التغيير
عدت الى بلدى وكلى شوق فالوطن أغلى شئ فهو الجذور والشجرة تموت بدون جذورها,
سارت السيارة عائدة من المطار وانا أنظر بلهفه الى كل شئ ياترى هل تغير ماذا حدث له ,كل شئ كما تركته ,الا ان المطبات زادت والشوارع امتلات بالقاذورات والمهملات,والناس كما هم لم يتغير شئ مازالوا يشتكون من كل شئ.
دخلت الى شارعنا وجدته ليس أحسن حالا فهو إمتلا بالمهملات, دخلت الى البنايه التى أسكن فيها وجدت المدخل متهدم والحوائط مكسرة,صعدت الى شقتى لاستريح ,وبعد عده ايام بدأت أتحرك وأخرج انا وبناتى فلقد كنا مشتاقات لكل شئ ولكل أهلنا,وكلما ذهبت وعدت الى شارعنا لاحظت كومه كبيره من البلاط المكسر على احد الارصفه مما يأخذ مكان سيارتين ويشغل نصف الشارع ويعوق تحرك السيارات الداخله والخارجه الى الشارع.
بالطبع تضايقت من المنظر جدا وتعجبت من الذى رمى هذه الكومه,سألت عسكرى الامن المسئول عن المنطقه فقال لى لا أدرى من الذى رماها وهى من مده طويله من عده شهور,سألت الجيران لم يعرفوا ولم يهتموا وواضح انهم تعودوا على المنظر,قررت ان أذهب الى قسم الشرطه وأقدم بلاغا فى القسم.........كان الوقت متأخرا وكنت عائده من الخارج انا وبناتى فقلت لهم اصعدوا انتم الى البيت وانا سأذهب لاقدم بلاغ فى القسم...........خافوا وقالوا لى لا تذهبى (فالقسم فى ذهن الاطفال شئ مخيف)قلت لهم لا, يجب ان أكون ايجابيه ولا أرى المنكر واسكت عليه.
ذهبت ودخلت وجدت الامين جالس ,جلست وقلت له انا اتيت لعمل بلاغ وبدايه انا اقول لك انه من الممكن ان يكون الشئ الذى أبلغ عنه تافه فى نظر الحكومه ولكنى اتيت من بلاد تحترم الانسان وتعودت ان لا أرى الخطأ وأسكت عليه,ابتسم وقال لى تفضلى ,فى البدايه أخذ بطاقتى وبياناتى,قلت له يوجد كومه حجارة فى الشارع ولا أحد يعلن مسئوليته عنها وحكيت له القصه.قال لى تعالى وارينى المكان,ذهب معى وقف فى المنطقه وسأل الناس وسأل عسكرى الامن,لاأحد يعرف من الفاعل,قال لى لا يمكننى ان اعمل محضر ضد مجهول إذهبى الى مكتب الامن الخاص بالمنطقه واطلبى منهم رفع هذه الاشياء,سكت ولا حول ولا قوة الا بالله,صعدت الى بيتى واستيقظت صباحا وذهبت الى مكتب الامن,استقبلنى المسئول بكل احترام ,حكيت له الموضوع ,قال لى سأقوم باللازم ان شاء الله...........ذهبت الى بيتى وانا انتظر.
مرت عدة ايام ولم يحدث شئ ,ظننت ان الموضوع انتهى ولا أحد سوف يفعل شئ,سكت على أساس انى قمت بواجبى ولكن خلال هذه الفترة كنت أفكر بجديه ان استأجر سيارة نقل على حسابى وانظف الشارع وأحتسب أجرى عند الله على أساس انى ارفع الاذى عن طريق الناس,........ولكن حدثت مفاجأه!!!
صحوت يوما على صوت عالى وضوضاء مزعجه.........!فتحت النافذه وكانت المفاجأة!!
إنها سياره تحمل الاحجار والبلاط المتكسر.لاأصدق نفسى!!.........انها سيارة البلديه تنظف المكان!!.........من الواضح ان المسئول لم ينس كلامى ولم يهمله..............ساعتها فرحت جدا وعرفت ان سلبيه الناس هى سبب مشاكلهم,فهم دائمى الشكوى من كل شئ ولا أحد يبادر بفعل اى شئ ,لقد كانت كومه التكسير هذه منذ عدة أشهر وعندما عدت انا من سفرى لم يأخذ الموضوع سوى أيام.
ما الذى حدث لهذا الشعب؟...........لقد ماتت مشاعره ومات إحساسه وتعود على السلبيه فى كل شئ واى شئ ولا يحاول فعل شئ.
انه ينظر الى الاحداث ببلاهه وبلاده غريبه ويقول لا نستطيع فعل شئ ...........ان الانسان لكى يحكم بعجزه يجب ان يكون قد حاول فعل شئ.......انما بدون ان يفعل شيئا يقول لا أستطيع هذا هو الكلام الغريب والمنطق العجيب.
ان الانسان قادر على فعل كل شئ ولكنه يقر بعجزه لانه متواطى مع الاخطاء وواضح انه الفها وتعود عليها ومن الممكن ان يكون احبها!!
لانه هو نفسه سبب الاخطاء فهو يريد ان يفعل الخطأ بدون حساب لذلك يعتبر المخطئ أخوه فى الخطأ,فهذا رمى اليوم وعطل الطريق,وربما انا غدا أفعل ذلك!!
ان الشعب الذى يفكر بهذه الطريقه هو الشعب الذى يسكت على ظلم حكامه ويقول لا شئ فى يدى!!........هل جربت فعل شئ ؟
ان القليل من الشرفاء يحاولون اصلاح المجتمع ,ولكن هل يستطيعون دخول كل شارع وكل حاره وحدهم؟...........يجب ان يتحرك كل الشعب للتغيير ,ولو تحرك الشعب كله واستفاق سوف يكون التغيير تلقائى,
ان موضوع تنظيف الشارع هذا شئ بسيط جدا وتلقائى,وانا عندما كنت أظن ان الموضوع انتهى ولا أحد سوف يفعل شئ كنت سوف انظف المكان بنفسى,إذن كان موضوعا بسيطا ومع ذلك لم يتحرك أحد لمدة طويله..........هذا تماما ما يحدث فى حياتنا اشياء سهله وبديهيه ولكننا ننظر اليها بدون فعل شئ ونقول لا نستطيع.
انه من الاشياء البديهيه ان يتخلص الناس من الطغاه الذى يسرقون أقواتهم,ويتسببون فى موت الالاف,ولكن من الواضح ان هناك شعوب تستعذب الالم.فليس عليهم ان يشتكون بعد اليوم حالهم وليموتوا فى أماكنهم....!!
ان كل انسان تجرى الدماء فى عروقه عليه ان يعيش حراً أبياً ,فنحن نموت و نموت,ونحن نمرض و نمرض,فهل ترك الجهاد والنضال يحمينا من الموت او يحمينا من المرض او يحمينا من حوادث القدر؟
إذن على الشعب ان ينهض وينظف بلاده بنفسه ولا ينتظر من يأتى من السفر !!
يا سادة ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ,ان الشوارع لن تنظف بدعوات وأهات ,يجب ان ننظف قلوبنا حتى تستطيع ان ترى ,حتى تستطيع ان تشعر ,حتى تستطيع ان تفرق بين الحق والباطل ولا تقبل ان تعيش فى باطل,ولاتقبل المهانه.
اذا كنا لا نقدر على تغيير أبسط الاشياء بل انه لا يعنينا تغيره فكيف نغير الامة وكيف نوقف الظلم الواقع علينا؟
ان الله لا يرضى عن الكسالى والخانعين,ان الايمان بضع وسبعين شعبه أعلاها قول لا اله الا الله وأدناها إماطه الاذى عن الطريق.فمن لا يفعل ادنى شعب الايمان فما باله بأعلاها.
إن لا اله الا الله معناها لا خضوع الا لله.لا خضوع لأى ظالم ,إذن أين الايمان إذن؟ ونحن لم نحقق ولا اعلى شعبه ولا أدنى شعبه؟
من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ,فهل نحن مسلمون؟
ان الاسلام ليس صلاة ولا صوم فقط اذا كنا لم نحقق معنى لا اله الا الله فكيف نكون مسلمون؟
يجب ان نعيد النظر فى فهنا للدين ونظرتنا للحياة حتى لا نضل فى الحياه ونحن نحسب اننا نحسن صنعا,وإلا فان كل ما نفعله ضلال فى ضلال وستكون العاقبه علينا وحدنا.
التعليقات (0)