا ) هي واحده من هذه الكلمات فيفسرونها على انها تعني( تبع ) وهذا لعمري خطأ فادح تحمل عليه النصوص حملا فتتشوه معاني و دلالات كتاب الله تعالى, فيفسرون مثلا اية (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا) تلاوة القمر للشمس على ان القمر يتبع الشمس في هذه الايه
(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا )
وسؤالنا هو : كيف يكون ذلك والقمر يدور حول الارض .. ثم القمر والارض معا يدوران حول الشمس وهذه حقيقة علمية لا يتناطح عليها عنزان ...فكيف تكون ( تلاها) يعني ( تبعها و لحقها ) ؟؟
تلا الشيء... أبان ما في الامر من جزيئات
فعندما نتلو كتاب الله تعالى .. فنحن هنا نبيين ما هو موجود بايات الله تعالى لغيرنا
مثال (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) يعني اذا بـُيـنـت لهم ما هو موجود في القران من ايات خروا سجدا,
تتلوا الشيئ تظهر ما فيه من محتوى , و القمر هو الذي يـُظهر و يـُبـيـين ما هو موجود في الشمس من نور فالقمر اساسا ليس منير و بالتالي فالقمر يـُبـيـين ضوء الشمس للناس مثلما نحن نـُبيين و نـُظهر ما هو موجود في الكتاب من ايات الرحمن للناس, وكذلك القمر يـُبيين ويـُظهر ما في الشمس من نور فهو يتلوها يبينها للناس و بالتالي لا يعني يتلوها ( يتبعها ) او (يلحقها)كما قالت كثير من التفاسير, واني اعزوا هذا الخطأ بتلك التفاسير الى تدني الارضيه المعرفيه والدرجه الحضاريه لذلك الزمان والمكان الغابر الذي كتبت به تلك التفاسير حيث لم تكن الامور عندهم بهذا التقدم العلمي والتكنلوجي مثلما هو عندنا اليوم ولم تكن السوية الفكريه بهذا العلو, وقد أ َعذر اصحاب التفاسير لهذا السبب ولكن كيف لي ان اعذر رجل يتبنى تلك التفسيرات التأريخية الخاطئه اليوم ويبقى سجين التأريخ مقييد العقل وهو يعيش بيننا ثم يرى بأم عينه الحقائق العلمية الدامغة ثم يصر مستكبرا ..!
ولو سألنا انفسنا كيف نعرف ما هو موجود في الشمس من ضياء او عطاء ؟
الجواب: من خلال القمر ... ولذالك فالقمر يتلو الشمس يعني يـُبيين ما فيها من نور.
(إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) و(إذا) تعني (حين) وقت التلاوه او (عندما ) تتلى عليهم وهذا يعني انهم أ ُخبروا بها من خلال شخص آخر , يعني هناك ناس مؤمنين ثم جاء زيدٌ مثلا فتلى عليهم ايات الرحمن, يعني اخبرهم بها و بيينها لهم ونطقها عليهم فمهمة زيدٌ هي تـِبـيان و إخبار المؤمنين عن آيات الرحمن, يعني يـُريها لهم, فزيد تلى الايات و الايات هي التي تـُليت و المؤمنون هم الذين رأوا ذالك الاخبار و زيد هو التالي.
وبتالي الشمس فيها شيئ مميز هو الضياء , الان القمر ما هي وضيفته و مهمته؟ يذهب الى الضياء فيرينا إياه , كيف ؟ مثل زيد عندما بيين الايات و اخبر بها المؤمنين تماما فمثلما كان زيد وسيلة لرؤية الايات للاخرين فكذلك القمر ايضا وسيلة لرؤية الشمس للاخرين في الليل, فالقمر هو التالي و هو من يقوم بعملية التلاوة كما فعل زيد وتلى ايات الرحمن.
التلاوة : تعني التبيين و جعل الناس يرون ويشاهدون ويعرفون الموضوع , فالقمر وظيفته التي اوكلها الله اليه هي لينير الارض ليلا لذلك هو الذي يتلوا الشمس و يـُري الناس نور الشمس فهو الوسيلة و هو التالي لها و هو المخبرعنها .
و كذلك جائت (والقمراذا ) ودلالة (اذا) انها تعني (حين) يتلوا او (عندما) يتلوا , فالقمر ليس دائما يـُبيين الشمس لنا ففي النهار يأخذ القمر اجازة مؤقته و لكن وظيفته تبدا في حالة الليل فقط حيث يكون القمر تاليا لها .
الله تعالى هنا يحلف بالقمر عندما يقوم بوظيفة التلاوة حيث يبيين ضياء الشمس لنا في حين ان النهار هو الذي يجعل الشمس عظيمة واضحة الجلاء (والنهار اذا جلاها ) .
و( الليل اذا يخشاها) يعني الليل حين يغطيها.
و (القمر اذا تلاها) يعني القمر حينما يبينها للناس, يبين للناس ضوئها في وقت الليل فالله تعالى بهذه الاية يتكلم عن الشمس بكل اوضاعها التي تكون فيها سواء نهارا او ليلا .
وبتالي ... التلاوة هي :
ان يقوم احد ما او شيء ما بتبيين و إظهار محتوى الشيئ الاخر للاخرين.
فتتلو القران أي تنطقه على غيرك لتـُريهم محتواه .
وعليه فالقمر يتلوا الشمس أي يـُري للناس ضوئها و حرارتها في اليل وبالتالي.
فيتلو ليس لها علاقة بـ (يتبع) لا من قريب ولا من بعيد لانها تكون مصيبة ساعتئذ فكيف سيكون القمر يتبع الشمس وهو اصلا يتبع الارض ألا اللهم ان تكون شمس الهوى و المزاج والكيف الانتقائية فالقمر يدور حول الارض والارض والقمر يدور حول الشمس وباتالي فلن يتبعها ولن يلحقها مثلما يـُتصور واني اعرف ان هذا التصور صعب على من ارادها هو صعبة و لكن هو و الله سهل على من ارادها هو سهلة
وحتى لايظن ظان ان التلاوة هي ذاتها القراءه فسنبين الفرق بين الكلمتين فأختلاف المبنى يؤدي حتما الى اختلاف المعنى .
بادئ بدء تجتمع القراءه مع التلاوة بأن الاثنين قد تكونان انعكاس لنص مكتوب
لنأخذ مثال على ذلك يختص بالقراءة : يقول تعالى:
(اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)
ومثال التلاوة : (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً)
ولــــــــكن الفرق بين التلاوه و القراءة هو:
ان التلاوة هي سرد بدون استنباط .. هي اشبه بعكس الصور فوظيفتها اشبه بوظيفة المرآ ة العاكسه هي تعكس فقط .
بينما القراءة هي :
سرد + استنباط للمعاني الكامنة
فالتلاوة : هي مثل قولك اذا الشمس كورت و اذا الكواكب ...قولا فقط .. فهذا يسمى تلاوة
بينما عندما ( تقرأ) فأنت تقول : اذا الشمس كورت يعني حين تكورها فحين تتكور الشمس... وو ثم تبدأ تشرح معنى التكور و تغوص بأعماق هذه الايه و تستخرج دلالات كامنه ومختبئه بداخل كل كلمة وكل الاية ثم تستنبط معانيه هذا يسمى قراءه .
فانت عندما تستقرأ الشيئ تستنبطه يعني عندما تقول والله انا اقرأ من كلام المهندس عدنان انه يريد كذا وكذا وربما المهندس لم يقل هذا اصلا و لكنك تستنبط افكاره وتقرأ ما بين السطور و تعرف ما بين الكلمات و تعرف ماذا يريد المهندس بهذه الكلمة او تلك الاشارة .
القراءة : هي الفهم بينما التلاوه هي انعكاس الشيء ( وظيفة مرآ ة )
القراءة : هي محاولة معرفة ما بين السطور و معرفة المعنى الموجود بداخل النص المجرد الظاهر والواضح امامنا , ألا ترى كيف تستقرأ الانواء الجويه وكيف يستقرأ الطبيب العلل عند رؤية الاشعة؟ ألا يستنبط الطبيب بطريقة معينه وبآليه معينه العلل فكذلك هي القراءه
اما مجرد سرد النصوص المجرده هكذا بدون محاولة لفهمها فهي تلاوة
و بالتالي فمقولة (يتلوها) يعني ( ياتي بعدها) او( يتبعها) معلومة غلط .
وإن قال بهذا جهابذة المفسرين وعباقرة قواميس اللغة
فالقران الكريم يـُحتج به لا يـُحتج عليه و يـُقعد به لا يـُقعد عليه .
فرقد المعمار
التعليقات (0)