التكفير هواية ووسيلة
فارقٌ كبير بين التكفير والتفكير وما بينهما قضايا وأحلام وأجساد تاهت ببحر الظلام فنالت ما تستحقه من عذاب , التكفير في المجتمع السعودي ليس وليد اليوم أو وليد المصادفة بل هو تراث مكتوب مسكوت عنه منذ قرون طويلة , أراء وفتاوى تٌكفر المٌخالف على أتفه الأسباب والأشياء , تتناقلها الأجيال وتتغذى عليها العقول وتٌصبح جاهزة للتطبيق متى ما سنحت الفرصة فالسبب الفكري بحاجة لأسباب أخرى تدعمه ليصل لمبتغاه الدموي ؟
كل شيء في المجتمع السعودي يجب أن يمرره البعض على طاولة التدين فإما تكفير وإما شهادة حسن سيرة وسلوك , بلوتنا في العقول الفارغة التي لا تؤمن بشيء مٌفيد للبشرية , تلك العقول ظاهرها التدين وباطنها الخواء , تترقب إلى الله بشتم وتكفير المخالفين بغية دخول الجنة والفوز بالحور العين , التكفير حكم شرعي له ضوابطه وغايته وهناك فارقٌ كبير بين تكفير المٌعين وتكفير العمل ولكل نوع أحكامه وطريقة التعامل معه لكن من ركب موجة التكفير وأخذ يٌنبش في المرويات التاريخية ويعمل بقاعدة القياس والاجتهاد بلا ضوابط واضحة وبلا منهجية صادقة أوقع نفسه في الحرام وأوقع غيره في الجريمة النكراء التي يظن فاعلها أنه يٌحسن صٌنعاً وهو عكس ذلك تماماً !
مهزلة أصابت العقل والواقع السعودي , مهزلة وكأننا بعصور الظلام الأوروبية التي لولا الثورة الفرنسية ما تحررت الأمة الأوروبية من سلطة الكهنة والتراث المٌقدس بشكلٍ أعمى , لقد أصبح المجتمع السعودي يخشى على نفسه من كل شيء وبات مٌعظم السعوديين يخشى من الحديث في الشأن العام والدخول بنقاش علمي وجاد في قضايا الخلاف الفقهي والحياة السوية فالتٌهم جاهزة والعبارات مٌعلبة ومٌلغمة وجاهزة للانفجار , من وقتٍ لأخر نٌشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع لثواني معدودة يتحدث فيها متدين عن تكفير تيار مٌعين أو فكرة ومنهج مٌعين كالليبرالية أو العلمانية وما شابهها , ذلك الشخص وفي ثواني معدودة يٌصدر حٌكم دموي فالتكفير يعني استحلال الدم والعرض وإزهاق النفس طاعة لله , فأين الوعي والمنطق واين الرقابة الصارمة الرادعة التي يجب أن تكون بالمرصاد لكل من يدخل على المجتمع من بوابة استغلال العاطفة الدينية والجهل المٌركب , لقد تحول التكفير لوسيلة قمع وأداة سحل وسحق للجماجم فهو أداة أيديولوجية سياسية غايتها مسخ البشرية وتحويلها لقطعان ماشية , بقاء التكفير على الألسن يعني الدمار وحلول الكوارث وموت التفكير والمنطق وهذا ما يجب أن يعيه عقلاء القوم ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه .
التعليقات (0)