مواضيع اليوم

التعليم فـي آســــــيا: باتجاه عصر المعلومات!

ملف اخضر

2009-03-30 11:30:37

0

التعليم فـي آســــــيا: باتجاه عصر المعلومات!

 

 

كل عام عندما تبدأ شتلات الأرز في الظهور في مزارع الأرز المتلألئة في تايوان، يكون الطلاب قد بدأوا في استعداداتهم النهائية لامتحانات دخول الجامعة، وتبدأ قصص الفزع والرعب. يعثر أحياناً على جثه طافية في النهر المليء بالقاذورات تحت جسر خرساني، أو يعثر أبوان قلقان في شقة في ضواحي تايوان على رسالة انتحار تركت على منضدة غرفة المعيشة فحواها (إني لا أستطيع مواجهة الامتحانات) ويسرعان إلى داخل المطبخ ليجدوا ابنهما قد انتحر بالغاز. وأحياناً كثيرة «يعرف الأبوان بالضبط لماذا تحدث المأساة: في 6 مايو قفزت «لي ينج - شيا»- طالبة في المراحل الأولية في مدرسة منجلن العليا في تايبي -من مبنى شاهق. كانت طالبة واثقة من نفسها ومفعمة بالحيوية، ونشطة ولم تترك رسالة انتحار. ومع أنه لا أحد يعلم بالضبط لماذا انتحرت، إلا أن سلطات المدرسة تقول إن «ليّ» قد حصلت على درجات سيئة في اختبار الممارسة. لقد أصبحت الانتحارات جزءاً من شعائر تايوان في الربيع تقريباً.
إن هذه الطقوس المميتة تنم عن أزمة فشت في أنظمة المدارس حول المنطقة. فما الذي حدث؟ لقد ظل الآسيويون دائماً فخورين بتعليم أبنائهم الذين يحرزون أعلى العلامات في العلوم والرياضيات في مقارنات على مستوى العالم. لكن من طوكيو إلى تايبي وسنغافورة أدركت الحكومات أن أبناءها متوترون بشكل مفرط، وأنهم غير معدين إعداداً جيداً لعصر المعلومات، حيث التفكير والإبداع يحتلان المقدمة. يشكو المعلمون ورجال التعليم الذين يؤيدون الإصلاح الشكوى نفسها: أطلب من طالب كوري أن يكتب مقالة مبدعة، أو طالب ياباني أن يطرح سؤالاً متحدياً، أو طالب من هونج كونج أن يسأل سؤلاً فقط فإنهم أحياناً كثيرة سيكونون غير قادرين على الخروج من النص والأطر المحددة لهم.
طرح كيشور ما حبوباني- مسؤول كبير في سنغافورة هو الآن سفير دولته في الأمم المتحدة- سؤلاً متحدياً في مؤتمر قائلاً: (هل يمكن أن يفكر الآسيويون؟) كانت لحظة رائعة من الشك الذاتي، لسنوات ظل قادة سنغافورة يتحدثون عن ميزة القيم الآسيوية، والتي جعلت من النظام التعليمي في آسيا أفضل منه على النمط الغربي، لكن هذا النظام نتج عنه عمال أكفاء ومطيعون تركوا أمر التفكير لرؤسائهم. استثمرت الحكومات بسرور في خطوط الإنتاج وناطحات السحاب وحتى في مباني المدارس، ولكنها أهملت تطوير وسائل التدريس الحديثة ومعلمي التدريب.
فماذا كانت النتيجة: إهمال شديد للمدارس الآسيوية أكثر مما في أي دولة أخرى، يحضر الأطفال حصصاً لنصف يوم في غرفة دراسة مكتظة جداً لدرجة الانفجار ومنشغلون انشغالاً شديداً بحفظ إجابات مضنية ليتعلموا كيف يفكرون في الكثير من غرف الدراسة الآسيوية يعترض التفكير في الطريق فعلاً.
خلصت الكثير من الحكومات الآسيوية إلى أن المتهم الرئيس هو الاختبارات. في تايوان أثارت الديمقراطية نقاشاً عاماً بشأن المدارس المتسلطة القديمة الطراز وبحلول عام 2002 تخطط الحكومة لهجر نظام اختبارات الجامعة الخانق الذي أدخل اليأس في نفوس الطلاب. ولعقود زمنية ظل اختبار الدخول هو العامل الرئيس في تحديد مصير مراهقي تايوان: يستعد الطلاب لمدة سنتين للاختبار بالدراسة في مدارس ليلية مكتظة. وإذا فشلوا في الاختبار لا يعوض عن ذلك أي قدر من السلوك الطيب في غرفة الدراسة أو العمل الدؤوب خلال العام. كان جيمس كوان، البالغ من العمر 19 سنة، خجلاً من نفسه عندما فشل في امتحان الدخول العام الماضي، توقف عن لعب كرة السلة حتى يدرس كل الوقت لإعادة الاختبار والذي اجتازه لتوه. يقول: ( إنه مشوار صعب). في المستقبل سيحدد دخول الجامعة بائتلاف من اختبارات، ويشمل أحدها اختباراً مماثلاً لاختبارات تحقيق المستوى (SAT)الأمريكية، والتي تقوم قدرة الطالب على تحليل المعلومات- اختبارات أهلية في مجالات محددة، وخطابات توصية من المدرسين.
تثير الإصلاحات موجة كبيرة من القلق والاهتمام.عبر بعض الآباء التايوانيين بأنه بدون اختبار مستوى واحد فإن النظام سيكون أقل عدلاً. كونت بعض المدارس المتقدمة لجان آباء ومدرسين لمراجعة خطابات التوصية لضمان عدم وجود الواسطات السيئة. يقول لاي هسيو- شي، سكرتير اتحاد آباء مدينة تايبي: ( بالطبع نحن مهتمون بمشكلات الميزات والتمييز. إن إفراد الطبقة العاملة يحترمون حقوقهم أكثر وأكثر في تايوان. أعتقد أن لديهم صوتاً مسموعاً وأعتقد أنهم سيستخدمونه).
التعليم في كوريا
قررت كوريا الجنوبية أيضاً ترك اختبارها الجامد الخاص بالجامعة في عام 2002، لكن الأنظمة القديمة التي نشأت في تقاليد الإقطاع متمسكة بالنهج القديم تماماً. وبالرغم من
إدخال الديمقراطية في كوريا فلا تزال التسلسلات الهرمية مستمرة وأن الدرجة الجامعية هي التذكرة الوحيدة لمهنة واعدة. لا يزال الآباء الكوريون وبشكل روتيني يحاولون رشوة المدرسين بالشونجي (ظروف بيضاء معبأة بالمال). إن اتحاد المعلمين، وهو مؤسسة مؤيدة للإصلاح والتي أدخلت الديمقراطية في المدارس، قد أصبح في الآونة الأخيرة شرعياً لأول مرة. قام زعماؤه بحملة ضد الرشوة وبدأت الممارسة في التلاشي. لكن بدون اختبار مستوى يقلق الآباء من أنه في المستقبل قد تحظى العائلات الأغنى أو التي لديها علاقات وواسطات بفرص أفضل في إدخال أبنائهم الجامعة.
يقول ايم يون- كي، باحث في معهد التطوير التعليمي الكوري: (إذا لم ينفذ بشكل صحيح، فإن نظام الدخول لاختبار الكلية الجديد يمكن أن ينعش ويحيي فساد المدارس).
إن الإصلاحات التعليمية على الورق لا تترجم إلى واقع خلال يوم وليلة، في الغرف الدراسية في كوريا الجنوبية بالرغم من سلسلة من الخطط بجعل التدريس أكثر حيوية، لاتزال المعالجة المتسلطة هي التي تهيمن.
..وفي ماليزيا
أخذ مدرس في مدرسة متوسطة إلى الشرطة السنة الماضية عندما استدعى طلابه السلطات بعد ضربه زميلهم،مما آدى إلى سن قواعد إرشادية فحواها إرشادية: لا تستخدم العصا التي يتجاوز طولها 60 سم، استخدم العقاب البدني فقط عندما لا يراه الطلاب الآخرون، واضرب الطلاب على (الأجزاء المأمونة) فقط.
أما في بعض الدول فإن الكمبيوتر يبدو كطريق لتحديث الأنظمة التعليمية. فقد بدأت ماليزيا حملة طموحة تدعى برنامج المدارس الذكية لإدخال الحواسيب والإنترنت داخل كافة مدارسها. يقول أحد المحامين الماليزيين: (إن إدخال المعدات سهل. إن الجزء الصعب هو البرامج، جعل الناس يفكرون) وهو يشكو من أن طلاب القانون في الآونة الأخيرة ليست لديهم فكرة عن كيفية التفكير عالمياً- وهو عمل متزايد بشكل سريع في شركات القانون، والتي يجب أن تساعد زبائنها هذه الأيام بتخطيط استراتيجي ومالي. إن المستأجرين الشباب يمكن أن يؤدوا واجبات محددة لكنهم لا يفكرون في أبعد من ذلك.
أدركت ماليزيا الحاجة إلى التحرك بعيداً عن التدريس الجامد والسماح للطلاب بحرية جديدة لتعلم الأشياء حسب مقدراتهم. يقول كيه.إل.جون، رجل أعمال يساعد في رسم خريطة للإصلاحات التعليمية: (في المستقبل يمكن أن يبدأ الطلاب بمشهيات ولا يعترض أحد. إن النموذج القديم قد انتهى). لكن الآباء المحافظين قلقون بشأن الحريات الجديدة والتقنية التي ستعرض أطفالهم لأخطار مثل الصور والكتابات الإباحية التي على الإنترنت. يقول وزير التعليم نجيب رزاق لمجلة النيزويك: ( في كل مجتمع، عندما تكون هناك ثورة، وإن هذه ثورة- يخاف الناس من التغيير. لكن لدينا خيارات قليلة، يجب أن يكون لدينا نظام تعليمي ينتج عمالاً مبدعين- وإلا سنتوه).
هونج كونج والصين
لا تزال هونج كونج تكافح للخروج بخطة لتحسين مدارسها غير الكافية. أحياناً يحصل الأطفال الذين تحت سن 12 على تعليم نصف يوم فقط بسبب الغرف الدراسية ونقص المدرسين. تستثمر الحكومة في الحواسيب وتخطط لإلغاء اختبار دخول الجامعة، لكن المدارس بهويتها الجديدة تعيش في صراع بعد الاستعمار كمدينة صينية، قد دخلت في مأزق. وفي موجة حماس وطني أعلن مسؤولون يقودهم التنفيذي الرئيسي تنج- شي-هوا أن مدارس هونج كونج تحتاج إلى اللغة وثقافة صينية أكثر.. وحتى العام الماضي توصلت المدارس إلى خليط من الإنجليزية والصينية.
قرر (تنج) العودة إلى تدريس اللغة الصينية، يجادل الكثير من المدرسين بأن هونج كونج يجب أن تستأجر مدرسي لغة إنجليزية أكثر لمساعدة هونج كونج على مواكبة منافساتها مثل سنغافورة.من السهل إلقاء اللوم على كونفشيوس بشأن السبات العميق والبلادة في مدارس آسيا. قال الفيلسوف الصيني في القرن الرابع قبل الميلاد: (أنا أرسل وأبعث ولكن لا أخلق) في رأيه أن الغرض من التعليم ليس الابتكار، ولكن تنقيح الآراء التي طورت في العصر الذهبي السابق، اعتمد النظام الكوني الطبيعي على التسلسل الهرمي: الأبناء يحترمون آباءهم، ويذعن الطلاب لمدرسهم ويطيع الناس الإمبراطور الخير المتسلط. سارت الطقوس في الحياة واستظهار الأشياء من غير فهم والقدرة على اجتياز اختبارات رسمية- هي الأهم.
عرفت النخبة والصفوة الآسيوية بالطبع أن المسألة تحتاج إلى أكثر من مجرد الاستظهار والحفظ على ظهر قلب لتكون في العالم الحديث. وهو ما دفعهم إلى إرسال أبنائهم إلى المدارس في الغرب. وفي خلال الثمانينيات ومعظم التسعينيات كان هناك ازدهار كبير لدرجة أنه لم يفكر أحد إطلاقاً في الحاجة إلى الاستعداد من أجل المستقبل قد يكون الطلاب اليابانيون عانوا أكثر من قصور رؤية كهذه. في ضوء الانهيار الاقتصادي الآسيوي كانت لديهم تصورات خاطئة بسبب تلاشي التوقعات والاستظهار من غير فهم والضغط لاجتياز الامتحانات، مما أدى إلى تزايد معدلات الغياب عن المدرسة والضعف.
إن الإصلاحات التعليمية لا تحل مثل هذه المشكلات بدون تغيير اجتماعي بدءاً من البيروقراطيات الصلبة في اليابان وانتهاءً بالتسلسلات الهرمية، في كوريا. وعندما استعادت اقتصاديات آسياء عافيتها كان على الحكومات أن تقوم باختيارات صعبة يمكن أن تستمر بدون ترميم وإصلاح مؤسساتها الاجتماعية وتستمر في إنتاج السلع المصنعة- لفترة من الوقت. لكن إذا ركزت آسيا على برامج التحديث- بدءاً بالمدارس- فإنها ستكتشف مرة أخرى ما عرفته دائماً: بالطبع يمكن أن يفكر الآسيويون. وفي تايوان لا يأتي ربيع واحد في يوم ما بشيء أكثر إثارة من محصول أرز جديد.


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !