مواضيع اليوم

التفويت في الاتحاد الجهوي بقفصة لأحد مناولي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

adnane hajji

2009-04-07 17:18:35

0


الصفحة الاساسية > البديل النقابي > دَارُ لقمان/العبّاسي على حالها
مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة:
دَارُ لقمان/العبّاسي على حالها
30 مارس
انعقد مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة يوم 25 فيفري الماضي، ومثلما كان متوقعا من جلّ المتابعين للشأن النقابي الجهوي أنهى المؤتمر أشغاله بإعادة انتخاب نفس أعضاء المكتب التنفيذي القدامى مع المحافظ على نفس خططهم ووظائفهم دون أدنى تغيير. وهو ما أثار في الوسط النقابي الجهوي والوطني أسئلة كثيرة حول "سرّ" هذه الاستمرارية، بل الركود المريع في المشهد النقابي من جهة وحول فعالية القوى النقابية المعارضة للخطّ البيروقراطي السائد من جهة أخرى. ولعلّ مثل هذه الأسئلة أضحت أكثر إلحاحا في الآونة الأخيرة بالنظر إلى انتفاضة الحوض المنجمي وتداعياتها على الواجهة النقابية بالجهة خاصة وبالبلاد عموما.
وإسهاما منا في إنارة الرأي العام ودفع النقاش وتعميقه في الوسط النقابي بجهة قفصة، الذي رفع لواء التغيير بالاتحاد الجهوي نقدّم ملاحظاتنا التالية:
نفس الوجوه، نفس الفساد:
مثلما أسلف أفضى المؤتمر الأخير إلى إعادة كل القدامى (9 أعضاء) إلى أماكنهم وهو أمر ليس بالجديد كما يتبادر إلى بعض الأذهان ذلك أن نفس التركيبة التي تدير الشأن النقابي بالجهة منذ 1997 بالرغم من اهتراء صورتها وتعدّد فضائحها وأكثر من ذلك فإن جلّ عناصر المكتب التنفيذي الحالي "ثابتون" في مواقعهم إمّا منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي (عمارة العباسي، أحمد المغراوي...) أو بداية التسعينات، فالجديد حتى وإن كان من "جنسهم" لا يجد مكانه إلا بعد عناء كبير وهو أمر يعود إلى أسباب عديدة لعلّ أبرزها القناعات التكتيكية لرأس التيار البيروقراطي المهيمن بالجهة. فالكاتب العام للاتحاد الجهوي، عمارة العباسي، مهندس المؤتمرات النقابية الجهوية بالجهة لا يقبل بالجديد في الصفّ النقابي الأول –أي المكتب الجهوي- إلا عن مضض وعند الضرورة القصوى. وهو أمر "طبيعي" بما أنه هو ذاته قضّى أكثر من 3 عقود متواصلة في خطة كاتب عام لهذا المكتب وحتى محاولة إزاحته من المسؤولية الأولى سنة 1993 انتهت مثلما هو معلوم إلى الفشل بعد أن اختارت البيروقراطية النقابية بقيادة السحباني الانقلاب الفجّ على قوانين المنظمة وبالتحديد الفصل 62 من النظام الداخلي وحوّرته بما يضمن "إنقاذ" عمارة العباسي وعززت القناعة القديمة المتمثلة في أن لا تغيير في رأس الاتحاد الجهوي بقفصة دون إيعاز من الحزب الحاكم. ذلك أن لا أحد تمّت إزاحته دون تدخل سافر من السلطة في "تناغم" تام أو شبه تام مع الرؤى النقابية الهابطة. وتكفي الإشارة إلى أن أول تغيير في الكتابة العامة بالجهة تم سنة 1963 في خضم الأزمة العاصفة التي اتسمت بتصفية الحساب مع "أحمد التليلي" ومناصريه. وقد واصل محمد بن عمر مسؤوليته حتى سنة 1977 تاريخ قدوم "خير الدين بوصلاح" الذي ترك مكانه بعد 3 سنوات إلى "محمد العليمي" الذي تمّت إزاحته أواخر 1984 وتنصيب الكاتب العام الحالي.
قوّة المال، قوّة الجهاز
أفضى مؤتمر الاتحاد الجهوي سنة 1963 إلى انقلاب خطير بالمشهد النقابي الجهوي من أهم سماته:
ربط ليس فقط المسؤولية الأولى للاتحاد بنقابات المناجم وإنما تعزيز هيمنة هذا القطاع في دوائر التسيير. ومن نافلة القول إن مثل هذا التحوّل تمّ على حساب كل القطاعات الأخرى وتخصيصا الوظيفة العمومية التي أقصيت منذ عام 1963 من المسؤولية الأولى بالاتحاد الجهوي واقتصر تمثيلها على الدوام إما بعنصرين وفي أفضل الحالات بثلاثة عناصر.
ربط كل فعاليات العمل النقابي بشركة فسفاط قفصة التي أضحت بحكم إمكاناتها المالية الكبيرة اللاعب الأول في صياغة المشهد النقابي بالجهة. تعاظم دور المؤسسة القبلية (العروش) بكل ما تعنيه من انحطاط قيمي وأخلاقي وخروج هذا "القمقم" من دوائره التقليدية –المناجم ونقاباتها- إلى فضاءات جديدة كالتعليم الأساسي والثانوي خصوصا.
وفي هذا السياق تكفي الإشارة إلى أن منصب الكاتب العام للاتحاد الجهوي ظل منذ 1977 إلى اليوم حكرا على عرش "أولاد بويجي"، كما أن نقابتي الأساسي والثانوي محكومتان منذ 3 عقود بعرش آخر هو أولاد "عبد الكريم".
وبصفة عامة، فإن من يجمع بين سطوة المال وقوّة الجهاز يضمن إلى حدود كبيرة التحكم في نتائج المؤتمرات القاعدية وبالتالي القيادة الجهوية خصوصا في مثل الوضع الملموس لقفصة حيث المتنفذون نقابيا يجمعون بين قوّة الجهاز (في مناصبهم منذ 97 والكاتب العام في منصبه منذ 1984) وسطوة المال (أموال الاتحاد، منح شركة فسفاط قفصة الخصوصية بمناسبة انعقاد المؤتمر، الثروة الطائلة لـ"عمارة العباسي" مالك أكبر مناولة "حراس مؤسسات" بالجهة...).
مؤتمر الحسابات الدقيقة
مكّنت السنوات الطويلة "عمارة العباسي" وبعض أعوانه من خبرات واسعة في إدارة الشأن النقابي وبالتحديد في وضع التكتيكات المناسبة لإخراج مؤتمرات نقابية وفق أهداف معدّة سلفا حتى أنه لم يعد جائزا الحديث عن مفاجآت ولو بسيطة إن في النقابات الأساسية الهامة وإن بالاتحاد الجهوي.
ولعلّ انتفاضة الحوض المنجمي وما رافقها من توسّع انتشار الغسيل الوسخ للبيروقراطية النقابية ورمزها الأكثر فسادا بالجهة جعل "عمارة العباسي" يضبط الحسابات بشؤون المؤتمر الجهوي هذه المرّة بدقة، يُجمِعُ النقابيون على أنهم لم يعرفوا مثيلا لها فيما سبق. ومن الطبيعي أن المقصود بالحسابات في هذا السياق ليس قراءة الخارطة النقابية (موازين القوى، التحالفات، إلخ.) وإنما الحسابات التي تنبني على توظيف الجهاز للتحكّم في إفرازات العمليات الانتخابية مثل وضع رزنامة تجديد النقابات وتحديد أعداد نواب مؤتمر الاتحاد الجهوي وإسناد بعض النيابات بصفة اعتباطية مخالفة للقانون.
يعرف الكلّ بأن مثل هذه الأمور شائعة بكل الجهات إلا أن الجديد هذه المرّة بقفصة يتعلق بحرص عمارة العباسي وأعوانه على التهرّب من ضبط رزنامة تجديد النقابات وإعلام النقابيين بها من جهة والتقليص الاعتباطي من أعداد نواب الجهوي من جهة أخرى.
فتجديد كل النقابات الأساسية كان من المفترض أن يتمّ في السنة الماضية وفق مقتضيات النظام الداخلي إلا أن عمارة العباسي اكتفى بتجديد ما هو مضمون لفائدته (مناجم، قطاعات هامشية...) وأجّل كلّ ما هو مخالف له ومشكوك في نتائجه.
وبالرغم من تعدّد المطالبات القاعدية بعقد المؤتمرات في إبّانها (تعليم أساسي، ثانوي...) إلا أنه أصرّ على إرجائها مدّة طويلة كما لم يفعل من قبل منتظرا بطبيعة الحال هذه المرّة الحسم البوليسي الأمني مع انتفاضة الحوض المنجمي حتى يضمن ليس فقط التخلّص من بعض الوجوه النقابية البارزة مثل عدنان الحاجي (الذي ترشح بصفة فردية في المؤتمر السابق وحصل على نسبة أصوات محترمة: 47) وإنما أيضا مرور عاصفة الغضب النقابي وخصوصا الشعبي ضد رموز التيار البيروقراطي الفاسد.
قد يتبادر إلى بعض الأذهان أن رهان عمارة العباسي على ما ستفعله السلطة مع "الانتفاضة المنجمية" المجيدة فيه نوع من المبالغة لكن المعطيات الواقعية تؤكّد ما ذهبنا إليه مثل:
1 - الممانعة في تجديد النقابات طوال الثلاثية الأولى من السنة الفارطة وبمجرّد لجوء نظام الحكم إلى استعمال القوّة والاعتقالات ضد النشطاء في 6 أفريل 2008 سارع عمارة العباسي إلى عقد دفعة من المؤتمرات سرعان ما أعقبها بتجميد مسار التجديد لأيام قليلة بعد انكسار موجة القمع وخروج المعتقلين واتساع دوائر الاحتجاج.
2 - تمّت مؤتمرات عديدة بقطاع المناجم مثلا إبان توسّع الحركة الاحتجاجية وهو ما يقيم الدليل على أن الأوضاع الأمنية كانت تسمح بانعقاد المؤتمرات. بل إن مؤتمرات نقابات أساسية كبيرة شملها التأجيل لحسابات ضيقة موجودة في الضفة الهادئة من قفصة مثل نقابات التعليم (قفصة الجنوبية للمعلمين والأساتذة، قفصة الشمالية، السند، إلخ.).
3 – تمّ تقليص نيابات الحاضرين بمؤتمر الاتحاد الجهوي من 115 على 101 دون مبرّرات منطقية متصلة بتراجع أعداد المنخرطين وإنما تحت غطاء الضغط على التكاليف المادية وهي تعلة مضحكة فنفقات إعداد المؤتمر تزايدت وحتى أعداد المنخرطين ارتفعت بما أنه فاجأ الجميع بإسناد 3 نيابات لحراس المؤسسات المشتغلين لديه و6 ضمن المتقاعدين!! في نقابات مجهولة من الجميع.
4 – رغم ضعف المعارضة النقابية وتشتت صفوفها وشيوع مشاعر الإحباط وحتى اليأس من إمكانات التغيير حتى ولو كان جزئيا وبسيطا في المشهد النقابي بالجهة وتحديدا في علاقة بالاتحاد الجهوي. ورغم وضوح الرؤية من الزاوية الانتخابية أياما قبل انعقاد المؤتمر (ترشحات هامشية خارج القائمة الرسمية، إعلان بعض المرشحين الجديين انسحابهم بعد نتائج مؤتمرات التعليم الأساسي والثانوي بقفصة، إلخ.) بالرغم من كل هذا فإن المتنفذين أصرّوا على ضبط الأمور تحسّبا لكلّ اختراق. فكانت البداية اتفاق أعضاء المكتب التنفيذي الجهوي الـ9 على خوض الانتخابات ضمن قائمة واحدة وإسناد 9 نيابات أخرى جديدة (3 حراس المؤسسات + 6 متقاعدين) كلها مصطفة وراء عمارة العباسي إضافة إلى تعمّد تضخيم النواب الحاضرين في مدينة المتلوي المعقل الرئيسي للبيروقراطية التقليدية (23 نيابة مقابل 6 أو 5 نيابات لكل من الرديف وأم العرائس...). والحقيقة التي يتوجّب الإشارة إليها أن المؤتمر الأخير كان من وجهة نظر البيروقراطية النقابية بالجهة مؤتمرا مصيريا فنتائجه المتوقعة سلفا هي رسالة في اتجاهين: الأول لنظام الحكم، أراد عمارة العباسي من خلالها تأكيد قوّته في الحقل النقابي تحسّبا لإمكانية انقلاب أولياء نعمته عليه في الأيام القادمة وهو العالم بأن كرسيه خرج كل من جلس عليه، مهما خدم الحزب الحاكم، من أبواب ضيقة وانتهى إلى السقوط. أما الجهة الثانية التي أراد إبلاغها رسالة صريحة فهي معارضوه في الحقل النقابي والغاضبون عليه في الأوساط الشعبية. ومضمون هذه الرّسالة: "أنا باقٍ هنا رغم أنوفكم".
وبطبيعة الحال فإن استمرار عمارة العباسي وطغمته على رأس الاتحاد الجهوي لا ينبغي بأيّ شكل من الأشكال أن يبعث اليأس والإحباط في صفوف المناضلين بالجهة، بل من الواجب أن يدفعهم إلى مزيد النضال خصوصا وأن أوضاع العمال والكادحين في الجهة تتفاقم، وهو ما بيّنته انتفاضة الحوض المنجمي الأخيرة. ولن تكون نهاية عمارة العباسي إلا نهاية مدويّة: إمّا عن طريق تحرّكات عارمة بالجهة تلقي به خارج الحركة النقابية أو عن طريق تحلحل الموازين في المركزية بفعل الضغط القاعدي واضطرارها إلى التخلص من بعض رموز الفساد كما حصل في السابق، هذا إن لم يكن مصيره السجن بعد أن تجعل منه السلطة كبش فداء لتلميع صورتها بالجهة.
صوت الشعب: العــدد 270
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !