بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نستكمل بمشيئة الله تعالى
عند دخول الجنرال اللمبي أرض فلسطين قال اليوم انتهت الحروب الصليبية .
سمعها العالم أجمع ، ولكن المسلمين رغم سماعهم لها إلا أنهم كانوا مغيبين عن القضية ..
إذا فقد دخل الجيش الإنجليزي ومعه وعد بلفور، و بدأوا بالتنفيذ الفعلي بالسماح لليهود من أطراف العالم أجمع بالهجرة إلى فلسطين .
الشريف حسين في ذلك الوقت عند معاينته للوضع من طرف الانجليز، اعترض و خاف على ضياع مملكته " مملكة العرب " إذ أنه بدأ فعليا بتقسيم الأراضي من قبل الانجليز و الفرنسيين عقب دخولهم أرض الشام حسب اتفاقية سايكس بيكو، ضمت فرنسا سوريا و لبنان و الانجليز العراق و الأردن، و لم يجد الشريف حسين له نصيرا من المسلمين إلى أن وصل أمره في النهاية إلى اعتقاله و نفيه إلى قبرص من طرف الانجليز و انتهت بذلك قضية الشريف حسين .
كان من الذين دخلوا أرض فلسطين مع الجيش العربي الجيش التركي وقوامه 100 ألف مقاتل تحت قيادة ألعن شخصية إسلامية مرت في التاريخ ..
مصطفى كمال أتاتورك
شخصية عميلة بالدرجة الأولى، ومتعاملة مع اليهود و الإنجليز، وكان همها إسقاط الخلافة العثمانية تماما .. و إعطاء فرصة للإنجليز بإقامة وطن قومي لليهود داخل أرض فلسطين و إزالة الشريعة تماما و تحييدها عن الحكم الإسلامي.
و قد حصل نوع من الاتفاق مع الجيش الانجليزي على أن ينسحب مصطفى أتاتورك و جيشه من فلسطين على أن يعطى بعد ذلك حكم الأتراك بنفسه بعد إسقاط الخلافة العثمانية. و فعلا إنسحب بجيشه وعرّض جيشا ضخما جدا للخطر " الجيش المسلم " ولم يدافع أحد ضد الأنجليز .
وحتى نقف على الغياب الذي كان عليه المسلمين في ذلك الوقت .. فقد أسسوا في فلسطين الجمعية الإسلامية المسيحية للدفاع عن حقوق فلسطين .
عدد المسلمين أنذاك 82 في المئة و النصارى 10 في المئة و اليهود 8 في المئة .. و مع ذلك أسسوا الجمعية الإسلامية ..!!
انضم إليها أمين الحسيني و هو مفتي، و شخصية كبيرة في التاريخ الفلسطيني، وكان يظن أنه بانضمامه إلى الجمعية فإنه بذلك يدافع عن حقوق الفلسطينيين ضد الأتراك و مع الإنجليز ...
وبعد عام من تأسيس الجمعية قال زعماؤها العرب في خطاب لهم :
" في هذا اليوم السعيد من العام الماضي دخل الجيش البريطاني المظفر مدينة يافا رافعا ألوية النصر لتحريرنا نحن العرب من ظلم الأتراك ، وقد أقمنا هذه الحفلة لنقدم لجلالة الملك وسعادة الجنرال الليمبي وسائر أمراء و قواد الجيش المظفر الإنجليزي مزيدا من التبريك راجيين من الله دوام نصره وتوفيقه لدولة بريطانيا العظمى ناصرة الأمم الضعيفة في الأرض " !!!!!!!
فلتخيل إخواني وضع العالم الإسلامي بما يفسره هذا الخطاب !! وضع مزري جدا .
سنة 1918 م انتهت الحرب العالمية الأولى بانتصار إنجلترا و فرنسا وأمريكا، أما روسيا فقد انسحبت بسبب قيام الثورة الشيوعية البولشفية، وأنهزمت ألمانيا و الدولة العثمانية و مزق جيش هذه الأخيرة ..
هنا انجلترا أرادت تهدئة الأوضاع لكي تعيد السيطرة على الأمور، فوضعت حاكما عربيا على الأردن و آخر على العراق، و يا للسخرية فقد اختارت على الأردن إبن الشريف حسين الملك عبد الله ووافق هذا الأخير رغم معرفته بسبب اعتقال والده !!
و على العراق فيصل إبن الشريف حسين !!
وهدأت الأمور نسبيا ..
سنة 1919 عمل مؤتمر للسلام في باريس دُعي له بعض أقطاب العالم هدفه استقرار الأوضاع بعد الحرب العالمية الأولى وممن حضر المؤتمر الملك فيصل ليقول كلمة العرب !!
جاء في خطابه : "أطالب باستقلال البلدان العربية مع ترك فلسطين جانبا نظرا لطابعها الدولي !!
إذا فالملك فيصل جاء ليطبق ما ذُكر في سايكس بيكو من جعل فلسطين أمرا دوليا، حتى يسهل بعد ذلك دخول اليهود ..
لم يكتف الإنجليز بهذا الأمر بل التقوا مع نظيرتها فرنسا وعرضوا عليها عرضا جديدا؛ بأخذ فلسطين لتصبح ملكا خاصا بالانجليز على أن تُطلق هذه الأخيرة يد فرنسا في الجزائر و تونس و غيرها من الدول العربية ..
وطبعا دافع انجلترا هو لأجل إقامة وطن قومي لليهود داخل أرض فلسطين ..
وافقت فرنسا لتتحول فلسطين من حكم دولي حسب اتفاقية سايكس بيكو إلى حكم إنجليزي، فكان الإنتداب الانجليزي على فلسطين لمدة 30 سنة متصلة لينتهي في 14 مايو 1948م ، وعرف العالم العربي أجمع أنه خُدع من طرف الانجليز بكل أسف !! إذ الأمور أصبحت واضحة ..
الملك فيصل إبن الشريف حسين أرسل رسالة إلى فرانك فورتر أحد زعماء اليهود في أمريكا، و لنتأمل جيدا إخواني في هذا الخطاب الذي ان دل على شيء فإنما يدل على تخاذل المسلمين بكل أسف .. قال فيها :"نحن العرب وخاصة المثقفين ننظر برغبة شديدة إلى نهضة الصهيونية ولسوف نعمل ما في وسعنا لمساعدة اليهود أبدا أبدا ، و نتمنى لهم وطنا ينزلون فيه على الرحب و السعة " يقصد بذلك فلسطين .
وبدأ التهجير اليهودي الواسع من كل أطراف العالم إلى فلسطين .
سنة 1924م أُسقطت الخلافة العثمانية تماما وقامت الدولة التركية ـ الحديثة ـ بزعامة مصطفى كمال أتاتورك و الذي حوّلها إلى دولة علمانية وكانت أول قاعدة للدستور التركي أن هذه الدولة لا دين لها، بنص صريح جدا ، رغم أن تركيا بلد إسلامي الأصل ..
وبذلك ضيع هذا الحاكم بلاد المسلمين و ضيع معها فلسطين .
عودة إلى فلسطين ، فقد كان عدد اليهود داخلها أيام السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله 5000 فقط كما سبق و أن ذكرنا ، عندما تولى حزب الاتحاد و الترقي الحكم فتح باب الهجرة ليزداد العدد ، و في نهاية الحرب العالمية الأولى وبعد انتهاء فترة حكم الحزب و عند دخول الجيوش الانجليزية أرض فلسطين وصل عدد اليهود إلى 50 ألف .. لتصبح نسبتهم 8 في المائة ، و لتبدأ بعدها الهجرة من كل بلاد العالم و يصل عددهم سنة 1948م إلى 600 ألف بنسبة حوالي 34 في المائة من سكان فلسطين .
وللعمل فهؤلاء اليهود المهجرين ليسوا من العوام بل كانوا يختارون اختيارا ؛ أصحاب الفكر و القوة و المال و التدريب العسكري ، و كانت المعسكرات الإنجليزية صباح مساء تدرب القوات اليهودية ، ليصل عدد الجيش اليهودي إلى 62 ألف مقاتل محترف ، وكان يُعرف بجيش الهجانا ، و كان نواتا لوزارة الدفاع اليهودي .
ثم إن اليهود حاولوا بكل طاقاتهم شراء الأراضي الفلسطينية من أصحابها ليصبح لديهم أملاك رسمية موثقة .
اليهود أيام حزب الاتحاد و الترقي كانوا يملكون 2 في المائة من مساحة فلسطين ، ولم يكونوا يملكون شيئا زمن السطلن عبد الحميد الثاني كان 0 في المائة .
و على مدار 30 سنة من الانتداب الانجليزي امتلك اليهود 5 و 7 من 10 في المائة من نسبة الأرض ؛ منها 1 و2 من 10 في المائة أخذوها هدايا من الانجليز ، و 1.5 في المائة باعتها لهم عائلات سورية و لبنانية نصرانية وعادت إلى بلادها ، و 1 في المائة فقط هو الذي باعه الفلسطينيون .. لنفند الأكذوبة التي تقول ان أهل فلسطين باعوا أرضهم لليهود ، فهذا كله هراء و كذب حتى تكون الشماعة التي يعلق عليها بعض العرب فقدان فلسطين .
أحداث أخرى نراها بإذن الله تعالى في لقائنا المقبل
انتظرونا ولكم كل الفضل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
التعليقات (0)