تحالف الفقيه مع السلطة ، وجالس مجلس السلطان ، وطوع فكرة فيما يتوافق مع هوا سلطانه
فكانت
كارثة الكوارث التي نحيا أثارها حتى الآن
تديين الدولة .. وتدويل الدين
إنهم خدعوا أنفسهم وإيانا .. والعجيب إننا صدقناهم بعدما هم ُ صدقوا أنفسهم
إنهم وحدهم يفترضون أن مفاهيمهم لمفردات ومعاني أصل الأصول هي المفاهيم السليمة الواضحة التي أتفق حولها مختلف المختلفون من كل حدب وصوب .. من حيث إعتبار تفكيرهم هذا معيارا ًً لباقي المفاهيم .. ولطالما أسندوها للدين و بالتالي أسندوا الأحكام إليها ، وقفلوا باب الإجتهاد في وجوهنا منذ القرن الرابع الهجري ، وإكتفوا بشرح الشروح المشروحة وتفسير التفسيرات المفسرة .. ثم النقل بالعنعنات ، فكانت مصيبتنا في تلك الدولة الدينية وثقافتها السمعية ..
هكذا وكأن تلك الأمة عقرت عن ولادة عالم أو فقيه يملك من الشجاعة الأدبية والجرأة قدرا ً .. كالخليفة الراشد عمر بن الخطاب الذي لم يجتهد في حكم فقط .. بل وصل به الأمرلإلغاء حكم سهم المؤلفة قلوبهم رغم وجود نص صريح فصيح لا يحتمل لبسا ً أو تأويلا ً في أصل الأصول على أن هذا السهم فريضة من الله سورة التوبة 60 ....
لكن .. بعدما
تحالف الفقيه مع السلطة ، وجلس في مجالس السلاطين والأمراء ، وكيَف فقهه فيما يوافق هوا السلطان ، وتمت السيطرة على عقول الناس وعواطفهم بإسم الدين تارة وإن لم يكن فبالسيف تارة أخرى .. كمُنت جرثومة الموت الحياتي والدماغي التي نحيا أثار
إنتشارها للآن .
توارثنَا بالنقل والعنعنات أحكام بشرية صادرة عن رأي يمكن أن يصح ويمكن أن يخطئ ، ومصيبتنا إنها باتت ثابتة أي من الثوابت التي لا يحق لنا تعديلها أو تبديلها .. لأن غالبيتها ضمنت هذا عندما أنهوا رواياتها للرسول الكريم ضمانا ً لإستمراريتها وبقائها .. وإن حاولنا فإننا نكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة .. وتهيأ لنا أن الزمن وأعمال النقل والتداول سواء بالرواية أو بالكتابة مع تعدد الراواه والمؤلفين وفكرهم وعلومهم وثقافتهم وبيئتهم وأية ظروف أخرى مختلفة أحاطت بتلك الأحكام أو بالراوي لم تؤثر في تغيير ما ورد لنا من روايات أو في تحريفها أو في تعديلها أو مفهوم مضمونها..
وأبسط مثال يشهد بصحة هذا الكلام هو
الحديث الواحد .. وتعدد الرواة له .. وإختلاف الرواية ذاتها .. وتنوعه بين الصحيح والمنكر والأحاد و.. و .. ومع الوضع في الإعتبار زمن روايته ومكان تدوينها ومجتمع الراوي وبيئته وقدراته الذهنية والتعليمية ، ولا ننسى دور من صححها وفندها أو أنكرها وكذبها وجمعها ..
والسؤال الأم هنا هو :
لماذا لا نبقي فقط على رواية الصحيح الحسن المتواتر عن رواة موثوق فيهم دون غيرها من باقي المرويات ؟؟؟
ونستبعد ما دون ذلك على الأقل من خطابنا الديني المقال أو المكتوب .. تفاديا ً للكثير من البلبلة و التردد
نعم ..
يحمد للسلف إجتهادهم فيما يناسب زمانهم ومكانهم وظروف حياتهم البيئية والإجتماعية .. ولا حرج في ذلك ، لكن الحرج أن تلك الإجتهادات والروايات تفرض أحكامها على واقعنا الآن رغم إختلاف المكان والزمان والطباع والعادات والتقاليد (( كأحكام الرق ، والزواج من الرضيعة و ملك اليمين ، ورضاعة الكبير ، و .. و.. )) ، مما تسبب في تغيير نسبي في المفاهيم لا يتوافق وحاصل المتطورات والتقدم ، وبالتالي فرضت قيود َعلى العقل الجمعي أودت به إلى ما هو عليه الآن من ثبات وجمود وجحود للتجديد ثم يتأتى دور الإنكار...
تعددت الآراء والمفاهيم وتعددنا مذاهب وشيع وفرق .
ولنرى ذلك بوضوح أكثر من تتبع صفحات التاريخ التي تقول بإنقسام الأمة سواءً كانوا شيعة وسنة وجَهمية ومُرجئة ومعتزلة واشاعرة .. تفرقت الأمة بسبب تلك الإجتهادات والآراء وإمتدت إلى إثنتي وسبعون فرقة وغيرهم الكثير بحساب إنقسامات كل فرقة من داخلها كالإسماعيلية والإثنى عشرية والأحمدية والحنابلة والحنيفية والشافعية و.. و.. ومضافا ً إليها العديد من المذاهب والمدارس
والغريب إنك تجدهم كلهم تحت راية واحدة هي راية الإسلام .. والأكثر غرابة أيضا ً إنك تجدهم جميعا ً مختلفون في الفكر والفهم والمعتقدات .. أما الأعجب والمستعجب أن كل فرقة تكفر أختها !!
مما تعجب له الأمم الأخرى (( التي تعي وتعمل على تنمية وعيها )) حينما تتعايش معنا وترى أن لكل فرقة منا ثوابت وإختلافات لايقوي أعتي العقول على حل شفرتها أو مجرد التفكير فيها .. وإلا ...... وما أدراك ما إلا تلك
تلك الإنقسمات كانت المفتاح لمدخل التعرف علينا من خلال الأحداث التاريخية
وقد سبق وأن قلبنا الأمر من عدة وجوه مختلفة وإنحصرت الإجابات كلها في عيوب تحالف الفقيه مع السلطان وربط الدين بالدولة ومن ثم تسيس الدين
ليصبح
الدين لله والوطن لهم
وما نحن سوى رعايا و أهل ذمة .. أسرى حرب أو سبايا .. عبيد وجواري وسرائر المهم إننا طوال تلك السنين منهوبين ومسلوبين العقل والإرادة
لذا تجدنا صرنا بلا نتيجة لصناعة ما أو أثر بَين في فلسفة .. ولا نملك من العلم إلا علومهم هم وما علمونا وما فرضوه على ثقافتنا ومناهج تعليمنا .
ولك أن تتعجب حينما نستمع للتاريخ الذي يقول (( أن ما نحن عليه من علم الآن مرجعه .. ليس لهم بل للموالي ))
أيوجد بينكم يا سادة من ينكر هذا الكلام .. أ يوجد من يدلني على
ماذا أنتجنا بدءا ً من الإبرة حتى الصاروخ ؟؟.. يا سادة .. حتى كنز الثروة في باطن أراضينا إستدعينا أهل الطاغوت كما نسميهم لإستخراجه
(( ونقول بكل فخر وإقتدار.. لقد سخرهم الله لنا ولخدمتنا ))
وتعالى معي عزيزي القارئ لنطلع على جزء صغير مما كتبه إبن خلدون واصفا ً فيه أحوالنا
راجع إبن خلدون ص125 ، 126 ، 127 لتعرف رأيه في العرب
وسنقتطع الكثير مما قال ونقف عند
أهمها .. إذ يقول :
(( إنهم أصعب الأمم إنقيادا ًً بعضهم لبعض ، للغلظة والإنفة وبعد الهمة والمنافسة في الرياسة فقلما تجتمع أهوائهم ، من أجل ذلك لم يحصل لهم الملك إلا بصيغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة ))
ُترى أليس هذا الوصف ينطبق على حالنا وأحوالنا حتى يومنا هذا !!!!
ألم يفسر لنا هذا سلسلة الجرائم والإغتيالات والخيانات والتي شغلت أكبر جزء من تاريخنا بدءا ًً بإغتيال الخليفة الراشد عثمان بن عفان !!!!
أوندري الآن كيف واتتنا الإصطلا حات حاملة التحريض والقتل .. لتحمل على كاهلنا عاقبة أمر لم يكن لعقلنا دخل فيه
إنسقنا ورائهم وصدقناهم كونهم يتكلمون بإسم الدين وطبقنا أوامرهم ونواهيهم من دون وعي أو إدراك حتى وصل الأمر بنا لدرجة الوصف بالإرهاب !!
ولم يجشم أيا ً منا نفسه عناء السؤال
لماذا تسِمنا باقي الأمم بالإرهاب ، وتسَمينا بالأرهابيين ؟؟
وقبل أن نتناسى تاريخنا أو نتجهله .. ليتذكره غيرنا ويتدارسه
فتاريخنا ينطق ويقول بأحداث وأهوال تشيب لها الولدان .. تدلل للغير على ما آلت إليه أحوالنا ولماذا ؟؟
من مثل :
• الحجاج بن يوسف وهو من هو على رأس أمة الإسلام .. وما أعدم من المسلمين .. ما يزيد على مائة وعشرين ألفا ً وإستباح نسائهم قائلا (( إنني لأرى رؤسا ً قد أينعت حان قطافها )) .
• معاوية وولده يزيد لم يمنعهما إيمانهما بالإسلام من إستباحة دم الحسين حفيد الرسول وقتال أهل البيت ورمي الكعبة بالمنجنيق .وهتك عرض وفض بكارة آلاف الأبكار من بنات دينهم .
• أما العباسيون فقتلوا ما قتلوا من أهل الشام وحولوا المساجد إسطبلات لخيولهم .
• حمامة المسجد مروان بن عبد الملك نحى كتاب الله جانبا قائلا ً هذا أخر عهدي بك .. حينما وافاه خبر إختياره للخلافة
• جمل عائشة وأكثر من خمسة عشر ألف مسلم قتيل حوله
• مائة ألف ويزيد في موقعة صفين
• إستباحة نساء المسلمين في وقعة الحرة لمدة ثلاثة أيام حملت فيها عذارى المسلمين من سفاح
وهناك الكثير والكثير
وسنكتفي بهذا القدر
ولكن
راجع عزيزي القارئ الأخبار اليومية والأحداث الجارية
من العراق إلى السودان والصومال وصولا ً للجزائر والبوسنة ليستقر بك المقام حول ما يكتب عن باكستان وأفغانستان
ناهيك عن فلسطين ولبنان وإيران وتركيا
لقد ضربت تلك الأمثال رغم جفائها و غلظة معناها و منكور فحواها و دلالتها
لا لشئ إلا لعقد مقارنة بين ما نحن عليه الآن وما كان تاريخنا يتقول به وتأثرنا بما تطويه صفحاته .
فهل حقا ً يوجد إختلاف بَين وواضح بين ما يقول به تاريخنا وما نحن عليه الآن ؟؟
وحتى لا أطيل عليك عزيزي القارئ وأزيد من مآسيك
أدعوك خيرا ً لتكون هذه المقال مقدمة لإعمال عقلنا الذي إغتلناه .....
وأتساءل :
ألم يسأل أيا ً منا نفسه لماذا كل هذه الإختلافات التي تجتمع عليها خير أمة أخرجت للناس .. وجميعنا تحت راية دين واحد ؟؟؟؟
رب واحد ونبي واحد ودين أنزل من السماء !!!!!
وإلى لقاء آخر بإذن الله
محمد عابدين
التعليقات (0)