التكليف الشرعي وشروطه
قال تعالى في كتابه الكريم :
(إنَّا عَرَضْنَا الاَمَانَةَ على السَّمَاوَاتِ وَالاَرْض ِوَالْجِبَالِ فَاَبَيْنَ اَنْ يَحْمِلْنَهَا وَ اَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَان ُإنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً).
هذه الآية الكريمة تبين لنا أعظم الامتيازات التيتميّز بها الإنسان، وأهمّها في كلّ عالم الخلقة، وهو حمل الأمانة، ولعل المراد بالأمانة العقل، الذي هو ملاك وميزان التكليفالشرعي والمنوط بالثواب والعقاب .
فالله سبحانه وتعالى شرّف الإنسان بالعقل ـوهذا مميزه عن غيره من المخلوقات ـ وكلّفه بطاعته والامتثال لأمره ونهيه وعبادته، منخلال الطاعة في الأحكام الشرعية. فالتكليف الشرعي هو الوظيفة الإلهية والعمل الذي كلّف الله به الإنسان الذي توفرت فيه شروط التكليف، فأوجب عليه فعله أو تركه .
قد يعتقد البعض أنّ التكليف الشرعي يسري على الناس كافّة، والبعض الآخر يعتقد أنّ التكاليف فقط للكبار،كما كان الراسخ عند عوام الناس مثلا أنّ وجوب الحج متوجه لكبير السنّ فقط، وغيرها من الأمور .
على العموم فإنّ للتكليف الشرعي شروطاً ثلاثة وتسمى بالشروط العامة، متى تمّت أصبح الإنسان مُكلَّفاً منقبل الله بالأحكام الشرعية، ويثاب على فعلها، ويعاقب على تركها، وهذه الشروط كالتالي:
1. العقل :
فالعقل أساس وشرط، لدليل العقل بأنّ المجنون مثلاً غير مدرك، وغير مميّز يستحيل أن يُوجَّه إليه الخطاب، فهذا ظلم، والله لا يظلم احداً، وأيضاً لرواية الإمام محمد بن عليالباقر{ع} :
"لما خلق الله العقل استنطقه، ثمّ قال له:أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال:وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبُّ إلي منك، ولا أكملتك إلاّ في مَن أُحبُّ. اما إنّي إيّاك أمر، وإيّاك انهى، وإيّاك أعاقب،وإيّاك أُثيب".
2. القدرة:
وهي أيضاً شرط ؛ لحكم العقل القطعي بأنّ فاقد الشيء لا يعطيه، والعاجز عن الفعل لا يقدر على فعله، لانّه من الظلم تكليف العاجز ؛ ولقوله تعالى:
(لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إلاّ وُسْعَهَا).
3. البلوغ:
البلوغ، أي بأن يصل الذّكر أو الأنثى لمرحلة حدّدها لهما الشارع المقدّس، فإذا تمّت المرحلة والشروط أصبح الإنسان مكلفاً .
وعلامات البلوغ عند المرأة:
إكمال تسع سنوات قمرية، أي هجرية، وعلى الحسابالميلادي ثماني سنوات وتسعة اشهر، تصبح البنت مكلَّفة بأُمور دينها، كالحجاب والصلاة وغيرهما.
وعلامات البلوغ عند الرجل :
خروج المني منه، أو نبات ا لشعر الخشن على العانة،أو إكمال خمس عشرة سنة قمرية. أي في الحسابالميلادي أربعة عشر عاماً وتسعة أشهر.
فهذه الشروط الثَّلاثة ـ العقل، القدرة، البلوغ ـ إذا توفرت يصبح الإنسان مكلفاً بالأحكام الشرعية كلّها، وعليه الالتزام بها وعدم الاستخفاف بفعلها، والاستخفاف بها يعني الاستخفاف بالإسلام والقرآن وبالنبيّ {ص} ، والاستخفاف بالنبيّ يعني الاستخفاف بالله عزّ وجلّ، وإذا تدبّرنا وتأملنا في هذا فلا أعتقد أننا سوف نستخفُّ بأحكام ديننا الإسلامي المقدس إن شاء الله تعالى.
السيد محمد علي الحسيني.
التعليقات (0)