اذا كانت الديمقراطية والعلمانية والرأسمالية واحترام الحرية الفكرية وحقوق الأنسان هي المقومات الأساسية لنهوض المجتمعات وتطورها وقضائها على الفقر والجهل والمرض , فما بال الصين تثبت لنا عكس ذلك اذا ؟ .
لايختلف اثنان على ان الصين هي معجزة القرن العشرين بامتياز . حيث تحولت من احد ى اكثر دول العالم الثالث تخلفا وفقرا الى واحدة من افضل دول العالم المتقدم وعلى جميع الصعد . ففي اقل من خمسين سنة استطاعت الصين اختزال مئات السنين اللتي احتاجتها اوربا وامريكا للوصول الى ما وصلت اليه هذه الدول من تطور , سجلت خلالها الصين معدلات نمو اقتصادي وعلمي واجتماعي هي الاعلى في التاريخ الحديث , حتى ان الكثير من الابحاث والتقارير الامريكية والاوربية المنشورة تشير الى ان الصين ستكون سنة 2025 اكبر اقتصادات العالم وسيكون لها قدرات علمية وتكنلوجية تشكل مع القوة الاقتصادية خليطا يمكنها من انتاج اسلحة متطورة تجعلها القوة الاعظم في العالم .
الصين اللتي يكمم حزبها الشيوعي الاوحد ذو الافكار الماركسية الاشتراكية افواه اكثر من مليار وثلث المليار مواطن صيني , ويسحق بالدبابات امام انظار العالم كل من يتظاهر ضده منهم .
الصين اللتي تفلتر الانترنت وأجهزة استقبال البث الفضائي وتفرض على مواطنيها ما عليهم قرأته من صحف وكتب وتمنع نشر اي افكار مناهضة لافكار الحزب الاوحد حتى باتت دولنا العربية اكثر حرية فكرية منها بكثير .
الصين اللتي تعلم اطفالها كل يوم التغني بالنظام وافكار ماو تسي تونغ وتربيه على عبادة الحزب الشيوعي كما تفعل انظمتنا العربية .
الصين اللتي هي كل هذا تنمو وتنمو وتتطور وتصل الى ما وصلت اليه , بينما نحن في بلداننا العربية نمشي الى المستقبل كالحلزونات فلماذا ؟ . هل الاشترتكية اثبتت انها افضل من الرئسمالية ؟ هل الحرية الفكرية والاجتماعية الزائدة والعلمانية اللتي هي من سمات الغرب المتحضر تعاني مشاكل وامراض استطاعت تجنبها الحرية المقننة والدكتاتورية الوطنية اللتي تطبقها الصين حتى استطاعت اللحاق بدول الغرب وربما تخطيها يوما ما ؟
اعتقد ان الجواب على هذه الاسئلة يكمن في التخطيط الصحيح لقيادات الحزب الشيوعي الصيني والتفاتها الى ان التعليم ولا شيء غير التعليم ولتثبت بالدليل القاطع انه العامل اللذي يشكل اكثر من 75 بالمئة من مقومات النهوض بالمجتمع وباقي العوامل كلها تأتي بالدرجة الثانية . فلقد دأبت هذه القيادات على تطوير نظامها التعليمي والاهتمام بتعليم ابناء شعبها جميعا والقضاء على الامية وانفاق جزء كبير من ميزانية الدولة على البحث العلمي . وكذلك الاهتمام بجانب التربية البدنية حتى اصبحت الصين الاولى عالميا في الالعاب الاولمبية . وحفز هذا الاهتمام بالعلم والتعليم المواطن الصيني للنهوض بواقعه الاقتصادي والصحي والاجتماعي وحفز النظام ولو ببطأ على منح شعبه المزيد من الحريات والانفتاح على العالم وربما سيصلون يوما ما الى ما وصل اليه الغرب في هذه المجالات بدون الامراض المصاحبة لتجربته .
كما اثبتت الصين لنا نحن العرب ان اهمال التعليم وتخلف انظمته في بلداننا العربية هو السبب الرئيس اللذي يبقي بلداننا في مصاف دول العالم الثالث بل والتاسع ولا شيء غيره .
التعليقات (0)