التكبر آفة أخلاقية ضارة فكيف السبيل للخلاص منها ؟ المحقق الأستاذ مبينا
مما لا شك فيه أن المجتمع كلما كانت درجة التقوى و الإيمان فيه تشغل حيزاً كبيراً كان يتمتع بحصانة كبيرة و أكثر أمان من مخاطر الفتن و هوى النفس و مغريات الدنيا الفانية، و كلما كانت هذه الخصال الحسنة على قدر ضعيف كان المجتمع أكثر عرضة للانهيار و العودة إلى حياة الجاهلية وما يسود فيها من قوانين و أنظمة مجحفة بحق كل فرد يعيش في محيطها المتخلف ولا نرى في ذلك غير حياة أشبه بحياة الغابة التي يكون فيها البقاء للأقوى فلا مجال فيها للضعفاء أو الذين لا يملكون ناصراً و لا معيناً يستنقذهم من سطوة المتكبرين و أئمة الجور و قوى الاستكبار العالمي، فالتكبر وكما هو معروف يعني استعظام الإنسان نفسه و استحسان ما فيه من الفضائل و الاستهانة بالناس و استصغارهم و الترفع على مَنْ يجب التواضع له، فالتكبر من العادات السيئة التي يتحلى بها بعض الأشخاص في مجتمعاتنا الإنسانية وهو من الآفات غير المحببة، فكما الصوت الهادئ أقوى من الصراخ فإن التواضع يحطم الغرور و التكبر و التعالي على الخلق فيبن آدم لا تنسى أن أولك نطفة و آخرك جيفة فلا تذهبن بك المآخذ و تتكبر على الآخرين فكلنا لآدم و آدم من تراب، و أنظر بعين الرحمة و الود و العطف المحبة لإخوانك فهم إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق ولا فخر لأبيض على أسود ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ضالة كل متواضع ينذر نفسه لقضاء حوائج الفقراء و المساكين و سائر أفراد أسرته و جيرانه و صلة رحمه و الأقربين و كذلك الأبعدين إذا ما اقتضت الضرورة لذلك، فالكِبر لا طائل منه، ففساد الأخلاق و انحرافها عن طريق الحق و القيم النبيلة يكمن بغرور و تكبر صاحبها، فلا كرامة مع الكِبر، ولا مجتمع مثالي مع الغرور و التكبر، ولا حياة كريمة مع التكبر و التعالي على الناس، هنا يأتي السؤال فبعد أن عرفنا حقيقة هذا خُلُق السيئ أفلا من طريق للخلاص منه و تفادي نتائجه الوخيمة ؟ هل يوجد علاج لهذا الداء الخطير؟ فلو أطلنا النظر قليلاً فإننا المسلمون بين أيدينا دين يمتلك المنظومة العلاجية المتكاملة ففيه لكل داء مستعصٍ على الإنسان فالصلاة فهي خير علاج للتكبر و فساده المستشري بالمجتمع وكما يؤكده الأستاذ المحقق الصرخي في بحثه الأخلاقي معراج المؤمن حيث يقول : (( أفعال الصلاة تمثل أحد الأساليب العملية المناسبة لمعالجة العجب والتكبر عند الإنسان، كما في وقوفه ذليلًا صغيرًا أمام الله -تعالى- وعندما يركع ويسجد لله على نحو الذُّل والعبودية، وكما في التحاق المصلي بصلاة الجماعة فيكون في صفوف المصلين من هو أقل منه مالًا وولدًا وحسبًا ونسبًا )) .
بقلم محمد جاسم الخيكاني
التعليقات (0)