مواضيع اليوم

التعنت الشيوعي في مفاوضات السيـادي

مصـعـب المشـرّف

2019-05-21 06:46:15

0

 التعنت الشيوعي في مفاوضات السيادي

مصعب المشرّف

21 مايو 2019م

منذ يومين ولا حديث للشارع السوداني سوى أن الشيوعي داخل تحالف قوى الحرية والتغيير هو الذي يتعنت ويتشدد في مطالبه خلال المفاوضات الجارية مع المجلس العسكري الإنتقالي . ويطلب أن تؤول رئاسة المجلس السيادي إلى شخصية مدنية . وأن يقتصر تمثيل العسكر على أقلية مهمشة من عضوين لا ثالث لهما.

وبعد أن جرى الإتفاق على تحديد الصلاحيات . فلا تزال الحُجّة الوحيدة التى يسوقها الشيوعي . هو قوله أن رئاسة عسكري للمجلس السيادي يسيء إلى سمعة الحكومة الإنتقالية ومباديء الثورة الشعبية .... ويشين وجهها ألمدني أمام العالم الخارجي.

هذه الحجة الشيوعية مردود عليها بأن سمعة القوات المسلحة السودانية منذ تأسيسها كانت ولا تزال أرفع من كل مزايدة وإشانة ... وستظل أنقى من الثوب الأبيض ومغسولة بماء الثلج والبرد .. وخروج ضباط مغامرون منها إلى ساحات الحكم والسياسة أمثال عبود ونميري وعمر البشير في إتقلابات عسكرية ؛ إنما كان بدعوة من أحزاب سياسية مرموقة عريقة كان من ضمنها الجزب الشيوعي نفسه ؛ سواء في إنقلاب العقيد نميري أو الرائد هاشم العطا ... وفي كافة الأحوال لا يعني ذلك فقدان الثقة بها ...... ولو كان الأمر كذلك لما خرجت حشود الشعب السوداني الأعزل إلى قيادتها العامة ، وتلك الحاميات في الأقاليم ؛ تطلب منها الحماية صراحة في 6 أبريل . بعد أن كانت المسيرات والمظاهرات تطالبها في شعاراتها بالمشاركة في حسم وإسقاط النظام القائم ..... ولاتزال مقاطع الفيديو ماثلة تسجل تاريخ إنطلاق ثورة 19 ديسمبر من عطبرة وموقف سلاح المدفعية الأغر في حماية جماهيرها ولا تكذب .....  كما لا ننصح أحد بمحاولة إنكارها وتكذيبها في هذا الزمان بالذات ؛ الذي يشهد قمة ثورة المعلوماتية والتواصل والإعلام الشعبي الموازي.

إن العبرة الآن ليست في من أشعل ثورة ديسمبر19 ومن يرثها ... فإذا كان الفضل يعود فقط إلى من أشعلها . فلربما كان حزب المؤتمر الوطني البائد هو صاحب الفضل الأول ، من واقع أنه هو ببلوغ سيل فساده الزبي قد تسبب في إشعالها ....

كانت ثورة سبتمبر2013م أقوى وأكثر إتساعاً من ثورة ديسمبر018. وبلغ عدد الشهداء فيها 300 مواطن وأكثر . فلماذا لم تنجح وتوتيء أكلها ذاك الحين بإزالة النظام الفاسد؟..... كان السبب بالطبع أن الجيش لم ينحاز إليها لسبب أو لآخر... أو ربما (الأرجح) لأنها لم تتوجه إليه أصلاً ؛ ولم تستدعيه بـنـداء.

إن هذه الملحمة التاريخية العظيمة التي سجلتها قواتنا المسلحة في إلتحامها بشعبها وقتالها من أحله وتقديمها الضحايا إنما ينفي عنها كل خبث وشكوك تحاول غرسها دعاية مضادة . وقد قدمتها هذه الملحمة إلى العالم الخارجي بكل الشفافية والوضوح ؛ من خلال الأسافير والفضائيات العربية والأجنبية في جنبات الكرة الأرضية جميعها .. ويكفي أن فرحة الثوار في ساحة الإعتصام والشعب في بيوته والأحياء والطرقات والشوراع  ....... يكفي أن فرحة الشعب وترحيبه بالتشكيل الثاني للمجلس العسكري الإنتقالي . يكفي شاهداً على رضاه ... وهو حُــرٌ في هذا الرضا الذي تقهمه العالم وإعتبره "خيار شعب" ترجمته حشوده المليونية الهادرة الكبرى في هذه المرحلة الثورية الماثلة.

ولجهة ردود أفعال ووجهات نظر الأسرة الدولية الفاعلة .. فقد كانت الولايات المتحدة ، والدول الصناعية العظمى ، ودول الإتحاد الأوروبي . وكذلك مجلس الأمن ...... كانت جميعها تقف في ذات الزاوية والمفهوم تجاه الثورة السودانية . فكان أن أعلنت وقوفها إلى جانب  تشكيل حكومة "مدنية" إنتقالية فاعلة .... ولم تتعرض إلى المجلس السيادي أو التشريعي ...... وهو ما يفيد ضمناً أنها لن ترى في تشكيلة المجلس السيادي ورئاسته ما يشين وجه الثورة أويحط من ثقلها في ميزان مصداقيتها وحسناتها.

إن تلبية الثورة السودانية بمدنيها وعسكرها للمأمول من تشكيل حكومة مدنية فاعلة هو قمة النجاح الذي يجب أن نفرح به اليوم . فنحن بذلك نضع المجتمع الدولي والدول الكبرى ، وعلى رأسها الولايات المتحدة أمام مسئولياتها تجاه السودان وشعبه بوصفه قد تعرض (وحده) دون حكامه إلى ظلم فادح طةال 30 عام فرضت عليه قيود المقاطعة المعلنة وغير المعلنة وإتهامات برعاية وإيواء الإرهاب . فتأثرت بذلك سمعته ، وجرى المساس بمكانته وكرامته ...... وتضررت مصالحه كافة.

ولن يكون ذلك متاحاً إلا إذا أسرعنا بإعلان تشكيل مجلس الوزراء.   

لقد أفلحت قوى الحرية والتغيير في إنتزاع والحصول على الآتي:

  1. إعتمادها المفاوض والممثل الوحيد للثورة.
  2. حصولها على حق إختيار وتشكيل مجلس الوزراء المدني الإنتقالي الذي تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية لإدارة شئون البلاد.
  3. حصولها على أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي وأكثر (67%).
  4. حصولها على توافق للفترة الإنتقالية لمدة 3 سنوات بدلاً من سنتين.
  5.    رضا المجلس العسكري الإنتقالي بصلاحيات تشريفية للمجلس السيادي.


ووفقاً لما رشح على سطح وسائل التواصل والأسافير. فإن الشكل القانوني للسيادة والصلاحيات التشريفية للمجلس السيادي ممثلاً في رئيسه ستكون أبرزها كالتالي:


١- رأس الدولة ورمز وحدتها.


٢- القائد الأعلى للقوات المسلحة.


٣- اعتماد تعيين رئيس القضاء بعد اختياره بواسطة مجلس القضاء الأعلى.


٤- اعتماد سفراء السودان في الخارج وقبول اعتماد السفراء الاجانب لدى السودان


٥- إعلان الحرب بتوصية من مجلس الوزراء


٦- التصدبق على القوانين الصادرة من الهيئة التشريعية.

 
٧- التصديق على الاحكام النهائية الصادرة بالاعدام من السلطة القضائية


٨- تعيين حكام الولايات بالتشاور مع مجلس الوزراء


٩- يؤدي رئيس مجلس الوزراء والوزراء القسم امام مجلس السيادة.


١٠- تمثيل السودان رسمياً على مستوى القمم.


١١- إعلان حالة الطوارئ بالتنسيق مع مجلس الوزراء.


لماذا التعنت إذن من الحزب الشيوعي داخل تحالف قوى الحرية والتغيير .. وما هي أسبابه المتوارية؟

اخشى ان لهم اهداف انتقامية اخرى خارج نطاق المحاكم والقانون . ليس اقلها تصفية حساباتهم القديمة ؛ والاخذ بالثار من بقايا المايويين.. وتصفية فلول الاخوان المسلمين .... وهو ما سيعطي المسوّغ لهؤلاء المايويين والكيزان باللجوء أيضاً الى القيادة العامة للقوات المسلحة وطلب الحماية من العنف والعسف والخسف؟

وهكذا سبدخل الجيش في حلقة مفرغة...

وجود تمثيل في رئاسة وعضوية المجلس السيادي إذن ؛ يتيح للقوات المسلحة إستخدام الحق في درء أي توجهات بتصفيات إنتقامية من جانب فئة تحاه فئة أخرى ... وكذلك يعطيه الحق في مواجهة أي إضطرابات مسلحة قد يتسبب بها هذا الفصيل أو ذاك.... وجميع ذلك هو في مصلحة إستقرار البلاد . ولا يختلف عليه إثنان.


ومما ينبغي توضيحه لشباب الثورة النقي اليافع ؛ أن المجلس السيادي هو بالفعل هيئة تشريفية ليس إلا .... وهو لس بالجديد على تاريخ السودان بعد الإستقلال . وكان يسمى آنذاك "مجلس السيادة" ومن أبرز من تولوا رئاسة هذا المجلس الزعيم إسماعيل الأزهري رحمه الله.

ولكن الذي إستجد اليوم عن أمس ؛ أن السودان يعيش فترة سيولة سياسية وأمنية لم يسبق أن تعرض لها منذ عام 1956م ... ذلك أنه قد خرج لتوه من حكم أبشع من الديكتاورية والشمولية .. بل هو إلى حكم عصابات المافيا وعائلة آل كابوني أشبه وأقرب مثيلا... وقد  طال أمده 30 عام متواصلة . وقد إستصحب وإختلق معه مليشيات مؤدجلة مواطنة وأخرى أجنبية مرتزقة مسلحة. بالإضافة إلى أجهزة قمع مسلحة أخرى أمنية وإستخباراتية وشرطية ، منحها صفة النظامية بمسميات ومهام متعددة ، وأتاح لها الأموال الطائلة ,اليد الطولى في تنفيذ ما يحلو لها دون مساءلة أو حسيب ورقيب..... وكان الغرض الأوحد منها والأول والأخير بإختصار هو إبقاء نظام حزب المؤتمر الوطني قائما بإي ثمن.

كذلك فقد إستجدت على الساحة حركات مسلحة مواطنة في شرق وغرب وجنوب البلاد ؛ تقاتل من أجل الحصول على حقوق معلنة ورفع تهميش إقتصادي وسياسي واقع بها.

كل المشار إليه من واقع إستصحبه وإستصحب نظام المؤتمر الوطني لا يزال ماثلاً حتى اللحظة .. ومن ثم فإن معالجته تتطلب توافق وتعاضد وإتحاد وتكاتف الثورة الشعبية وقوات الشعب المسلحة معاً. سواء لمعالجته سياسياً وإقتصادياً أو مواجهته أمنياً إن دعت الحاجة.

نعم تنامت الكثير من جوانب الثقة بين أغلبية الشعب والحركات المسلحة الثائرة في المناطق الثلاث . خاصة بعد الموقف المتعقل وإعلان وقف النار الذي إلتزمت به الجبهة الثورية خلال مرحلة بداية الثورة وإسقاط النظام السابق . وهو ما خلق لها الرصيد الكافي من الإحترام .... وأزال الغشاوة من عيون أغلبية الشعب التي كان التعتيم الإعلامي الرسمي لما يجري هناك قد فرضها عليه.

ولكن لا تزال هناك مخاوف (تطرق لها بيان البرهان بتأجيل المفاوضات 72 ساعة) .... وكذلك ما يتم تداوله من خلافات داخل حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور منعه من إصدار بيان واضح شفاف حتى الآن يعلن فيه إعترافه بثورة ديسمبر ..

كما أن الفصائل التي إنشقت عن أصولها في المناطق الثلاث ومؤتمر البجة وتحالفت مع حزب المؤتمر الوطني . هذه الفصائل والمجموعات لا أستبعد أن تخرج من العاصمة المثلثة وعواصم الأقاليم وتعود مرة أخرى إلى الخلاء والقيزان لتحمل السلاح وتقاتل الحكومة الإنتقالية المدنية ؛ بل هي تقاتلت فيما بينها بالكراسي قبل أسابيع فيما عرف بمعركة "ذات الكراسي" داخل قاعة "الصداقة".

وطالما كان الأمر كذلك . فإن الحاجة لا تزال حتماً مـاسَّــة إلى "حضور" قوي لقوات الشعب المسلحة في عمق الواقع السياسي اليومي . وماثلة للعيان على مساحة "كافية" من سطح هذا المشهد . وذلك ضماناً لتحقيق الإستقرار وكفالة إستتباب الأمن وتحقيق التوازن النعي المطلوب ؛ بما يحول دون تغوّل حزب عقائدي على غيره من أحزاب سياسية تنتهج الديموقراطية ........ وكذلك غيرها من المستقلين الوطنيين ، الذين لايلهثون خلف مناصب ولا يطمعون في كراسي وزارية ومقاعد برلمانية ، ولا ينتمون إلى هؤلاء ولا إلى أولئك . بل يرجون حاضر ومستقبل آمن لمواطني هذه البلاد . وبما يصون كرامتها وتكريس  إستقلال قرارها وتحقيق إزدهارها.

والطلوب الآن أن توقع قوى الحرية والتغيير على الإتفاق بينها وبين المجلس العسكري الإنتقالي ؛ بعد التوافق على تشكيل المجلس السيادي بواقع 5 + 5 وإنتخاب الفريق أول البرهان رئيساً مع ترقيته إلى رتبة المشير تقديراً له ، ولمهامه المتعلقة بتمثيله البلاد خارجيا في القمم والإجتماعات مع رؤساء الدول الأخرى.

البدء فوراً ومن ساعة التوقيع بإعلان تشكيل مجلس الوزراء المدني. والمجلس السيادي....... ويترك ما تبقى من تفاصيل شكلية إلى اللجان التي تم تشكيلها مؤخراً في إجتماع 20مايو.


مع التقدير والإحترام لقناعات قيادة الشيوعي . ولما يتبناه هذا الحزب من مواقف وقرارات تعبر عن وجهات نظره .... فإن المأمول منه في هذه المرحلة الإنتقالية بالذات . والتي هي بعمر الشعوب قصيرة وبمقدار ما بين غمضة عين وانتباهتها ... المأمول منه إما أن بترك القرار لرأي الأغلبية (وهو أفضل) في قوى الحرية والتغيير .. أو أن ينسحب بمبادرة منه (قبل إجباره على الإنسحاب) ويعلن رفضه التام . ويتفرغ للعمل السياسي المعارض وإعادة تنظيم صفوفه إستعداداً لخوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة..... فهي الإمتحان ... وفي الإمتحان يكرم المرء أو يهان.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات