التكاملات الروحية والأخلاقية .. من فكر المحقق الصرخي
بقلم/ باسم البغدادي
إن بطبيعة خلق الإنسان المؤمن , وبما أودع عنده خالقه سبحانه جوهرة مكنونة من عقل, دائمًا يسعى للتكاملات وعلى كل الأصعدة, منها ما تنفعه في معيشته مثل التجارة أو السكن أو غيرها هذه تسمى المادية, ومنها التكاملات الروحية الأخلاقية, وهذه تسمى المعنوية وهدفها الأسمى والأرقى هو التكامل لوصول نفس الإنسان في مصافي الصالحين العارفين بالحق وحدوده ونواهيه, وكل ماذكرنا أعلاه من تكاملات لاتأتي بين ليلة وضحاها دون التدرج للوصول إلى الغاية.
ففي كلام روحاني ومنهج علاجي لمرض روح الإنسان, وجعلها في رحمة الفيوضات الإلهية قال المحقق الصرخي في بحثه الأخلاقي "السير في طريق التكامل" ..
((الإنسان الذي يريد أنْ يسير في طريق الكمال الروحي والأخلاقي وتربية النفس، عليه أنْ يجعل لنفسه مستويات متدرجة للرقيّ حتى الوصول إلى الغاية القصوى والهدف الأسمى؛ لأنَّ عدم التدرج والاقتصار على الغاية القصوى غالبًا ما يؤدي إلى الإحساس بالتعب والشعور باليأس والعجز عن السير والتكامل، ولعلاج هذه الحالة المَرضيّة عليه أنْ يتخذ لنفسه عدة مستويات وغايات يسعى ويعمل للوصول إلى المستوى الأول القريب وحينما يصل إليه يشحذ همّته ويضاعف جهده وسعيه للوصول إلى المستوى الثاني وهكذا حتى الوصول إلى المستوى الأعلى النهائي، فالإنسان العاصي الفاسق إذا عجز عن الوصول إلى مستوى العدالة والتكامل المعنوي والأخلاقي، فلا يترك طريق الحقّ ويرضخ وينقاد لخطّ الباطل والرذيلة؛ بل عليه أنْ يضع لنفسه مستويات متعددة من الرقيّ، فمثلًا في المستوى الأول عليه أنْ يهتمّ ويسعى للتعوّد على ترك الكبائر فيعمل في سبيل تنمية وتصفية خاطره في سبيل الترقّي والوصول إلى مستوى يمتنع فيه عن الكبائر، وبعد ذلك يضاعف جهده وسعيه للوصول إلى المستوى الثاني بأنْ يترك الصغائر فيعمل إلى أنْ يعوّد نفسه على ترك الصغائر، وهكذا يضع لنفسه مستويات أخرى إلى أنْ يتقرب شيئًا فشيئًا من حالة ملكة العدالة ويزداد ترقّيه حتى يصل إلى مستوى امتلاك ملكة العدالة، وهكذا بإمكانه أنْ يرتقي إلى مستويات أعلى دون مستوى ومرتبة العصمة.)) انتهى كلام الأستاذ.
وختاماً أن هذه الخطوات السالفة الذكر هي بمثابة التخلية والتحلية وحتى تعلم أن الروح قد حصلت على مرادها والهدف المنشود من تكاملها, وهو التخلص من الملكات الخبيثة والحصول على الملكات الطيبة التي من خلالها يصدر الفعل الحسن التلقائي لتكون في حضرة الحق المطلق-سبحانه وتعالى-.
التعليقات (0)