نظـم معهـد الدراسات الإفريقيـة بجامعـة محمـد الخامس –السويسـي- وكليـة العلـوم القانونيـة والاقتصاديـة والاجتماعيـة السويسي نـدوة دوليـة حـول موضـوع "التعـاون المغربـي الإفريقـي"، شاركـت فيهـا عـدة فعاليـات مـن المغـرب مـن دول افريقيـة.
وفـي تصريـح صحفي أكـد مديـر الدراسات الإفريقيـة يحـي أبو الفـرح أن التعـاون المغربـي الإفريقـي ينتعـش يـوما بعـد يـوم خاصـة بعـد وصـول الملك محمـد السادس إلى سـدة الحكـم، إذ قام المغـرب بعـدة مبـادرات اقتصاديـة وإنسانيـة واجتماعيـة لتعزيز ظـروف التعـاون جنـوب – جنـوب، مسترشـدا بمضمـون مقولـة المغفـور له الحسـن الثاني: جذور المغـرب فـي إفريقيـا وفروعـه فـي أوربا، وهـو ما يجسـد هويتـه الثقافـة والاقتصاديـة والسياسيـة لتعزيـز التعاون مـع الدول الإفريقيـة مـع ضرورة الانفتاح على دول الشمـال.
وبحسبـه فإن تنظيـم هـذه الندوة جاء بهـدف إبراز الحصيلة الهامـة للتعاون المغربـي الإفريقـي في عدد مـن الدول الإفريقيـة، ولإبـراز المجهـودات الكبيـرة التـي يوليها صاحـب الجلالة عنايـة خاصـة، والتعاون العميـق التي تسهـر عليـه وزارات الحكومـة فـي عـدة مجالات كالمجال الدينـي والتعليمـي والاقتصادي وفي قطـاع الاتصالات والنقـل الجـوي والماء والكهرباء والتجهيـز والصحـة...، ويستطـرد مديـر المعهـد بالقـول لكـن هـذه المجهـودات لا تدرك لدى الفئـات الإفريقيـة الشعبيـة، فـي وقـت يبـرز حضـور عـدد مـن الدول الأوربية بالرغـم مـن انشغالها في أنشطـة محدودة لكنهـا مرتبطـة بالفئات الشعبيـة كالصحـة وتقديـم المساعدات الإنسانية، فتتعـزز صورتها في التعاون والتضامن مع الدول الإفريقية. والواقـع أن ما يقـوم بـه المغرب أكثـر عمقـا في مشاريـع كبرى، لكنها ليست ذات ارتباط مباشـر مـع الفئات الشعبيـة.
وعليـه فإن هـذه الندوة حسب رأيه مدعوة إلى التنبيـه إلى مثـل هـذه الجوانـب الاستـراتيجيـة فـي التعريـف وإبراز التعاون المغـرب فـي الأوساط الإفريقيـة الشعبيـة، وكذا لتطـوير أداء التعاون المغربي الإفريقـي. وحول سؤال: إلى أي حـد يمكـن لإفريقيـا أن تستوعـب النمـو الاقتصادي أشار بأن المغرب ورغـم حصـوله على الوضـع المتقـدم مـع الإتحاد الأوربي فإن حاضـره ومستقبـله الاقتصادي رهيـن بالاتجـاه الإفريقـي. ولذلك تتتغـي هـذه الندوة تحييـن استـراتيجيـة التعاون المغربي الإفريقـي، وتجسيـد فلسفـة تعاون جنـوب – جنـوب.
في السياق ذاته أكـد خالد شكراوي أستـاذ باحـث بمعهد الدراسات الإفريقيـة أن الوضـع المتقـدم للمغرب مـع الإتحـاد الأوربـي يجـب أن يقـوي وساطـة المغرب بيـن دول الجنوب والشمـال، وبيـن العالم العربـي والإسـلامي والغـرب، ومـع دول العالم الأنجلوساكسـوني خاصـة بعـد دخـول اتفاقيـة التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكيـة حيـز التنفيـذ.
وعـن مستقبـل التعاون المغربي الإفريقـي أضاف أن تعزيز التعاون يفـرض نفسـه علـى المغـرب لتقويـة حضـوره السياسـي مـن مدخـل التعاون الاقتصادي، ولإيجاد توازنات فـي علاقاتـه متوسطيـا وعربيـا وافريقيـا، توزانات تؤصـل لتنوع هويتـه الثقافيـة والاقتصاديـة، وهـو ما يستدعي مراجعـة توجهات الدبلوماسيـة السياسيـة وفصلهـا عـن رؤيـة الدبلوماسيـة الاقتصادية، علـى اعتبـار أن التعاون الاقتصادي قميـن بأن يعـدل المواقـف والتوجهـات السياسيـة للدول التـي تعتـرف بالجمهوريـة الوهميـة المزعـومة. ومنـه فإن الفصـل بيـن الدبلوماسيـة السياسيـة عـن نظيرتها الاقتصادية مـن شأنها أن يمنـح المغرب نقـطا ايجابيـة في المجال الاقتصادي والسياسي علـى الأمد المنظـور.
وأوضـح بأن المغرب ملـزم بتنويـع تعاونه وعلاقاتـه مع الدول الإفريقيـة وحتـى مـع الدول التـي لا تنسجـم ورؤيتنـا السياسيـة خاصـة في قضيـة الصحـراء المغربيـة، ذلك أن للمغـرب نقـط قوة علـى المستـوى الشعبـي في عـدد مـن الدول الإفريقية لما تتمتـع به شخصيـة الملك محمـد السادس مـن كارزميـة لدى جماهيـر شعبيـة في دولة مالـي مثـلا وفي دول أخـرى. ويتابـع موضحا أن الأمر بات يتطلـب تجاوز ما وصفـه بالمعضلـة السياسيـة، ونهـج دبلوماسيـة اقتصاديـة مندمجـة بصرف النظر عن التوجهات السياسيـة للدول الإفريقيـة التي تعاكس وحدتنا الترابيـة.
وأجمـع المشاركـون في الندوة علـى أهميـة الدور المغربـي في تعزيـز الاندمـاج الإفريقـي فـي التنميـة الاقتصاديـة والسياسيـة داخـل عـدد مـن الدول الافريقيـة مشيـدين بالنهـج المغربي في قضايا التنميـة والتعليـم الصحـة والنقـل، كمـا شددوا على الدور الفعال الذي بات يلعبه المغرب بعد حصـوله على صفة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربـي لتقويـة تعاون شمـال جنـوب، ينـوب عـن إفريقيا لدفـع الاتحـاد الأوربـي نحـو الأخـذ بمقاربـة تنمويـة أكثـر عدالة تأخـذ بعيـن الاعتبـار وضعيـة الدول الإفريقيـة.
وأكـدوا علـى نموذجيـة التعاون المغربـي الإفريقـي جنـوب - جنـوب تعـزز بعـد قرار المغرب التخلـي عن ديونه المستحقـة لفائدة عـدد مـن الدول الإفريقيـة، وانشغال المغرب بقضايا التنميـة المحليـة للدول الإفريقيـة، ومؤكديـن علـى قوة استراتيجيـة التعاون المغربي في المجالات الاقتصادية والتجارية وفي الملاحة الجوية والاتصالات، لكونها الأقدر علـى تعزيز سبـل الاندماج والوحدة الإفريقيـة، ودعـوا إلى التسريـع بتوقيـع اتفاقيـة تحرير التجارة مع الدول الإفريقية، واستغلال الإمكانيات الهائلـة التي يوفرها الاستثمـار في إفريقيـا.
التعليقات (0)